رسالة من طالب عربي أعيته مدارس الوطن

29 مارس 2015
طلاب يزعجهم المعلمون.. ومعلمون لا يأبهون
+ الخط -
طلبنا من البراء الذي لم يتعدى عمره الحادية عشرة عاما أن يكتب لنا عن تجربته في المدارس التي التحق بها في ثلاث دول مختلفة اضطرته الظروف للتنقل بينها بعدما اضطر الآباء أن يغيروا أماكن سكنهم ومصدر رزقهم.

كتب البراء تجربته، والتي فوجىء بها أبويه، فلم يكونا ليتوقعا أن يكتب هذا البراء الصغير تلك الكلمات القاسية التي نزلت كالصاعقة على قلوبهم، فلم يعرفوا كم كبر إبنهم وكيف أصبحت لديه معاييره الخاصة في التقييم والتي أذهلتهم أيضا لغته الراقية.


رسائل كثيرة
يقول البراء: "إن المدارس بشكل عام مختلفة فمنها ما هو سلبي ومنها الإيجابي، وأنا مررت خلال سنوات دراستي الماضية بعدد من المدارس، في دول مختلفة في مصر وفلسطين وكذلك دولة قطر، كان أولها تلك المدرسة المصرية التي تمثل بالنسبة لي الوضع السلبي بأكلمه، حيث أن التدريس بها كان سيئا، وغير مفهوما، أما بخصوص النظافة فقد كان الوضع سيئا جدا".

المدرسة الثانية وكانت أيضا مصرية، فكانت جيدة في المجمل، ولكن الطلاب بها لم يحترمونني، وبالرغم من ذلك أحببتها، لأنها كانت نظيفة، ومرتبة، والمعلمون فيها تدريسهم جيد، وكان موقعها أيضا جيدا لأنها كانت قريبة من المنزل.

أما بالحديث عن المدرسة الثالثة وكانت في فلسطين، فهذه المدرسة كانت ممتازة، حيث كان لدي فيها أصدقاء كثر، وهي نظيفة ومرتبة جدا ولكن المشكلة فيها هو أن عدد الطلاب كان كبير، فقد كان في الصف الذي أجلس فيه 37 طالبا، كما أن لم يكن معنا بسبب الإحتلال الصهيوني.

ولكن الشيء الوحيد السيء في كل هذه المدارس هو الصحة، لأن المدارس التي مررت بها لا يهتمون بسلامة الأطفال.

أما المدرسة الأخيرة التي ألتحق بها حاليا، فهي سيئة جدا، غير مرتبة، وغير نظيفة، ومن المستحيل أن تجد فيها طالبا واحدا محترما، أو طالبا لا يشتم، أو لا يستقوى على من أصغر منه.

كما لا يوجد فيها أي مجال اسمه الطب، أتذكر يوما كان صديقي مريضا، فذهبنا إلى الطبيب المدرسي، فقال: "لا يوجد عندي دواء لك " فانزعجت كثيرا  من ذاك الأمر" ، فذهبت معه إلى غرفة السكرتيرة ، واتصل صديقي بوالده، ورافقته إلى البوابة، وانتظرت والده معه.

أما بالنسبة للتدريس في هذه المدرسة فهو لا يعتبر تدريسا، وبالخصوص المواد الإنجليزية.


مشاعر الإنتقال

مراحل الإنتقال من مدرسة إلى أخرى كان متعبا نفسيا، حيث أنني فقدت الكثير من الأصدقاء، وهذا مؤلم كثيرا من الناحية النفسية، وهذا الألم لا يزال موجودا حتى الآن، وأشعر بالأسف والندم والحزن الشديد.

كما أنني أعترف بشعوري بالقسوة من قبل أصدقائي بالمدرسة الحالية فهم لا يحترمونني، ولا يشاركونني ما يفعلون، وهناك الكثير لا بل معظم الطلاب يكرهونني، ولكنني لا استسلم في محاولة اكتساب الأصدقاء في المدرسة، وإني لأتمنى أن يكون لي أصدقاء في المدرسة، أو حتى على الأقل صديق واحد، لكي ألعب معه،  وأتسلى معه، ونصنع المشروعات المدرسية مع بعضنا البعض، ولكنني لا أريد أي صديق لا، بل أريد الصديق المحترم، الوفي، المخلص لصديقه، والأهم هو أن يكون الصديق الذي لا يخون صديقه.

ولكن كيف يمكن أن تعرف الصديق الجيد؟ هذا السؤال إجابته صعبة، ولكن أهم شيء يجب أن ننتبه له هو صفاته وسلوكه وكيفية تعامله مع الطلاب الآخرين.

الأساتذة ومشاكلهم

يمكن أن نتحدث الآن عن الأساتذة وتعاملهم مع طلابهم، هناك مشاكل عندي مع الأساتذة الذين يدرسونني، وهذا الشىء هو أنهم يستعملون العنف بشكل كبير، أي أنهم يضربون عندما لا يكون هناك شيء يستحق، كما أنني عندما رأيت المدرسة للمرة الأولى فلم يدخل الحب في فؤادي، ولا زلت أسلك طريقي في الإجتهاد، ولازلت ابتغي المدرسة الأفضل، وما يحدث يترمم، وحدسي يخبرني أنني سأجد المدرسة الجيدة، وأجد أصدقائي الذين تركتهم، وأتعرف على أصدقاء جيدين آخرين، أوفياء.

أعرف أن من يريد الأفضل فلا يجب عليه التعجل، ومن جهة أخرى ولأن الوقت يمر بسرعة وليس هناك وقت لنضيعه، فيجب علينا أن ندرس جيدا، فمن يدرس جيدا ينال أجرا كبيرا، كما قال رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم): "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلى من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له". وكذلك يقول رسولنا عليه الصلاة والسلام: "من سلك طريقا يبتغي فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع، وإن العالم ليستغفر له من في السموات والأرض".

انتهت رسالة البراء، ولم تنتهي صدمتنا مما أشعرتنا به رسالته القاسية على قلوبنا كآباء نريد تحقيق الأفضل دائما لأبنائنا، ولكن لظروف ما نكاد نتعرض جميعنا لنكسات من الفشل في تحقيق هذا الأفضل، سواء من وجهة نظرنا أو من وجهة نظرهم.