رهان الدعم الخارجي... الأردن يترقب مؤتمر لندن لإنقاذ اقتصاده المتأزم

27 يناير 2019
الأزمة الاقتصادية انعكست سلباً على معيشة المواطنين (Getty)
+ الخط -
يتطلع الأردن  باهتمام كبير إلى مؤتمر لندن الذي تستضيفه المملكة المتحدة في الثامن والعشرين من الشهر المقبل لدعم اقتصاده الذي يعاني من تحديات كبيرة وتراجع خلال السنوات الماضية بسبب الاضطرابات في المنطقة واستضافته لأكثر من 1.4 مليون لاجئ سوري إلى جانب ازدياد الضغوطات  المالية على الموازنة العامة، ما أدى إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية واستمرار الاحتجاجات الشعبية بسبب تراجع الأوضاع المعيشية.

وأعلنت وزارة  التخطيط والتعاون الدولي أن مؤتمر لندن لدعم الاقتصاد والاستثمار في الأردن ستشارك فيه الدول السبع الكبرى والبلدان المانحة بالإضافة إلى مؤسسات دولية رائدة في مجال التمويل والاستثمار.

وقالت الوزارة في بيان، أخيرا، إن المؤتمر يهدف إلى حشد دعم الدول المانحة والمستثمرين الدوليين للأردن، وذلك من أجل المساهمة بتعزيز قدرته على الاعتماد على الذات وتحقيق نموٍّ اقتصاديٍّ عادل ومستدام.

وقد اضطرت الحكومة لاتخاذ إجراءات عديدة في السنوات الأخيرة تمثلت بزيادة الأسعار والضرائب ورفع الدعم عن السلع الأساسية بهدف تخفيض عجز الموازنة، ما أدى إلى احتجاجات تسببت بإسقاط الحكومة السابقة برئاسة هاني الملقي.

وانتقد الأردن أكثر من مرة عدم استجابة المجتمع الدولي لخطة الاستجابة للأزمة السورية وما نجم عنها من استنزاف للموارد في الأردن وزيادة الضغوطات المالية على الموازنة نتيجة لارتفاع الإنفاق على اللاجئين السوريين، وخاصة على قطاعات الصحة والتعليم والمياه.

وقالت وزارة التخطيط إن نسبة التزام المجتمع الدولي تجاه خطة الاستجابة بلغت العام الماضي حوالي 1.03 مليار دولار وبنسبة 41.7% من الاحتياجات الواردة في الخطة للعام 2018.

وبلغت خطة الاستجابة للأزمة السورية 7.3 مليارات دولار للفترة 2018/ 2020، وبواقع 2.4 مليار دولار لكل عام، والتي تم إعدادها من قبل الأردن والمجتمع الدولي.

وقالت وزيرة التخطيط والتعاون الدولي ميري قعوار، لـ"العربي الجديد": "لقد قامت الحكومة الأردنية، وبدعم من البنك الدولي والشركاء الرئيسين التنمويين، بإعداد (مصفوفة) وإجراءات للإصلاح الاقتصادي لخمس سنوات (2018/ 2022)، والتي تتضمن عددا من الإصلاحات على مستوى السياسات والبرامج والإجراءات التي من شأنها تحفيز النمو الاقتصادي وتحويله إلى اقتصاد مولد لفرص العمل".

وأضافت الوزيرة الأردنية أنه سيتم إطلاق هذه "المصفوفة" والإجراءات في مؤتمر لندن المقبل، والذي يهدف إلى حشد دعم الدول المانحة ومؤسسات التمويل الدولية والمستثمرين الدوليين للأردن ودعم وتمويل تنفيذ الإصلاحات التي ينفذها الأردن وطرح خطة لإشراك القطاع الخاص في التنمية وإدخال مستثمرين جدد وتوسيع السوق الأردني.

وقالت: "تهدف هذه الإجراءات إلى تعزيز الاستقرار للاقتصاد الكلي للأردن وتطوير رتبته إلى مرحلة أعلى وتحسين بيئة الأعمال وزيادة التنافسية وتحسين سوق العمل من خلال وضع التشريعات والسياسات المناسبة".

