مرّ أسبوع على توصل إيران لاتفاق نووي إطاري مع مجموعة " 5+1"، أُعلن عنه في لوزان السويسرية بعد جولة مفاوضات صعبة. أيام كانت كفيلة بتقديم مؤشرات كافية على الصعوبات التي ستواجه تحويل الاتفاق الإطاري إلى اتفاق نهائي خلال فترة الأشهر الثلاثة المقبلة.
التصريحات الإيرانية، التي صدرت أمس الخميس، والموافق ليوم التقنية النووية الإيرانية، ركّزت كثيراً على الاتفاق الإطاري وعلى تصريحات منتقديه في الداخل والخارج، فضلاً عن الكشف في هذا اليوم عن إنجازات نووية جديدة. وإن دلّ هذا الأمر على شيء، انما يدل على نية طهران بالاستمرار في تطوير برنامجها النووي، حتى وإن تم تقييده في بعض النواحي بموجب الاتفاق الذي من المفترض أن يدخل حيّز التنفيذ العملي بعد كتابة البنود مطلع يوليو/ تموز المقبل.
ولم يبدِ المرشد الأعلى، علي خامنئي، في تصريحاته أمس، تفاؤلاً كبيراً. وعلى الرغم من أنه لم يؤيد الاتفاق ولم ينتقده، غير أنه قال صراحة إن اتفاق لوزان لا يضمن التوصل لاتفاق نهائي، داعياً الجميع في الداخل الإيراني، سواء كان من مباركي الاتفاق أو منتقديه، إلى عدم اتخاذ مواقف قطعية ومستعجلة، واشترط إلغاء الغرب للعقوبات بالكامل، قائلاً إنّ عدم التوصل لاتفاق يحفظ عزّة الإيرانيين أفضل بكثير من اتفاق سيئ.
في موازاة ذلك، أبدى المرشد الإيراني دعمه للوفد المفاوض، وقال إنه حدد للمسؤولين الخطوط الحمراء التي يجب مراعاتها في المفاوضات في وقت سابق، مبرزاً أن سبب قلقه يعود لعدم الثقة بالطرف الغربي، ولا سيما الولايات المتحدة الأميركية.
وقال إن تصريحات الرئيس الأميركي باراك أوباما، إبان الإعلان عن بيان لوزان المشترك "والذي قدم تطمينات لآخرين واعتبر أن الاتفاق يحد من نشاط إيران النووي"، ما هي إلا تصريحات "تثبت خداع الأميركيين الذين يجلسون لطاولة واحدة مع طهران". ووجّه رسالة للمفاوضين الإيرانيين مطالباً إياهم بالحذر، كما طالبهم بالاستماع للمنتقدين في الداخل، لعلّ هؤلاء نوّهوا إلى نقاط تحتاج لحل فعلي وحقيقي على طاولة الحوار.
وكانت للرئيس الإيراني، حسن روحاني، بدوره، تصريحات تصب في السياق نفسه، على الرغم من أنّها كانت أكثر اعتدالاً. وخرج روحاني أمام الإيرانيين بعدما رفع الستار، مع رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي، عن تصميم محلي الصنع لمجمع وقود نووي لمفاعل بوشهر، كما كشفا عن إنتاج المزيد من النظائر المشعة، والتي تستخدم لعلاج أمراض مستعصية وتنتج عادة في مفاعل طهران للأبحاث.
واعتبر الرئيس الإيراني، في كلمته، أن ما جرى التوصل إليه في لوزان ليس بياناً مشتركاً، بقدر ما يعني أن الغرب قرر الاعتراف ببرنامج إيران النووي، وأدرك أخيراً أن سياسات التهديد والوعيد والضغط والحظر لا تنفع، مؤكداً على رغبة طهران باستكمال الحوار والتقرّب من الآخرين.
ووجّه روحاني كلامه أيضاً للداخل الإيراني، فبعد الإعلان عن بنود الاتفاق، أعرب كثر في الداخل عن قلقهم، فيما اعتبر البعض أنّ البنود تهدف للحدّ من القدرة النووية الإيرانية، في الوقت الذي لم تحصل فيه إيران على امتيازات كبرى وواضحة في المقابل.
وينص الاتفاق على تشغيل ستة آلاف جهاز طرد مركزي فحسب في منشأتي فردو ونتانز معاً. وهذه الأجهزة من أصل تسعة عشر ألف جهاز تمتلكها إيران. كما ينص على تبديل منشأة فردو إلى مؤسسة بحثية للعلوم النووية، فضلاً عن عدم السماح لإيران بالتخصيب بنسبة أعلى من 3.67 في المئة، وهو الأمر الذي أثار قلق كثيرين، ولا سيما أن المقابل غير واضح.
وحسب بيان لوزان، من المفترض أن تحصل طهران على كل الوقود النووي اللازم لمفاعلاتها، كما تستطيع أن تحصل على الاستشارات الغربية اللازمة لتطوير علومها وأبحاثها النووية، والأبرز هو قرار الغرب بمنح إيران امتياز إلغاء العقوبات المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي، سواء العقوبات الأميركية أو الأوروبية وحتى قرارات العقوبات التي أقرّها مجلس الأمن الدولي. واعتبر المعترضون على الاتفاق، خصوصاً المنتمون للتيار المحافظ المتشدد، أن آلية إلغاء العقوبات غير واضحة، متساءلين إن كان سيرفع الحظر فورياً أو تدريجياً أم سيبقى معلقاً إلى حين صدور تقارير دولية تثبت تأكد الغرب من سلمية البرنامج النووي.
