روبرت داوني: نهاية اللعبة

29 ابريل 2020
لم يستطع جونيور تخطّي شخصيته مع "مارفل" (Imdb)
+ الخط -
منذ انطلاقه في عالم السينما منتصف الثمانينيات، حجز الممثل الأميركي روبرت داوني جونيور مكانة رفيعة بين صفوف الممثلين الأكثر شهرة في العالم، حتى أصبح واحدًا من أهم نجوم السينما وأعلاهم أجرًا، ولا سيما في السنوات العشر الأخيرة.

أفلام عديدة وناجحة قدمها روبرت في بداية مسيرته، إلا أن اختياره لفيلم "تشابلن" عام 1992، من قبل المخرج البريطاني ريتشارد أتينبورو، وتجسيده لشخصية تشارلي تشابلن الكوميدية الأكثر شهرة في العالم، دفعت بروبرت، بعد أداء مبهر ومقنع، إلى الصفوف الأمامية. عام 2009، لعب روبرت شخصية المحقق الشهير "شيرلوك هولمز" في واحد من أفضل أفلام المخرج البريطاني جي ريتشي، الذي حمل عنوانه اسم المحقق نفسه، ثم قدم الجزء الثاني من السلسلة عام 2011. حقق كلا الجزأين نجاحًا جماهيريًا واسعًا بميزانية بلغت 215 مليون دولار، وعائدات تجاوزت عتبة المليار دولار أميركي.
نجاحات روبرت في تقديم شخصية المحقق هولمز في الجزء الأول منه سبقها نجاح واسع حين قدم عام 2008 واحدًا من أشهر أفلام الأكشن والخيال، والتي جعلت منه شركة مارفل المنتجة للفيلم، هدفًا لبدء سلسلة طويلة من أفلام الأبطال الخارقين في عالم افتراضي دائري مكون من 24 فيلمًا، افتتحتها بفيلم "الرجل الحديدي" عام 2008، الذي أدى دوره روبرت بشخصية الملياردير والمخترع العبقري توني ستارك.
توالت مشاركات روبرت بعد هذا العمل، على مدار عقد من الزمن، لتمتد إلى تسعة أفلام ضمن هذه السلسلة الطويلة والناجحة في عالم الكوميكس. ابتدأت مارفل بتنفيذ المرحلة الرابعة من عالمها السينمائي بعد النجاح الهائل الذي حققته المراحل الثلاث الأولى، والتي انتهت مع فيلم "المنتقمون: نهاية اللعبة"، الذي تربع بدوره على عرش أعلى الأفلام تحقيقًا للإيرادات في تاريخ السينما، وانتهت معه شخصية الرجل الحديدي بعدما ضحت به مارفل في النهاية.
بالرغم من المهارة والحرفية اللتين تنشدهما أي شخصية سينمائية ناجحة، يبقى الاختبار الأصعب للممثل انتزاع شخصية جديدة من عباءة السابقة وحضّها لتكوين كيان أدائي مستقل، ولا سيما إذا كان الممثل قد ارتبط اسمه بشخصية جذابة وناجحة لعدة سنوات من الزمن. ظهرت علامات هذا الاختبار بشكل جلي في الفيلم الأخير لروبرت، حمل عنوان "دوليتل"، وهو فيلم مغامرة خيالي اجتماعي خفيف، من إخراج ستيفن غاغان، مبني على رواية The voyages of Doctor Dolittle للكاتب البريطاني الشهير هيو لوفتينغ. يقدم روبرت من خلاله شخصية الدكتور دوليتل الذي يستطيع التحدث والتخاطب مع الحيوانات. كان الجمهور والنقاد ودور السينما على موعد مع شخصية جديدة وضعت تحت المراقبة والتحليل، لمعرفة ما إذا كان سيستطيع روبرت الانسلاخ عن شخصية توني ستارك (الرجل الحديدي) التي التصقت به قرابة أكثر من 10 سنوات. لكن العمل جاء مخيبًا للتوقعات، بشكل مفاجئ، ولم يحصل على استحسان النقاد والمتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي. على موقع IMDB الشهير مُنح تقييم 10/5.6، ومنحه موقع "روتين توميتو" تقييمًا نسبته %15. طبعًا هناك أسباب عديدة وواضحة جعلت العمل في أدنى مستوياته. بدءًا من الإخراج والمعالجة السينمائية والحبكة الضعيفة التي لم تستطع خلق جو تحفيزي ومشجع بعد الربع الأول من بداية الفيلم، فضلًا عن أداء روبرت الركيك ولهجته غير المقنعة، بالإضافة إلى الحوارات الضعيفة وقصة الفيلم الركيكة غير المنسجمة مع أسماء وشخصيات مهمة وشهيرة ضمها العمل إلى جانب روبرت جونيور، مثل أنطونيو بانديراس ومايكل شين.
فضلًا عن مؤدي الأصوات والدبلجة مثل المغنية سيلينا غوميز والمصارع جون سينا والممثلة إيما ثومبسون وتوم هولاند ورامي مالك وغيرهم. وللأسف، رغم وجود هذه الاسماء، إلا أن شخصياتهم افتقرت وبشكل واضح للعمق النفسي والحسي الدرامي، وإن كانت المؤثرات البصرية والصوتية خير ما قدمه العمل الذي يصلح للأطفال فقط كأبعد تقدير، إلا أن ذلك لا يشفع للفيلم وطاقمه وعلى رأسهم المخرج. 
يبدو أن بداية روبرت داوني جونيور، بعيدًا عن درعه الحديدي، جعلته في ورطة غالبًا ما يقع فيها عدد كبير من المشاهير، وفي حال استثنينا عوامل وأدوات أي فيلم ناجح، فإن ولادة شخصية جديدة تكسر سابقتها تبقى أمراً غير سهل، حتى وإن كان الممثل على قدر كبير من الخبرة والفطنة التمثيلية.
المساهمون