كما تتضمن المصفوفة التي حصلت عليها "العربي الجديد"، إصلاحات ذات أولوية مرتبة تباعاً لتنفيذها ضمن إطار زمني محدد على مستوى أفقي وعمودي في عدة مجالات، من أبرزها متابعة الإصلاحات القائمة على مستوى الاقتصاد الكلي وتحسين عملية رسم السياسات المالية وخفض تكاليف الأعمال وتطوير التشريعات الناظمة وزيادة التنافسية.

وتؤكد المصفوفة أيضا على توجيه الاستثمار الأجنبي المباشر وتعزيز تنمية الصادرات (للمنتجات ‏والخدمات والأسواق) وتحسين الوصول إلى التمويل من قبل القطاع الخاص وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة من خلال البنوك ومؤسسات التمويل المختصة.

ويبلغ حجم الموازنة العامة 13.04 مليار دولار، بعجز مالي 1.14 مليار دولار، قبل احتساب المنح والمساعدات الخارجية.

وتسعى الحكومة إلى إصلاح سوق العمل ليصبح أكثر مرونة لاستيعاب فرص عمل جديدة لتشغيل الشباب والمرأة.

وتهدف الحكومة أيضا إلى توسيع وتحسين شبكة الأمان الاجتماعي لحماية الفقراء والفئات المستضعفة في المجتمع الأردني، خصوصاً المتأثرين على المدى القصير بسلسلة الإصلاحات الاقتصادية والمالية.

وفي ما يتعلق بالإصلاحات "الرأسية"، فإنها ستتضمن تعديل السياسات في قطاعات النقل والطاقة والمياه والأعمال التجارية - الزراعية، كعوامل مساعدة رئيسية لتحفيز نمو القطاع الخاص وانعكاساتها المباشرة على النمو الاقتصادي.

وأشارت الوزيرة الأردنية إلى أن الأردن تحمل الكثير نتيجة لاستضافته هذ العدد من اللاجئين السوريين وقدم لهم كل ما بوسعه تقديمة وذلك نيابة عن المجتمع الدولي الذي عليه واجب تحمل مسؤولية هؤلاء اللاجئين.

وقال وزير الصناعة والتجارة والتموين طارق الحموري، لـ"العربي الجديد"، إن المؤتمر فرصة للأردن من ناحية استقطاب الاستثمارات التي تعين الاقتصاد على النمو وتوليد فرص العمل.

وأشار إلى أهمية قرار تبسيط قواعد المنشأ والتعديلات التي طرأت عليه أخيرا، لجهة زيادة الصادرات الأردنية إلى الأسواق الأوروبية، وذلك إدراكا من الاتحاد الأوروبي لحجم التحديات التي يواجها الأردن نتيجة للظروف المحيطة وتعاطيه الإيجابي مع أزمة اللاجئين السوريين ورعايتهم.

وشهدت صادرات الأردن انخفاضا بنسبة وصلت إلى 10% بسبب إغلاق حدوده مع كل من سورية والعراق، إلى جانب خسائر تجارته إلى دول أخرى، مثل تركيا وروسيا ودول عربية.

ومن جانبه، قال الخبير الاقتصادي حسام عايش، لـ"العربي الجديد"، إنه يجب الإعداد جيدا لهذا المؤتمر الذي يعد فرصة لتسليط الضوء على الفرص المتاحة في الأردن وتحفيز المستثمرين للاستفادة منها.

وأضاف عايش أن المجتمع الدولي لم يقم، وبحسب ما أعلنته حكومة الأردن من أرقام وبيانات مالية، بدور تجاه الأردن الذي تحمل نيابة عن دول العالم أعباء استضافة اللاجئين السوريين، إضافة إلى تبعات الظروف المحيطة على الاقتصاد الأردني.

وطالب رئيس غرفة صناعة عمان فتحي الجغبير، بإشراك القطاع الخاص الأردني في المؤتمر وعمليات الإعداد له، وذلك لضمان نجاح المؤتمر وتوجيه القطاع الخاص في البلدان الأخرى للاستثمار في الأردن.

وقال لـ"العربي الجديد"، إن أحد المحاور التي تتضمنها المصفوفة الحكومية التي ستقدم في المؤتمر الشراكة مع القطاع الخاص، مشيرا إلى أنه من غير المعقول عدم إشراك القطاع الخاص الأردني في عمليات التحضير والإعداد للمؤتمر.
المساهمون