وبدأ الرئيس الإيراني اليوم زيارته للعراق، التي تستمر ثلاثة أيام، ويتوقع لها أن تشهد انفتاحاً اقتصادياً بين البلدين.
وترأس عبد المهدي وروحاني جلسة المباحثات المشتركة التي بدأت عصر اليوم، بحضور وزراء ومسؤولين من أعضاء وفدي البلدين. وبحسب بيان لمكتب رئيس الوزراء العراقي، فإنّ الجلسة "تناولت استمرار التعاون في مجال مكافحة الإرهاب وتعزيز جهود الأمن والاستقرار، وبحث التعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية والعديد من الملفات المشتركة وفي مقدمتها النفط والزراعة والإعمار والاستثمار والصحة والنقل والمناطق الصناعية والمنافذ الحدودية".
وحضر جلسة المباحثات المشتركة عن الجانب الإيراني، وزراء الخارجية والداخلية والصناعة والمناجم، ومحافظ المصرف المركزي الإيراني، ووكلاء عدد من الوزارات والسفير الإيراني في بغداد، فضلاً عن كبار المسؤولين والمستشارين، فيما حضر عن الجانب العراقي وزراء النفط والخارجية والإعمار والإسكان والتجارة، والصناعة والمعادن والنقل ومحافظ المصرف المركزي العراقي وسفير العراق لدى إيران، وعدد من وكلاء الوزارات والمستشارين والمسؤولين في الحكومة العراقية. ومن المتوقع، أن يوقع الطرفان مذكرات تعاون تشمل مجالات عديدة.
وأكد مسؤول قريب من المفاوضات لـ"العربي الجديد"، استمرار المباحثات، وأنها "ستنتهي بعدد من مذكرات التفاهم الجديدة"، مبيناً أنّ "الجانبين سيشكلان لجاناً مشتركة تدرس إمكانية تعزيز التفاهمات المشتركة، وخاصة الاقتصادية والتجارية، كما ستقدّم مقترحات مشاريع جديدة تخدم البلدين".
ومهّدت لزيارة روحاني زيارات سابقة للعراق قام بها مسؤولون إيرانيون، على رأسهم وزير الخارجية محمد جواد ظريف، الذي زار البلاد في شهر فبراير الماضي، واستمرت جولته خمسة أيام، أعقبتها زيارة مساعد وزير الخارجية عباس عراقجي.
كما عاود ظريف ليل أمس الأول، زيارته لبغداد، فيما يجول السفير الإيراني في بغداد، إيريج مسجدي، على عددٍ من المحافظات العراقية.
وأكد روحاني، خلال مؤتمر صحافي عقده مع نظيره العراقي برهم صالح في بغداد، وجود مجالات واسعة للتعاون المشترك مع العراق، وأنّ المحادثات مثمرة مع الجانب العراقي سياسياً واقتصادياً.
وقال روحاني: "علاقاتنا مع العراق ليست جديدة، بل تعود إلى آلاف السنين، دينية وثقافية وتاريخية وإقليمية"، مؤكداً: "لن نستغني عن علاقاتنا مع العراق، بل نبذل الجهود لتطويرها".
وأكد وجود مجالات واسعة للتعاون المشترك بين العراق وإيران، مشيراً إلى أنّ "المحادثات جيدة، ولا توجد نقاط خلاف بيننا، ونبذل الجهود لتأمين مصالحنا وتعزيز علاقاتنا مع العراق".
وأوضح: "ناقشنا ملفات التجارة، والاستثمارات، والمدن التجارية المشتركة، والمناطق الحدودية المشتركة، والزوار، والطاقة والغاز، والبترول والمصارف، والطرق والسكك الحديدية والممرات المائية والبيئة"، مضيفاً: "كما ناقشنا القضايا السياسية الإقليمية والدولية".
وأشار: "كنّا إلى جانب العراق وجيشه خلال الأيام الصعبة التي مرت عليه، ونريد أن نكون بجانبه اليوم لتوفير أرضية لنستقبل الآخرين ليكونوا معنا"، مضيفاً: "الذي يهمنا هو أمن العراق والديمقراطية التي نراها في العراق". وأكد أن "للعراق دوراً كبيراً في تأمين الاستقرار بالمنطقة".
من جهته، قال الرئيس العراقي خلال المؤتمر: "يجب أن ننتقل بالعلاقات بين العراق وإيران إلى فضاء أرحب"، مؤكداً أنّ "العراق محظوظ بجيرانه".
وأضاف أنّ "العراق يشكل اليوم الملتقى بين دول المنطقة"، داعياً إلى "خلق منظومة متكاملة من المصالح المشتركة".
وذكرت وكالة الأنباء العراقية الرسمية، أن روحاني وصل إلى بغداد على رأس وفد رفيع المستوى. وبحسب مصادر حكومية، فإن ملفات سياسية وأمنية واقتصادية ستتم مناقشتها خلال الزيارة.
