رضا شعبي من قائمة ماكرون واليمين يعيد ترتيب صفوفه

12 مايو 2017
%76 من الفرنسيين راضون عن قائمة حركة ماكرون(باتريك أفينتورييه/Getty)
+ الخط -

كشفت حركة الرئيس الفرنسي الجديد، إيمانويل ماكرون، أمس الخميس، قائمة تضم معظم مرشحي حركة "الجمهورية إلى الأمام"، والتي تنوي، عبر إيصالهم إلى البرلمان، ضمان أغلبية رئاسية مريحة، بعد خمسة أسابيع، من الآن. وطبعاً، سجل المراقبون إيجابيات وبعض مستجدات التشكيلة الأولى، التي لم تَخل من أخطاء في الأسماء، سرعان ما صححت.

ومن بين الإيجابيات، تقديم عدد متساو من المرشحين، رجالاً ونساء، إضافة إلى أن معدل أعمار المرشحين لا تتجاوز (46 عاماً) كما أن 52 في المائة قادمون من المجتمع المدني (ولم يمارسوا السياسة بالشكل التقليدي)، ولم يتم السماح بالترشح مرة أخرى، سوى لـ24 نائباً اشتراكياً.

ولكن اللافت هو خلوّ القائمة الكبرى لحركة ماكرون، الذي شدد في أكثر من مناسبة على أنه "ليس من اليمين ولا من اليسار"، من أي ممثل لليمين، وهذه الحقيقة دفعت صحيفة "لوفيغارو" لانتقادها في افتتاحية حملت عنوان: "لا من اليمين ولا من اليمين"، وبالتالي فإن ما نراه الآن، كما يكتب مُوقّع الافتتاحية، بول هنري دو لامبرت، هو "يسار الوسط".



بدوره، أظهر رئيس حزب "الموديم" وحليف ماكرون، فرانسوا بايرو، تذمّراً وهو يقرأ أسماء القائمة، التي لم يُستَشر في اختيارها، وهو تذمر منطقي، إذا استعدنا وعود المرشح ماكرون بـ"تجاوز الانقسامات السابقة".

ولكن رغم طبيعة ميول واتجاهات المرشحين الذين كُشف، أمس، عن أسمائهم، فإن أملَ من التحق بمشروع ماكرون، من اليمين، لا يزال قوياً، في انتظار معرفة أسماء المرشحين المتبقين، وعددهم 149، وأيضاً اسم رئيس الحكومة المقبل، والذي يُرجَّح أن يكون من "يمين الوسط"، و"لِمَ لا اصطياد سمكة كبيرة من اليمين؟!"، حتى يتمَّ إغواءُ أكبر قدر ممكن من منتخبي حزب "الجمهوريون".

ولكن كما جاء في افتتاحية "لوفيغارو"، فإنه يُتوقَّع في هذه الحالة أن يعود الصراع إلى أشده بين اليمين واليسار في الانتخابات، وهو ما يبشر بحصول برنامج "الجمهوريون"، الذي يمكن وصفه بأنه "خليط من فرنسوا فيون ونيكولا ساركوزي وآلان جوبيه"، على أكبر مجموعة في الجمعية الوطنية، وهو ما سيدشّن "مرحلة جديدة من التعايش"، وإذا ما فشل ماكرون في إحضار اليمين إليه، فإن "اليمين هو الذي سيأتي إليه". ومن أجل تحقيق هذا الحلم، لا يرى صحافي لوفيغارو من وسيلة ممكنة سوى "الفوز في التشريعيات".

وقد استقبل الرأي العام الفرنسي الإعلان عن القائمة الكبرى من مرشحي "الجمهورية، إلى الأمام" بشكل إيجابي، فقد أعلن 76 في المائة من الفرنسيين عن رضاهم عنها، ووصفوا القائمة بأنها "شيء جيد"، وذلك في استطلاع للرأي أجرته "هاريس أنتيرأكتيف" ونشره موقع "أتلانتيكو" الإخباري اليميني. ووصلت نسبة القبول إلى 92 في المائة من أنصار ماكرون، في حين اعترض عليها 24 في المائة، فقط، ورأوها "سيئة".



وفي ما يخص موقف "الجمهورية إلى الأمام"، المُعتَرِض على ترشح رئيس الحكومة السابق، مانويل فالس، على قوائمها، ولكن من دون تعيين مرشح منافس له من الحركة، فقد اعتبر 67 في المائة أن الموقف "منسجمٌ مع مسار حركة "الجمهورية، إلى الأمام"، بينما رأى 33 في المائة "تناقضاً" في الأمر.

