روسيا تدشن اتفاقات إعادة إعمار سورية

29 ابريل 2016
النظام السوري يوزع كعكة إعادة الإعمار على حلفائه (الأناضول)
+ الخط -
أعلن نظام بشار الأسد، بشكل صريح، مؤخراً، عن فتح باب إعادة إعمار سورية على مصراعيه لروسيا، بعد توقيع عقود بنحو 960 مليون دولار، وهو إجراء فسره محللون بأنها خطوة اقتصادية استباقية تستهدف تمديد بقاء الأسد في السلطة ومنح حلفائه جزءاً من كعكة الإعمار.
وقال رئيس الوزراء السوري، وائل الحلقي، لوكالة "سبوتنيك" الروسية، مؤخراً، إن موسكو استجابت لدعوة المشاركة في إعمار البنية التحتية لسورية، بعد أن وقع البلدان عدداً كبيراً من الاتفاقيات في هذا الإطار، بقيمة 850 مليون يورو (960 مليون دولار)، لافتاً إلى أن بلاده مهتمة بتطوير الشراكة مع الدول الصديقة خلال الفترة المقبلة، وفي مقدمتها روسيا.
وفي هذا السياق، يرى المدير العام السابق بوزارة الصناعة، عدنان تامر، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن ما يحدث ليس عشوائياً، بل ثمة مقايضة بين الروس والأسد، ليبق في السلطة، على الأقل خلال المرحلة الانتقالية المقدرة بـ18 شهراً، حتى يرسخ الروس وجودهم في سورية، مشيراً إلى أن الأسد يوقع بصفته رئيساً معترفاً به دولياً، وهو ما لن تستطيع المعارضة إنكاره أو إلغاءه لاحقاً.
وقال تامر، "إن تجدد دعوة الأسد للشركات بالاستعداد لدخول سورية بقصد إعادة الإعمار لم تقتصر على الصعيد الروسي والإيراني فقط بل أخذت دعوته بعداً دولياً".
ويلفت تامر، لما قاله رئيس البنك الدولي، جيم يونغ كيم، قبل أيام، حول أن تكلفة إعادة إعمار المناطق التي دمرتها الحرب في سورية، قد تصل إلى 180 مليار دولار.
وأكد مصدر مطلع من العاصمة دمشق، طلب عدم ذكر اسمه، أن قراراً شفوياً من "جهات عليا" وصل إلى الوزارات لتقديم قائمة إلى لجنة إعادة الإعمار تتضمن المشاريع والكلف التقديرية بكل قطاع على حدة.
كما أكد المصدر، في اتصال هاتفي، مع "العربي الجديد"، أن ثمة بنية تشريعية (مرسوم من الأسد) ربما تصدر قريباً بهدف تسهيل استدراج عروض شركات عالمية، وأشار إلى أن الجهات المعنية تواصلت مع الملاحق التجارية في سفارات الصين وروسيا وإيران لتلقي عروض فنية ومالية من شركاتهم للعمل في مشاريع إعادة الإعمار، وتم إرسال كتاب رسمي إلى وزارة الخارجية بهذا الخصوص.


وقال المصدر، أن حكومة الأسد تبحث هذه الآونة عن إمكانية تأسيس شراكات بين الشركات المحلية ونظيراتها العالمية بغية الاستفادة من خبراتها، كاشفاً عن وثيقة إعادة إعمار تلقتها سورية من دولة لم يذكرها، تتضمن حلولاً ومقترحات منها تأسيس مصرف لإعادة الاعمار.
وحول استغلال كعكة إعادة الإعمار في إغراء الدول من أجل مساندة النظام الحالي، أكد الاقتصادي السوري محمود حسين، لـ"العربي الجديد"، أنه من السذاجة التفكير أن الأسد غير جاد بإعادة الإعمار، أوالتعامل مع الأمر على أنه ترويج فقط، لأن الأسد وبعد خسارة كل وسائل إغراء الدول والشركات، لم يبق لديه من أوراق اقتصادية سوى إعادة الإعمار في ظل صعوبة خصخصة القطاع الحكومي أوجذب استثمارات في ظل هذه الظروف.
وأوضح حسين، أن كثيراً من الشركات والدول، تسعى لتفاهمات وتوقيع عقود المرحلة الحالية، لتحجز لها مكاناً في اقتناص أكبر جزء من كعكة الإعمار، ولا سيما في المناطق والمدن السورية التي تشهد هدوءاً نسبياً، مشيراً إلى أن خسائر وزارة النفط نتيجة التهديم تجاوزت، وفق بيانات رسمية، 60 مليار دولار، وزاد عدد المنازل المهدمة عن مليوني مسكن، ويعد ذلك عامل إغراء لاستقطاب الرساميل العالمية وتمويل عملية إعادة الإعمار. وأوصى حسين، المعارضة بسرعة التحرك في هذا الملف قبل أن تبدأ الدول في تنفيذ عقودها.
بدوره أكد عضو الائتلاف السوري المعارض نصر الحريري، لـ"العربي الجديد" أن عملية إعادة الإعمار وإعطاء الاستثمارات للروس والإيرانيين، لا يمكن أن تمر هكذا، بل "لن نقبل بأي اتفاق يوقعه الأسد بهدف بقائه على الكرسي"، وهو ما أكده وزير النفط بالحكومة المؤقتة ياسين نجار، خلال تصريحات سابقة لـ"العربي الجديد"، قائلاً إن العقود التي يبرمها نظام الأسد بعد الثورة، مع الدول التي تسانده بالحرب، لاغية من نظر الائتلاف والحكومة المؤقتة.
وكان الأسد، طرح ملف إعادة إعمار سورية مجدداً، خلال حديثه الشهر الماضي لوسائل إعلام روسية، ولم يكتف بالإشارة للأضرار الناجمة عن الحرب والتي قدرها بنحو 200 مليار دولار، بل قال إن عملية إعادة الإعمار رابحة بجميع الأحوال بالنسبة للشركات التي ستساهم فيها.

المساهمون