"مصائب قوم عند قوم فوائد"، مثل شعبي يردده المصريون كثيراً في ظل استفادة بعض الفئات من الأزمات التي تواجهها البلاد خلال السنوات الأخيرة، وينطبق هذا المثل على مسعد الكفراوي الذي يمتهن حرفة إصلاح الأجهزة الكهربائية في منطقة عين شمس بالعاصمة المصرية القاهرة، والذي استفاد من أزمة انقطاع التيار الكهربائي المتكررة خلال الفترة الماضية، والتي تسببت في زيادة أعطال الأجهزة الكهربائية.
يقول الكفراوي، لـ"العربي الجديد"، إنه مع زيادة الأحمال على شبكة الكهرباء خلال الصيف الماضي بالقاهرة وزيادة انقطاع التيار عن البيوت، يزداد نشاطه في إصلاح الأجهزة الكهربائية
بمختلف أنواعها، بداية من الثلاجات وحتى المراوح التي تلطّف من درجة الحرارة في الصيف ويزاداد استعمالها في هذا الموسم، مشيراً إلى أن التيار شهد انقطاعات متكررة حتى في موسم الشتاء ولكن بشكل أقل من الصيف.
وأضاف أن انقطاع التيار باستمرار يؤدي إلى تعطيل الأجهزة الكهربائية، خاصة التكييف والثلاجات والمراوح، والتي تشهد رواجاً في مبيعاتها مع اقتراب موسم الصيف.
ويرى الكفراوى أن الأجهزة الكهربائية الموجودة في مصر في الوقت الحالي هي من أسوأ الأنواع، حيث يتم استيرادها من الصين بأسعار زهيدة وكفاءة ضعيفة دون وجود ضمان للمشتري وغياب دور جهاز حماية المستهلك.
وقال: "إن المستهلك عليه أن يحمي نفسه عند شرائه للأجهزة، عبر الاستعانة بالمتخصصين، حيث شهدت الفترة الأخيرة عمليات غش واسعة".
وتابع الكفراوي أن العديد من محلات وسط القاهرة تعمل في بيع الأجهزة المغشوشة التي تحمل أسماء الماركات العالمية دون رقابة من الأجهزة المختصة، ومنها وزارة التموين والتجارة الداخلية.
وأضاف أن سعر إصلاح أعطال الأجهزة الكهربائية يختلف حسب ثمن قطع الغيار، أو نوع الجهاز ومدى الحاجة إليه، فمثلاً يختلف سعر إصلاح الثلاجة عن المروحة أو التلفزيون أو الأجهزة الأخرى.
لكن على الرغم من زيادة نشاط الكفراوي خلال فترة الصيف، إلا أنه قال: "أعمل بقدر الإمكان على جذب المتعاملين مع الورشة، وهذا يستلزم خفض الأسعار، ما يعني تراجع الدخل"، موضحاً أنه يعمل في منطقة شعبية وزبائنها ذوو مستوى دخول منخفضة.
ويروي قائلاً: "تعد أشهر الصيف ذروة العمل لدى العاملين بالمهنة، خاصة بأجهزة التكييف والثلاجات والمراوح، التي لا يستطيع منزل العيش بدونها في مصر في الوقت الحالي، بسبب الارتفاع الكبير في درجات الحرارة والرطوبة".
وأبدى الكفراوي رغبته في عدم الإفصاح عن دخله اليومي، إلا أنه قال إن الدخل يزداد صيفاً بمعدلات كبيرة تصل إلى 10 أضعاف العمل شتاءً. وأضاف أن الصيف يشهد تزايداً في الأحمال على شبكات الكهرباء ما يؤدي إلى انقطاع التيار لأكثر من مرتين يومياً في معظم المناطق.
ووصل العجز في توليد الكهرباء في مصر، خلال أشهر الصيف الماضي، إلى نحو 6000 ميجاوات مع ارتفاع درجة الحرارة، وفقاً لجهاز تنظيم مرفق الكهرباء التابع لوزارة الكهرباء والطاقة الجديدة.
وقال وزير الكهرباء المصري، محمد شاكر، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، إن وزارته تعمل على إدخال 3600 ميجاوات إضافية خلال أشهر الصيف المقبل للتغلب على زيادة الأحمال الكهربائية، والانقطاعات المتكررة للتيار.
وأضاف أن قطاع الطاقة المصري سيتم إعادة هيكلته بالكامل خلال السنوات الخمس المقبلة في إطار استراتيجية الدولة بالتوسع في توليد الكهرباء من طاقة الشمس والرياح.
وتوقع مسؤول في وزارة الكهرباء، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن تتراجع انقطاعات
التيار الكهربائي خلال أشهر الصيف المقبل. وأرجع المسؤول، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، سبب التراجع إلى أن الحكومة ستعمل على توجيه نسبة كبيرة من إمدادات الغاز الطبيعي إلى محطات توليد الكهرباء، بدلاً من توجيهها للمصانع، خاصة الأسمدة والبتروكيماويات.
وطبقاً للمسؤول، فإن أزمة الطاقة تؤثر سلباً على الصناعة، في ظل استمرار عدم فاعلية وكفاءة محطات توليد الكهرباء حتى الوقت الحالي واستخدام مازوت في التوليد غير مطابق للمواصفات الفنية، ما يؤثر سلباً على أدائها.
وكان قطاع الكهرباء قد أعلن في وقت سابق، عن حاجته لنحو 12.5 مليار دولار للقضاء على انقطاع التيار الكهربائي.
ولجأت مصر إلى التعاقد مع الاحتلال الإسرائيلي لاستيراد الغاز الطبيعي لمواجهة أزمة الطاقة الخانقة التي تعاني منها البلاد.
اقرأ أيضاً:
أسواق غزة تصارع الركود تحت سياط الحصار