ويعتبر موقف "الجرثومة" ماكرون، كما كان يحلو لرئيس الحكومة فالس أن يصف وزيره في الاقتصاد، متسامحاً مع فالس، بعد عرض خدمات متكررة رفَضَها أنصار ماكرون بجفاء، وتوسّلات مهينة من فالس تدعو للشفقة، ولعل آخرها، تغريدة أمس، وهي تشكر ماكرون لأنه قرر ألا يعين مرشحاً في مواجهته.

ولكن يبدو أن الصراع بين الرجلين وصل إلى نهايته، فماكرون لا يريد بأي حال من الأحوال أن يلعب فالس أي دور كبير في البرلمان المقبل، وهذا ما يعني، كما كتبت "لوفيغارو"، أن "ماكرون حافَظَ على فالس، ولكنه أجهز على داعميه".

ويكشف استطلاع الرأي، أيضاً، أنّ 39 في المائة من الفرنسيين يرون أن برنامج "الجمهورية إلى الأمام"، "برنامج جيد للتشريعيات"، فيما اعتبره 35 في المائة "غير جيد"، ولم يشأ 26 في المائة الإفصاح عن موقفهم.

وتطرق استطلاع الرأي لبرنامج ""فرنسا غير الخاضعة"، الذي اعتبره 27 في المائة، "جيدا"، فيما رأى 47 في المائة، أنه "ليس كذلك". وبالنسبة لبرنامج "الجمهوريون" فقد اعتبره 24 في المائة "جيداً"، أما 51 في المائة، فاعتبروه "غير جيد".

أما حزب "الجبهة الوطنية" الذي شهد اعتزالاً مبكراً لإحدى قياداته، ماريون ماريشال لوبان (وهو اعتزال رأى 80 في المائة من قراء صحيفة لوفيغارو ومشاهدي موقعها، في استفتاء أجرته بعد اعتزال ماريون، أنه سيُضعف الحزب اليميني المتطرف)، فقد اعتبر 24 في المائة فقط أن برنامجه "جيد"، في حين أنّ 58 في المائة رأوا عكس ذلك.

وأخيراً، اعتبر 17 في المائة أن برنامج الحزب الاشتراكي "جيد"، مقابل 57 في المائة رأوا خلاف ذلك.

ولا يساعد استطلاع الرأي هذا ماكرون على اختيار رئيس حكومته، فلم يمنح من شملهم استطلاع الرأي، فرانسوا بايرو سوى 15 في المائة، يليه جان-لويس بورلو بـ10 في المائة، ثم وزير الدفاع في حكومة فرانسوا هولاند، جان-إيف لودريان، بـ8 في المائة، وسيلفي غولار بـ6 في المائة، وريشار فيراند بـ5 في المائة، وأخيراً إدوارد فيليب بـ4 في المائة.

وفي هذه الأثناء، يواصل اليمين الفرنسي، الذي خرج خاسراً، من القائمة الكبرى لمرشحي "الجمهورية إلى الأمام"، تنظيم صفوفه، ويقول العديد من قيادييه أنهم "مقتنعون بصمودهم أمام آلة ماكرون" التي تسحق كل من يقف في طريقها، والتي سيتأكد، معها، الرئيس الحالي، قريباً، كما يقول القيادي في "الجمهوريون"، لوران فوكييز، من أنه "ارتكب خطأ جسيما عبر شرائه للخيانات".

وعن هذا الصمود أمام ترسانة ماكرون، يقول، القيادي في "الجمهوريون"، كريستيان جاكوب، "لم يأتني أي نائب من الحزب ليقول لي إنه سينضم إلى ماكرون". ورأى جاكوب أن "غنائم" ماكرون تقتصر لحد الساعة، على المقربين من الرئيس فرانسوا هولاند ومن النواب الاشتراكيين".

وسخر من الطريقة المهينة التي عُومل بها ايمانويل فالس: "إنها إشارة مثيرة للقلق، وعلامة على التكبر، في وقت نحتاج فيه إلى التواضع". وبالمختصر، فإن "كسر اليمين، كشف أنه أعقَدُ مما كان يتصور ماكرون"، كما كتب الإعلامي غيوم تيبارد في "لوفيغارو".

وفي هذا الصدد أيضاً، كشف القيادي في "الجمهوريون"،كزافيي برتراند، أنه رفض الدعوة للانضمام إلى حركة ماكرون، قائلاً "إن الفرنسيين يبحثون عن توازن. ويحلمون بحكومة وحدة وطنية حقيقية"، مشدداً في الوقت نفسه على أنه "شخص ينتمي إلى اليمين"، ولديه "خلافات جوهرية مع الرئيس الجديد".