رسالة إلى الرئيس الرابع

26 نوفمبر 2014
في عهدكم البائد تمت استباحة القرار الوطني (Getty)
+ الخط -

سيادة المخلوع الأول، أرجو أن تتقبل تحياتي المحملة بكل ما هو بغض وكُره لشخصكم، أما بعد..

وددت أن أرسل إليك برسالة علّها تذكرك بأشياء قد تكون أغفلتها بعد سنوات حكمك المظلم، الذي دام ثلاثين عاماً متصلة، فإن كانت المعاملة المُدللة والرفاهية التي تلقاها قد جعلتك تنسى ما اقترفته يداك، فدعني أذُكرك ببعض ما جرى أثناء حكمك البلاد، ففي عهدكم زاد الفقر واستشرى الجهل، وسالت دماء شباب أطهار خرجوا مطالبين بالحرية والعدالة، في عهدكم البائد تمت استباحة القرار الوطني وأصبحنا دولة تعيش على المعونات والاستدانة من دول العالم.

أرجو ألا يكون المشفى الفاخر محا من ذاكرتك مشهد الجثث المتفحمة واللحم الذي التصق بحديد قطار الصعيد عندما احترق به أربعمائة إنسان، والسلام تحول في عهدك إلى عبّارة غارقة فيها 1200 إنسان لم يقترفوا ذنباً سوى أنهم كانوا مواطنين مصريين إبان فترة حكمك، فخرج بكل سهولة المسؤول عن تلك الكارثة التي وإن حدثت فى إحدى الدول الأخرى لاستقال رؤساء وسُجن مسؤولون وسقطت حكومات، لكنك كنت وما زلت تتمتع بجلد في سماكة جلد وحيد القرن.

مرضى السرطان وفيروس سي والفشل الكلوي الملقاة أجسادهم في طرقات المستشفيات ومعاهد الأورام يرسلون تلك التحية وينتظرون يوم الحساب، وحتى ذلك اليوم أُبشرك بسهام من الصراخ الذي يخترق السموات ويصل إلى من رفعها، هو صوت المرضى الذين تاجر بهم وبصحتهم وبحياتهم رجالك المخلصون، الذين التفوا حولك وتقربوا منك وأصبحوا بطانتك ذات الرائحة التى أزكمت الأنوف.

سيادة المخلوع الأول محمد حسني السيد مبارك، الذي كانت أقصى أمانيه أن يعمل سفيراً في دولة أوروبية، ثم لعب الحظ لعبته وأصبح رئيسا للجمهورية بعد مقتل الرئيس محمد أنور السادات، لم تستمع لشعبك ولم تلتفت له وتركت مقاليد الأمور في يد نجلك المدلل وحفنة من المرتزقة والأفاقين والمنتفعين حتى أصبح كل شيء يدار بالرشوه والمحسوبية، أحكمت قبضتك الأمنية على العوام والبسطاء حتى نسوا أنهم بشر، وأن لهم حقوقا يجب أن يطالبوا بها، ولكن أبشر، فإنك من نسل بني آدم ومصيرك إلى التراب، وحين توارى الثرى وتقف أمام الديان العادل لن تجد أجهزتك الأمنية تحميك، فلا شرطة تنفع ولا جيش يشفع ولن تجد هناك دزينة الصحافيين المُسبحين بحمدك، كذلك لن تجد محاميا خبيثا يلوي الحقائق، كما يفعل الآن، ويدافع عنك أمام قاضي الأرض، محاكمتك التي ننتظرها ستكون أمام قاضي السماء.. أمام العدل.

وإلى ذلك الحين أرجو تقبل عظيم كراهيتي.

*مصر

المساهمون