رمضان تونس على فيسبوك.. تقوى وانتقادات للتلفزيون

09 يونيو 2016
فضّل التونسيون الخروج على مشاهدة القنوات (Getty)
+ الخط -
قبل حلول شهر رمضان بأيام قليلة وخلاله، ازدانت صفحات الناشطين على المواقع الاجتماعية في تونس بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية والأدعية والأمنيات بقضاء شهر الصوم في أحسن الظروف الصحية والسياسية، خصوصًا لارتباطه منذ سنوات بعدد من الأحداث الإرهابية. 

ولم يخل "فيسبوك" من تبادل للسخرية حول عدد من المواضيع الخاصة بشهر الصوم، كمبالغة البعض في إظهار التقوى وإشهار آخرين لإفطارهم، إضافةً إلى مناقشة محتوى البرمجة التلفزيونية الرمضانية المثيرة للجدل. فكتبت الناشطة سميحة عبد القادر: "استقبلنا أول أيام رمضان بفرحنا المعتاد، وبعد انقضاء يومنا، ومع حلول المغرب طمعنا في فرجة راقية تجمع العائلة، وإذا بنا أمام تلفزة لا تحترم مشاهديها... أين صوت الإذاعة الوطنية وأذكار رمضان المسائية وروحنا التونسية وصوت لطفي بوشناق بعد الآذان وتراتيل البراق الدافئة؟ ما عدنا نرى سوى الفسق والعنف".

ومنذ اليوم الأول، عبّر ناشطون تونسيون على المواقع الاجتماعية عن استيائهم من البرمجة التلفزيونية الرمضانية. برامج ألعاب ومسلسلات درامية وكوميدية وكاميرا خفية، لم ترق في أغلبها لعدد كبير من المشاهدين، الذين أعلنوا عن قرارهم التوقف عن متابعة التلفزيون خلال شهر رمضان والتوجه نحو الفضاءات الخارجية، من مقاه وشواطئ ومتنزّهات ومهرجانات ثقافية وترفيهية.

ورغم أن عدد المتوافدين على مقاهي المدينة العتيقة المعروفة بمقاهي "الشواشين" في تونس لم يكن جيدا في أول أيام رمضان، إلا أن اليوم الثاني من شهر الصوم شهد اكتظاظا غير مسبوق في هذا الفضاء التقليدي الذي يفضّله العديد من التونسيين نظرا لما يتميز به من طابع تونسي أصيل. فرواد مقاهي الشواشين يتمتعون خلال السهرات الرمضانية بمذاق القهوة العربية الأصيلة الممزوجة بـ"ماء الزهر" والشاي التونسي بـ"البندق" والحلويات التقليدية، كـ"المقروض" و"الزلابية" و"البقلاوة". كما تقدم المقاهي لروادها وصلات موسيقية من موسيقى "الطبوع" التونسية الأصيلة و"المزود" والأهازيج الدينية، ما يحوّل المكان إلى ساحة للرقص وتبادل الأحاديث وتذوّق ما لذ وطاب من المأكولات.

"العربي الجديد" كانت حاضرة في ثاني أيام رمضان بمقاهي الشواشين، حيث تحدثت مع الحاضرين عن سبب عزوفهم عن متابعة المسلسلات والبرامج الرمضانية وتفضيلهم الخروج للجلوس في هذا الفضاء التقليدي. السيدة فاطمة كانت مصحوبة بابنتيها وزوجها، قالت "أفضّل القدوم باكراً لأحجز مكاناً لي ولعائلتي هنا، حيث تمتد سهرتنا إلى وقت السحور، فإن تأخرنا لن نجد كرسيا شاغرا وسنضطر للذهاب إلى أماكن أخرى أو العودة إلى المنزل. تابعتُ البارحة أولى حلقات البرامج الرمضانية ولم أجد حقا ما يشدني إلى مزيد من المتابعة. فبث مسلسلات تتحدث عن الخيانة الزوجية والقتل والزنا وبرامج الألعاب التي تعتمد القمار كمبدأ لها لا تتناسب مع حرمة الشهر الكريم ولا يمكن مشاهدتها في إطار عائلي، ففضّلنا الخروج ومقاطعة التلفزيون طيلة الشهر". أما الشاب أيمن فيقول: "كنت من المنادين بمقاطعة بعض القنوات التلفزيونية الخاصة وقد شرعت فعلا في ذلك، وخصوصاً أن سحر مقاهي المدينة العتيقة لا يقاوم".

وعن الانتقادات للقنوات وبرامجها، يقول الصحافي أسامة السعفي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "تناول البرمجة التلفزيونية بالنقد على المواقع الاجتماعية هو أمر بنّاء نظرًا لتأثير رأي المشاهدين المباشر في تحسين المنتوج وفي دفع القائمين على وسائل الإعلام الخاصة إلى التنافس من أجل تقديم مادة جيدة. كما أن إعادة نشر البرامج والمسلسلات على موقع يوتيوب وعلى صفحات القنوات على فيسبوك يسهّل على التونسي مسألة الاختيار، حيث بإمكانه أن يتدارك ما فاته أو يعيد مشاهدة ما أعجبه من منتوج تلفزيوني".

من جهة ثانية، تحولت صفحات فيسبوك إلى لوحات إلكترونية تنقل الأدعية والتوصيات الدينية والأمنيات والتهاني المشفوعة بالتذكير بضرورة قيام الليل والسحور وأداء صلاة التراويح. الناشطة يسرى سيف النصر اعتبرت في حديث مع "العربي الجديد"، أن "هذه النفحات الدينية رغم أنها وقتية إلا أنها توقظ الحس الديني لدى الشباب التونسيين الذين ينشغلون طيلة السنة بمواضيع سياسية وحقوقية وثقافية وينسون الجانب الروحي الذي يزرع فيهم مبادئ الصبر والخلق الكريم. غير أن انقطاع هذا الذكر بعد انتهاء شهر رمضان لدى أغلب التونسيين هو أمر يجب العمل على تجنبه، وذلك بحثّ وسائل الإعلام على جعل البرامج الدينية متواصلة طيلة السنة وعمل وزارة الشؤون الدينية على إشراك الشباب في نشاطات ميدانية دينية ترسخ لديهم حب الدين والرغبة في تطبيقه بعيدًا عن المجموعات الدينية المشبوهة".

مسألة رمضانية أخرى أثارت الجدل على المواقع الاجتماعية، هي قيام عدد من الناشطين بإشهار إفطارهم ورفضهم صوم شهر رمضان. وكان داعية تونسي قد نادى بملاحقة المفطرين ومعاقبتهم، فما كان من بعضهم سوى الدخول لصفحته على فيسبوك وإعلان إفطارهم في تحدّ له.

وكان عدد من الناشطين التونسيين قد قاموا بإطلاق صفحة على فيسبوك تحت تسمية "فاطر"، أي مفطر شهر رمضان، يقومون من خلالها بنشر عناوين المطاعم والمقاهي التي تفتح أبوابها خلال شهر رمضان مع خريطة إلكترونية لتسهيل الوصول إليها. ​
المساهمون