روبوت جراح في غرفة جراحة العيون

10 مايو 2017
(تقنية الجراحة بالليزر، تصوير: ستيف تشين)
+ الخط -
في سابقة طبيّة، استخدم أطباء جرّاحون روبوتاً لإجراء عملية جراحية داخل العين البشرية، مُحسّنين كثيرًا من دقّة العملية الجراحية الحساسة لإزالة غشاء رقيق يُوجد على شبكية العين. تزايد نمو مثل هذا الغشاء يشوّش الرؤية، ويتسبّب في حالة تُدعى غشاء بقعياً، وهو سبب شائع من أسباب ضعف البصر. وإن لم يتم استئصاله، يُمكن أن يؤدي لفقدان البصر في العين المصابة.

الشبكية هي طبقة رقيقة داخلية للعين تُحوِّل الأشعة الضوئية إلى نبضات عصبية ومن ثم يُترجمها الدماغ على هيئة صور.

هذا الغشاء عبارة عن ندبة على شبكية العين تعمل كشريط يحجب الرؤية الواضحة أو يشوّه شكل الشبكية ويُحسّن إزالته للرؤية، لكن إجراء عملية جراحية لاستئصاله بدون الإضرار بالشبكية أمرٌ معقدٌ للغاية؛ لأن سُمكه يعادل 10 ميكرونات (حوالى عُشر عرض شعرة إنسان).

ولإجراء العملية بدقّة عالية تتناسب مع حساسيتها، طوّر فريق الباحثين على مدار 10 سنوات تقريبًا نظامًا روبوتيًا. والآن من المألوف إجراء عمليات جراحية بمساعدة روبوت، خاصّة العمليات الجراحية الخاصّة باستئصال الأورام السرطانية والأنسجة المُصابة، كما في حالات استئصال الرحم واستئصال البروستاتا. لكن لم يُجرّب مطلقًا على العين البشرية، نظرًا لما تتطلّبه من دقّة شديدة للغاية.

ونظرًا لطبيعة شبكية العين الحسّاسة وضيق الفتحة حيث تُجرى العملية الجراحية، يمكن أن يتسبّب حتى أكثر الجراحين مهارة في إحداث نزف ضئيل وتندُّب في الشبكية، من المحتمل أن يؤدّيا إلى أشكال أخرى من ضعف البصر، ووفقًا للباحثين الذين أجروا العملية الجراحية الجديدة باستخدام الروبوت في تجربة مصغّرة فإن التنبّض الدموي عبر يدي الجراح ذو تأثير كاف على دقّة القطع.

وفي التجربة، في مستشفى في المملكة المتّحدة، أجرى الجرّاحون عمليات جراحية لإزالة الغشاء لـ 12 مريضًا؛ خضع ستة من هؤلاء المرضى لعمليات تقليدية، والستة الآخرون خضعوا للتقنية الروبوتية الجديدة. وأوضحت النتائج أن المجموعة الثانية من المرضى تعرّضت لحدوث نزف أقل بكثير في الشبكية وكذلك حدوث القليل من الضرّر لها.

من جهته قال دكتور ربورت ماكلارين، أستاذ طب العيون في جامعة أوكسفورد في المملكة المتحدة، والذي ترأس فريق الدراسة وأجرى بعض العمليات الجراحية "إن التقنية بمثابة كشف لمستقبل جراحة العيون"، وذلك خلال تصريح له عرض فيه النتائج (هذا الأسبوع؛ يوم 8 مايو/ أيّار) في الاجتماع السنوي لجمعية بحوث البصر وطب العيون (ARVO) في مدينة بالتيمور الأميركية. كما قال مارك دي سميت، المُساهم في تصميم الروبوت "إننا برهنا على توافر السلامة في إجراء هذه العملية الحساسة. فيمكن للنظام الروبوتي توفير دقّة أعلى بـ 10 مرّات مما يوفّرها الطبيب الجراح".

اُخترع النظام الروبوتي في عام 2011، وفي عام 2015 ثبتت جدوى استخدامه على الخنازير، التي يماثل حجم عيونها حجم عيون البشر. وكان الاستخدام الأوّل للنظام على البشر، في سبتمبر 2016 وذلك باستخدامه في إجراء عملية جراحية لقسيس من أكسفورد، إنكلترا، عمره 70 عامًا. بناءً على هذه العملية الناجحة، أجرى الفريق دراسة على 11 مريضاً آخرين خلال تجربة سريرية عشوائية، آملين في قياس مدى دقة النظام الروبوتي مقارنة بدقّة اليد البشرية. وجاءت النتائج في صالح النظام الروبوتي.

يعمل الروبوت كيد ميكانيكية ذات سبعة محرّكات، يمكنها التحرّك بدقة تعادل ميكرون. يعمل الروبوت داخل العين عبر فتحة قطرها أقل من ميلّيمتر ويدخل ويخرج من العين عبر الفتحة نفسها في أثناء خطوات الإجراء المتنوّعة. لكن الطبيب الجراح هو المتحكّم في الروبوت، مستخدمًا عصا تحكم وشاشة تعمل باللمس لتحريك يد الروبوت، بينما يراقب التنقلّات عبر ميكروسكوب جراحي.

يأمل ماكلارين في أن يستخدم النظام الروبوتي في المرّة القادمة لوضع إبرة دقيقة تحت شبكية العين وحقن سائل من خلالها، مما قد يساعد في شبكية العين باستخدام المعالجة الجينية الجديدة والواعدة في معالجة فقدان البصر "العمى".


(النص الأصلي)

المساهمون