رمضان... شهر العيش المشترك بفرنسا

23 مايو 2017
+ الخط -
أيام تفصلنا عن رمضان، الشهر الأكرم، لجالية مسلمة تقدر بالملايين في فرنسا. ففي قانونها، التديّن مسألة شخصية وبالتالي فإنه من غير المعروف عددهم تماما ويستحيل، أيضا، معرفة عدد المتدينين منهم.
 
لكن حين نسأل الفرنسيين من غير المسلمين عن الأشياء التي تعبر عن الإسلام، يقفز جوابهم، دونما تفكير، إلى رمضان. قبل أن يتحدثوا عن الصلاة، وخصوصا أن الجالية الإسلامية تعاني من نقص كبير في أماكن العبادة، مما يضطر أعدادا منهم إلى أن يصلّوا في الشوارع، وجاءت الاعتداءات الإرهابية وحالة الطوارئ التي أعقبتها، لتدفع السلطات الأمنية إلى إغلاق أكثر من ثلاثين مسجدا، بدعوى التطرف.

وليس من شك في شدة الإقبال على المسجد خلال الشهر، فمن النادر أن يعثر المرء على مكان له في المسجد، إن تأخر قليلا، ويتردد جمهور جديد على المساجد، على أمل أن يمسح هذا الشهر كل أدران وخطايا سنة بكاملها.

وهو شهر للتضامن والعيش المشترك، إذ ومنذ سنوات عديدة تحرص بلدية باريس على تنظيم استقبال كبير بهذه المناسبة خاصة مع اقتراب ليلة القدر، ويتم استدعاء شخصيات سياسية وفكرية، مسلمة وغير مسلمة، للتذكير بدروس رمضان، في ما يخص الإيثار ومساعدة الغريب والمحتاج والصبر والعيش المشترك. كما أن الشهر تتخلله زيارة إفطار يقوم بها رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة إلى مسجد باريس الكبير، قصد إبداء التضامن ومشاركة قسم من المواطنين الفرنسيين فرحتهم، والتأكيد على أن العلمانية الفرنسية ليست ضد الأديان، بل توفر لها الحماية الضرورية.

ولكن رمضان ليس فقط هو للصوم والصلاة، بل إن الجانب الاحتفالي والطبخي يحتل مكانا لا يستهان به. فالإيقاع يتغير، واليومي أيضا. وهو فرصة للسهر حتى الفجر والسحور. وفرصة لإشراك غير المسلمين في الاحتفال وفي تقاسم الأكل، خاصة الحلويات، والحساء المعروف بالحريرة عند المغاربة والشوربة عند الجزائريين.

أيضا ينتظر أصحاب المتاجر هذا الشهر، بشوق كبير، لأنه يدفع الجالية للإسراف في استهلاك الكثير من المواد الغذائية، كالتمور والألبان واللحوم والحلويات. وهو ما يدفع محال السوبرماركت لعرض مبكر لكل هذه البضائع بشكل لافت ومثير.

المساهمون