رسالة إلى عبد الناصر

24 نوفمبر 2014
رفعت صورك خلال الثورة (فرانس برس)
+ الخط -
كثيرة هي المناظر التي لن تسعد جمال عبد الناصر في قبره، وصعبة على القلب وكثيرة العدد، وإن كان الميت ــ عند ربه ــ لا يحاسب إلا على ما فعل، ونعدد له ــ في غيبته ــ من تلك المناظر الآتي.

أولاً: محافظ من الشعب أقسم اليمين على خدمة الشعب ــ يا حبيب الشعب ــ (يشير بإشارة تعارف الناس على أنها بذيئة)، للشعب علناً بعد ثورة اشترك في مؤازرتها ابنك عبد الحكيم بشحمه ولحمه، وكانوا يحملون في ذلك اليوم الآلاف من صورك، وحملوا أيضاً ابنك عبد الحكيم على الأعناق في ذلك اليوم.

ثانياً: اليوم فقط ضرب سلاح طيرانك منزلاً آمناً من منازل رفح، فقتل خمسة عشر مدنياً، بينهم أطفال ونساء، بلا ذنب ولا جريرة. وصحافتك تقول للسيسي علناً محرضة إياه على المزيد: "البس الميري يا سيسي"، وهيكل كل شهرين يطلع مع لميس لشد عافية الجيش بكلمات مشجعة ثم يغادر خارج البلاد لشهور.

ثالثاً: أخبرك أن محمد عودة توفاه الله منذ سنوات، وطبعاً لا نعرف كيف سيكون رأيه في هذه الأيام، فهل كان سيفتش عن مخرج سليم للأزمة من أرشيف مؤتمرات باندونج؟

رابعاً: طن السماد وصل إلى ألفي جنيه مصري أو أكثر، ونصف مصانع الحديد مع شخصين فقط، أبو هشيمة وأحمد عز، وحلوان قلعة حديدك وعمالك وأسمنتك في قبضة ساويرس.

خامساً: أنا لست ناصرياً، ولكني تعلمت في مدارسك مجاناً، وأخذت المئات من حقن البلهارسيا ولم أمت حتى الآن، ولكن يموت العشرات من الشباب كل يوم، أكثر مني ذكاءً وجمالاً وفطنة، وأرى ابنتيك وأحفادك يقولون: "إن الوطن في أزمة وهذه أخطاء عادية".

سادساً: وهذه هي المهمة، وأهم حتى من السابعة والأخيرة، وقد حدثت في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، وهي أنه، بعدما قاطعنا دولة قطر لما يقرب من سنوات أربع، إذ بإشارة صغيرة، تقول للسيسي: "حبّوا بعضكم" وبعد نصف ساعة تستجيب جمهوريتك للنداء.

والمشكلة ليست في الشعب الذي عادى، أو الرأي العام، أو حتى، ما كنت تزعم أنها كرامتنا الوطنية التي تعمل لها ألف حساب، ولكن المشكلة الآن في لميس، وأحمد موسى، ووائل الإبراشي، وإبراهيم عيسي، وغيرهم، مثل أم رجب التي حرقت عشرين علماً من أعلام قطر أمام منزلها في عزبة أبو قرن، وصوّرتها الفضائيات كلها، فماذا تقول مثلاً لنعجتها وجدييها وهم أثمن ما تملك؟

سابعاً وأخيراً ــ وقد أكون أثقلت عليك: كان الشباب البسيط أيضاً قبل أيام يعيدون ذكرى محمد محمود، وهي حادثة مؤلمة عن أربعين من الشباب قتلوا بعد ثورة يناير منذ ثلاث سنوات، يا مفجر الثورات في العالم وحبيب الشعب، فإذا بكوادر أحزابك من شرفة "الحزب العربي الديمقراطي الناصري" يحيون بعلامات النصر ضباط الشرطة، وهم يضربون شاباً من الشعب لم يتجاوز 17 سنة، فهل يرضيك ذلك يا سيادة الرئيس، وأغلب كوادر حزبك من الكبار ــ بعدما شابوا وتدلّت كروشهم ــ الآن على الفضائيات أو يشربون الشاي والنيسكافيه في المقاهي؟

المساهمون