وقبيل مغادرته إيران إلى بغداد، قال روحاني من مطار مهر آباد إن "علاقات طهران مع بغداد لا تقارن بعلاقات الأخيرة مع الاحتلال الأميركي"، معتبراً أن "العلاقات الإيرانية - العراقية متميزة، وخاصة أن زيارتي تهدف إلى تطويرها".
وفيما تتعرض إيران لعقوبات أميركية مشددة، بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي في مايو/ أيار 2018، نقلت وكالة "إرنا" الإيرانية عن روحاني قوله، إن "إيران بإمكانها أن تؤمن كثيراً من حاجاتها من العراق"، مضيفاً أنه يحمل مشاريع مهمة في هذه الزيارة التي يرافقه فيها وفد سياسي واقتصادي كبير.
وأوضح الرئيس الإيراني أنه سيبحث مع العراقيين تطوير شبكة النقل بين البلدين، وإنشاء مدن صناعية، وقضايا بيئية وحدودية، معرباً عن أمله أن يصل حجم التبادل التجاري مع العراق من 12 مليار دولار في الوقت الراهن إلى 20 مليار دولار خلال السنوات المقبلة.
ووفق مراقبين، فإن إيران تجد في العراق رئة للتنفس بعد اختناقها من جراء العقوبات الدولية.
إلى ذلك، أكد مصدر حكومي عراقي مطّلع، أن ملفات عديدة ستتم مناقشتها خلال زيارة الرئيس الإيراني، موضحاً لـ"العربي الجديد" أن الجانبين سيبحثان مستقبل العراق والمنطقة مع قرب القضاء على تنظيم "داعش" الإرهابي في سورية.
وأشار إلى وجود توافق عراقي - إيراني على ضرورة إنهاء مظاهر العنف في سورية مع قرب خلاصها من تنظيم "داعش"، مبيناً أن قضايا سياسية وأمنية أخرى ستتم مناقشتها أيضاً، من بينها التهديدات التي سبق أن أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضد طهران، وحديثه عن استخدام العراق منطلقاً لضرب إيران.
ولفت إلى أن العراق وإيران سيبحثان مسائل اقتصادية وتجارية تهم الجانبين، فضلاً عن موقف بغداد من تبعات العقوبات الأميركية، التي سبق أن فرضتها واشنطن على طهران.
وكان مسؤول بمكتب رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، قد كشف لـ"العربي الجديد"، الإثنين عن ملفات أخرى ستبحثها الزيارة، أبرزها أن "زيارة روحاني ستكون بهدف التوقيع على اتفاقيات وتفاهمات سابقة أنجزت بين اللجان العراقية والإيرانية منذ مدة، من بينها مذكرات تفاهم اقتصادية وتجارية وسياسية واتفاقات تتعلق بالحدود والمياه المشتركة بين البلدين".
وأضاف أن "الزيارة تهدف لتصفير مشاكل تمتد لعقود طويلة، مثل حقول النفط المشتركة، وترسيم الحدود بين البلدين، ومصادر المياه وملف التبادل التجاري، وأيضاً إنشاء مصرف عراقي - إيراني مشترك، وإلغاء تأشيرات الدخول بين البلدين"، فضلاً عن الاتفاق على افتتاح قنصليات إيرانية جديدة في محافظات عراقية.
ويأمل الجانبان الإيراني والعراقي أن تنجح الزيارة في حسم ملفات خلافية، على رأسها ملف ترسيم الحدود، إذ قال رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، في وقت سابق، تعليقاً على زيارة روحاني المرتقبة إلى بغداد: "إننا عازمون خلالها على حسم ملفات استراتيجية مع الرئيس الإيراني".
ونقلت وكالة "إيسنا" الإيرانية عن السفير الإيراني لدى بغداد إيرج مسجدي، قوله في وقت سابق، إن روحاني سيلتقي خلال الزيارة الرئاسات الثلاث، ثم يذهب إلى مدينة النجف لزيارة العتبات المقدسة واللقاء مع المرجع الديني العراقي علي السيستاني.
إلى ذلك، دعا وزير النقل العراقي الأسبق عامر عبد الجبار، الحكومة العراقية إلى استغلال زيارة روحاني، من أجل طرح ملفات مهمة عالقة مع إيران وفقاً لسياسة التعامل بالمثل التي أشار إليها الدستور في مادّته الثامنة، مطالباً في بيان الفريق العراقي المكلف بالتفاوض مع الإيرانيين بإعادة مجرى شط العرب الواقع على الحدود بين البلدين إلى وضعه الطبيعي، ومنح العراق حصّته الطبيعية من الأنهار الواقعة على الحدود العراقية - الإيرانية، وتوحيد الجهود الأمنية من أجل وقف تهريب المخدرات إلى العراق.
من جهته، اعتبر المستشار السابق بالحكومة العراقية رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، أن اختناق إيران نتيجة للمقاطعة الدولية دفعها للتفكير في العراق كرئة سياسية للتسويات بسبب مقبوليته السياسية، مضيفاً في حديث على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: "فضلاً عن اعتماده كرئة اقتصادية في ظل العقوبات المفروضة عليها".