رمضان حماة: معاناة الفقراء وحنين للذكريات
يزن شهداوي
يقول أبو عبد الهادي وهو أب لعائلة في مدينة حماة، إنهم باتوا لا يعتبرون رمضان شهر عبادة وصوم، بل موعد حسابات مالية لمصاريف العيش والطعام، مع تضاعف أسعار المواد الغذائية بضعفين أو ثلاثة، وهذا ما منع كثيرا من العوائل السورية، من تخزين اللحوم والخضروات والمواد الغذائية لموائدهم الرمضانية.
ويضيف بأن مدينة حماة التي تشكل الطبقة الوسطى والفقيرة غالبية أهلها، بالكاد تستطيع إكمال قوت شهرها من مصاريف الحياة اليومية، فكيف سيعيش أبناء هاتين الطبقتين في شهر رمضان ومتطلباته الغذائية المختلفة عن باقي الشهور.
وتقول السيدة أم عابد، وهي إحدى النازحات من الرستن بريف حمص، تقيم حالياً في مدينة حماة، إنها ستُمضي شهر رمضان "على الأرز فقط إن توفر المال لشرائه، فسعر كيلو الأرز اليوم وصل إلى أكثر من 300 ل.س"، لكن أطفالها بحاجة إلى ما يقارب نصف كيلوغرام يومياً، وهذا يعني أنها بحاجة لأكثر من خمسة آلاف ليرة سورية شهرياً من أجل وجبة أرز فقط على مائدة الأفطار من دون أي صنف من أصناف المقبلات، في حين لا تصل معونتها الشهرية من الجمعيات الخيرية في حماة إلى خمسة عشر ألف ليرة سورية، متضمنة أجرة منزلها الشهري 9000 ليرة.
وحسب قولها، "لن يكون للحوم والخضروات ومشروبات الفطور مكان على مائدتها هذا العام، فالمستلزمات الرمضانية أسعارها باتت لا تناسب الفقراء وذوي الدخل المحدود وآلاف النازحين الفقراء لمدينة حماة، ليصبح شهر رمضان وموائده حكراً على الأغنياء فقط من أهالي المدينة".
وتتابع حديثها بأنها في شهر رمضان الماضي لم تشهد مائدتها الرمضانية حتى رائحة اللحوم، واقتصرت لأكثر من ثلاثة أيام على الماء والخبز، وكذلك أطفالها، إلى أن وصلتها مساعدات خيرية من مواد غذائية بسيطة لتكمل صيام شهرها.
بدوره يؤكّد سالم أحد تجار مدينة حماة أن أسواق المدينة تشهد ركوداً كبيراً قبيل حلول شهر رمضان المبارك، في حين أن هذه الأسواق افتقدت اكتظاظ الزبائن الذي كانت تشهده في سنوات ما قبل الثورة السورية.
وكانت أسواق المدينة في مثل هذه الأيام تغص بالأهالي لشراء المستلزمات والأغراض الخاصة بالشهر الكريم، ولكن في هذا العام نادراً ما ترى من يقوم بشراء اللحوم، أو الدجاج، ومستلزمات رمضان مثل "قمر الدين" أحد أنواع الحلويات المصنوعة من فاكهة المشمش وتشتهر خاصة في رمضان، ومستلزمات "العرقسوس" أحد مشروبات الإفطار المرطبة والتي أعتاد أهالي حماة شربها على موائد الإفطار.
في سياق مواٍز، يقول الناشط الإغاثي عبد القادر الحموي لـ "العربي الجديد"، إن "وضع الفقراء والنازحين في مدينة حماة بات صعباً للغاية عن الأعوام السابقة، خاصة مع إغلاق جميع حدود مدينة حماة مع كتائب المعارضة التي كانت تؤمن السلل الغذائية وبعض الأموال لهذه العائلات المحتاجة"، بالإضافة إلى تضييق النظام وبشكل كبير على أي نشاط إغاثي يقام في مدينة حماة، وعمليات الاعتقال التي تطاول جميع من يشتبه بعملهم إغاثياً.
وحسب إحصائياته، فإن أكثر من مليون ونصف نازح في حماة، وما يقارب مائة ألف عائلة من أهالي المدينة الأصليين بحاجة اليوم لمساعدات مالية وإغاثية مستعجلة قبل حلول الشهر، مع غلاء المعيشة من جهة، وتدني مستوى العمل والأجور للعاملين في المدينة من جهة أخرى.
ويضيف الناشط الإغاثي، إن "عشرات العائلات الآن تفترش شوارع المدينة، لا مآوى ولا مال لديهم، يأكلون ويشربون برفقة أطفالهم على حواف الطرقات، علاوةً على تزايد ظاهرة التسول وبخاصة لأطفال ممن هم دون سن العاشرة، إضافة إلى النساء، وهذا ما يشير إلى طامّة إنسانية كبرى في حماة، ومن الواجب العمل على إيجاد حلول سريعة من قبل الجمعيات الخيرية والإنسانية في حماة وخارجها قبل حلول الشهر".
ويختم حديثه بالتأكيد على "ضرورة تأمين سلل غذائية مضاعفة لتلك العائلات، وتأمين موارد مالية شهرية، ومنازل وأماكن تؤوي العوائل المشردة في شوارع حماة، التي باتت مقصداً لآلاف النازحين من مناطق شهدت وتشهد معارك وقصفاً وغارات يومية في سورية".