على الرغم من عدم الكشف عن تفاصيل المحادثات التي عقدت بين رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني في ليبيا، فايز السراج، ووزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في موسكو، أمس الخميس، إلا أن ثمة شبه إجماع بين الصحف الروسية على أن روسيا تسعى لزيادة دورها في الوساطة بين مركزي السلطة في طرابلس (السراج) وطبرق (الجنرال المتقاعد خليفة حفتر).
وفي مقال بعنوان "روسيا تعود إلى ليبيا"، نشر بصحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" في عددها الصادر اليوم الجمعة، يعتبر كاتبه أن الهدف من زيارة السراج هو "محاولة تسوية الخلاف بين مركزي السلطة في ليبيا بوساطة موسكو".
ويشير كاتب المقال إلى أن "انحياز موسكو لاتفاق الصخيرات، ووقوفها على المسافة نفسها من طرابلس وطبرق، يأتيان بثمارهما"، إذ "تتوفر لدى روسيا، بصفتها وسيطا يحظى بثقة الطرفين، كافة الفرص لأداء دور هام في المصالحة الوطنية للبلاد واستعادة وحدتها، وإعادة إحياء عملية المصالحة التي بدأت في القاهرة".
وحول موقف الغرب من الجهود الروسية في ليبيا، يضيف: "تبدي القوى الغربية حساسية لنشاط موسكو على المسار الليبي وزيادة نفوذها في ليبيا والمنطقة. تثير الاتصالات مع حفتر قلقا خاصا، إذ تكاد (الدول الغربية) ترى وراءها محاولات تطويق الجناح الجنوبي للحلف الأطلسي بقواعد عسكرية روسية تمتد من مصر إلى المغرب".
وذكرت صحيفة "فزغلياد" أن روسيا تعتزم إقامة علاقات مع القيادة الليبية أيا كانت، معتبرة أن تجاوز الخلافات بين حفتر والسراج سيكون المخرج الأفضل من الوضع.
ونقلت الصحيفة عن المحلل السياسي والدبلوماسي السابق، فياتشيسلاف ماتوزوف، قوله إن زيارة السراج إلى موسكو كانت "اضطرارية"، إذ إن روسيا بدأت بتطوير علاقاتها مع الأطرف الليبية الأخرى بنشاط.
وأعرب ماتوزوف عن ثقته في أن أي طرف سياسي في ليبيا، بمن في ذلك حفتر، مستعد في الوقت الحالي لتقديم وعود لموسكو بالوفاء بالالتزامات الاقتصادية، وذلك في إشارة إلى العقود المبرمة في عهد العقيد الليبي معمر القذافي.
كذلك، اعتبرت صحيفة "كوميرسانت" أن دعوة السراج إلى موسكو جاءت "خطوة جديدة على نحو كيفي لموسكو لإقامة اتصالات مع اللاعبين الأساسيين في السياسة الليبية".
وأشارت الصحيفة إلى أنه "بعد زيارة السراج، تحصل موسكو على فرصة التواصل مع طرفي النزاع الليبي في آن معاً، متطلعة إلى دور مركزي في التسوية المستقبلية".
وفي السياق نفسه، أعلنت روسيا، اليوم الجمعة، عن استعدادها للعمل بشكل وثيق مع كل الأطراف الليبية للوصول إلى "حلول مقبولة والمساعدة في بناء الدولة".
وشددت وزارة الخارجية الروسية، في بيان رسمي، على أهمية "إطلاق حوار ليبي - ليبي شامل، بهدف توحيد المؤسسات الحكومية، بما فيها الجيش والشرطة، لتكون قادرة على فرض الأمن وسيادة القانون والتصدي بشكل فاعل للتهديد الإرهابي". وأشارت إلى أنها "مستعدة لبدء اتصالات مكثفة مع كل الأطراف الليبية، بغية تسهيل الوصول إلى حلول مقبولة قادرة على تهيئة الشروط الملائمة للتنمية المستدامة في ليبيا كدولة موحدة وذات سيادة ومستقلة".
وكان لافروف قد أعرب، خلال لقائه مع السراج أمس، عن "اهتمام موسكو بدعم ليبيا في تجاوز صعوباتها"، قائلاً "نتضامن مع الشعب الليبي الذي يتعرض ربما لأخطر اختبار في تاريخه. تم انتهاك وحدة الشعب الليبي ووحدة الأراضي الليبية".
ورافق رئيس حكومة الوفاق، نائبه، أحمد معيتيق، ووزير خارجية الحكومة، محمد سيالة، بالإضافة إلى رئيس جهاز الحرس الرئاسي، نجمي الناكوع، ونائب رئيس البرلمان، امحمد شعيب.
وتأتي زيارة السراج إلى موسكو بعد سلسلة اتصالات أجرتها روسيا مع حفتر، الذي تلقى تعليمه في الاتحاد السوفييتي.
وقام حفتر بزيارتين إلى موسكو في العام الماضي، والتقى خلالهما وزيري الدفاع، سيرغي شويغو، والخارجية، سيرغي لافروف، ونائبه، ميخائيل بوغدانوف، وسكرتير مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف.
وفي يناير/كانون الثاني الماضي، صعد حفتر إلى متن حاملة الطائرات الروسية "الأميرال كوزنيتسوف" التي كانت في طريق عودتها من سورية.