روسيا في سورية

20 سبتمبر 2015
+ الخط -
يمكن اعتبار أن السياسة الأميريكيّة الجديدة القاضية بتقليص تدّخلاتها فيما يجري في منطقة الشرق الأوسط، كانت الحافز الأساسي لتشجيع روسيا على التدخل العسكري المباشر. كما يمكن الاستدلال على أن التدّخل الروسيّ المُباشر في سوريّة يعد الدليل الأكبر على أنّ الولايات المُتحدّة الأميركيّة سلّمت ببقاء الرئيس الأسد في الحكم، خشيةً من سيطرة تنظيم الدولة الإسلاميّة على بلاد الشام، حيث تُعتبر سورية المنفذ الوحيد في الشرق الأوسط للتدّخل الروسيّ، فالهدف الروسيّ الإيرانيّ الاستراتيجي الرئيسيّ هو انتصار الجيش السوري، وإنهاء الحرب الأهليّة الداميّة في سوريّة، حفاظا على المصالح.
كما أن نزول جنود الجيش الروسي على الأراضي السورية يدل دلالة قاطعة على أن روسيا اتخذت قراراً استراتيجياً مع إيران بالدفاع عن نظام الرئيس السوريّ حتى النهاية، لمنع سقوطه وسقوط مصالحهما معه، وأنّهما ستعملان بكلّ قوتهما، بما في ذلك إنزال قوّات بريّة على الأراضي السوريّة، ربما تشمل وحدات النخبة، علاوة على تزويد النظام بالأسلحة المتطورّة جداً لمُحاربة المُعارضين من جبهة النصرة، وحتى تنظيم الدولة الإسلاميّة والتنظيمات الإسلاميّة الأخرى المُتشدّدّة، علما أن التنظيمات المعارضة لا تمتلك الأسلحة المتطورّة والمُتقدّمة الموازية للسلاحين، الروسي والإيراني، ولا يمكن للتنظيمات الإسلامية الحصول على سلاح متطوّر من أي دولة في العالم، الأمر الذي سيُرجّح كفّة الميزان لصالح الجيش السوريّ والروسي والإيراني وحزب الله اللبنانيّ.
تشير التقديرات إلى أن روسيا زادت كثيراً من الأسلحة التي تزود بها الجيش السوريّ، علاوة على مدّه بأسلحة متطورّة ومنظومات متقدّمة عبر قطار جوي، بالإضافة إلى استخدام الموانئ السوريّة، لتوصيل العتاد بالتنسيق مع إيران، إذ تشمل المعونات الروسيّة لسوريّة المُقاتلات المتطورّة والمروحيات المُقاتلة، فيما يأتي الإعلان الروسيّ عن إجراء مناورة عسكريّة بحريّة قبالة الشواطئ السوريّة بمثابة رسالة إلى الولايات المُتحدّة وتركيّا، بأنّ موسكو ماضية في خطّتها لإنقاذ الرئيس الأسد من السقوط، وأنها ستعمل على دحر تنظيم الدولة، لأنّ الولايات المُتحدّة، فشلت في ذلك.
وعليه، فان التدّخل العسكريّ المُباشر لكلٍّ من طهران وموسكو في سورية يدّلُ على أنّ التنظيمات الإسلامية المعارضة مسّت العصب الحي للنظام، وأنها باتت قاب قوسين أو أدنى من إسقاطه، وأن الحرب في سوريّة دخلت مرحلةٍ جديدةٍ، بهدف إحياء النظام الآيل للسقوط، وإعادة بناء الجيش السوريّ للدفاع عن المصالح الروسية والإيرانية.
الإعلان التركي الرسميّ عن إقامة منطقة عازلة في سوريّة، ربما دفع موسكو إلى الإسراع في التدخل، للحيلولة دون إقامة هذه المنطقة العازلة، كي لا تعيق عمل سلاح الجوّ السوريّ المدعوم روسيا.
كما يمكن اعتبار الفشل الروسي في تشكيل حلفٍ لمُحاربة تنظيم الدولة الإسلاميّة، دافعا آخر للجوء موسكو للتدّخل المُباشر في سوريّة، لمنع سقوط بشّار الأسد.
المغامرة الروسيّة في سوريّة بدأت، والفوائد الإسرائيلية يتوقع أن تكون كبيرة جدًا، إذْ سيعزز التدّخل المُباشر النفوذ الروسيّ في المنطقة، وسيضعف التنظيمات الإسلامية التي تخشاها إسرائيل.
لكن، في المقابل، قد يدفع هذا التدخل الروسي الإيراني المباشر التنظيمات الإسلامية المسلحة والمتصارعة فيما بينها إلى التوّحد في جبهة مقاومة واحدة، ربما تتلقى دعما خليجيا سعوديا لإصرارها على إسقاط الاسد مهما بلغ الثمن، لإيقاف المد الفارسي الإيراني في المنطقة، الأمر الذي ينذر بحدوث مقتلة عظيمة، ربما تختلف كليا عن كل مشاهد الحرب التي شهدنها سابقا.
7B62544C-2905-4EC5-9BF3-8CE568ADF7B0
7B62544C-2905-4EC5-9BF3-8CE568ADF7B0
عماد توفيق (فلسطين)
عماد توفيق (فلسطين)