وفي هذا السياق، جاء ردّ روحاني بأنّ وفده المفاوض لن يوافق على التوقيع على أي اتفاق نهائي ما لم تلغ العقوبات بشكل كامل وفوري. وقد تقاطع مع المرشد في هذا الصدد. ودعا الداخل إلى الانسجام لتحقيق مصلحة البلاد أولاً، محاولاً تبديد قلق المحافظين من تبعات بعض التنازلات، وهذا من خلال تركيزه على المكاسب التي حققتها طهران وأبرزها الاعتراف بها في النادي النووي الدولي.
اقرأ أيضاً (تهديد روحاني وعقوبات أوروبا يثيران قلقاً حول الاتفاق النووي)
لكن هذا الاعتراف بات مصدر قلق لبعض الأطراف الإقليمية على وجه الخصوص، ومن هنا انطلقت الرسائل الإيرانية للخارج، فقال روحاني إن بلاده لا تريد صنع سلاح نووي، ولا تريد أن تكون مصدر خطر أو تهديد للجيران، بل تريد مد يدها للآخرين، مؤكداً على خطاب حكومته المعتدلة الذي يعتمد الدبلوماسية والانفتاح.
وتدرك الحكومة الإيرانية أن الظروف الإقليمية تجعل الهدف الإيراني المنشود أكثر تعقيداً، وقد خصصت جزءاً من التصريحات الصادرة في يوم التقنية النووية لما يحدث في اليمن، وهو ملف يعني طهران بشكل مباشر، فوجهت رسائل مباشرة للسعودية التي تقود عمليات "عاصفة الحزم" ضدّ حلفاء طهران، جماعة "أنصار الله" (الحوثيين). وقال روحاني إن الضربات الجوية لن تثني اليمنيين، ودعا الكل في المنطقة للتكاتف لإيقاف الأزمة ووضع كل الأطراف اليمنية على طاولة حوار واحدة.
وحتى وإن بدا روحاني معتدلاً، لكن البلاد في سياستها الخارجية تعمل على تحقيق نوع من التوازن بين الدبلوماسية من جهة، والتشدد إزاء قضايا استراتيجية تعني البلاد بشكل مباشر من جهة أخرى، وهو ما يشير إلى أن طهران لن تستغني عن الحلفاء في سورية والعراق واليمن ولبنان في الوقت الراهن، رغم أنها باتت تجلس على ضفة تقابل الضفة السعودية تماماً، ورغم تحوّل المشهد لتنافس شرس بين الرياض وطهران من خلال معارك تدور خارج أراضي البلدين.
مواقف تشير إلى أن طهران لن تستغني عن وجهها النووي، وأن إصرارها على اتفاق جيد سببه إدراكها بأن الاتفاق النووي يفتح باباً عريضاً أمامها لتطوير علاقاتها مع الآخرين، وهو ما يساعدها على أداء دور أكثر وضوحاً في قضايا إقليمية حساسة، حتى مع تباين مواقفها عن تلك التي تتخذها أطراف إقليمية أخرى، ما يعني فتح بوابة لدور إيراني أكبر، فتحاول إيران بالتالي الحفاظ على التوازن في خطابها الموجه للداخل وذاك الموجّه لأطراف أخرى في الخارج بما يصب لمصلحة دورها الإقليمي والدولي.
التصريحات الإيرانية، التي صدرت أمس الخميس، والموافق ليوم التقنية النووية الإيرانية، ركّزت كثيراً على الاتفاق الإطاري وعلى تصريحات منتقديه في الداخل والخارج، فضلاً عن الكشف في هذا اليوم عن إنجازات نووية جديدة. وإن دلّ هذا الأمر على شيء، انما يدل على نية طهران بالاستمرار في تطوير برنامجها النووي، حتى وإن تم تقييده في بعض النواحي بموجب الاتفاق الذي من المفترض أن يدخل حيّز التنفيذ العملي بعد كتابة البنود مطلع يوليو/ تموز المقبل.
ولم يبدِ المرشد الأعلى، علي خامنئي، في تصريحاته أمس، تفاؤلاً كبيراً. وعلى الرغم من أنه لم يؤيد الاتفاق ولم ينتقده، غير أنه قال صراحة إن اتفاق لوزان لا يضمن التوصل لاتفاق نهائي، داعياً الجميع في الداخل الإيراني، سواء كان من مباركي الاتفاق أو منتقديه، إلى عدم اتخاذ مواقف قطعية ومستعجلة، واشترط إلغاء الغرب للعقوبات بالكامل، قائلاً إنّ عدم التوصل لاتفاق يحفظ عزّة الإيرانيين أفضل بكثير من اتفاق سيئ.
في موازاة ذلك، أبدى المرشد الإيراني دعمه للوفد المفاوض، وقال إنه حدد للمسؤولين الخطوط الحمراء التي يجب مراعاتها في المفاوضات في وقت سابق، مبرزاً أن سبب قلقه يعود لعدم الثقة بالطرف الغربي، ولا سيما الولايات المتحدة الأميركية.
وقال إن تصريحات الرئيس الأميركي باراك أوباما، إبان الإعلان عن بيان لوزان المشترك "والذي قدم تطمينات لآخرين واعتبر أن الاتفاق يحد من نشاط إيران النووي"، ما هي إلا تصريحات "تثبت خداع الأميركيين الذين يجلسون لطاولة واحدة مع طهران". ووجّه رسالة للمفاوضين الإيرانيين مطالباً إياهم بالحذر، كما طالبهم بالاستماع للمنتقدين في الداخل، لعلّ هؤلاء نوّهوا إلى نقاط تحتاج لحل فعلي وحقيقي على طاولة الحوار.
وكانت للرئيس الإيراني، حسن روحاني، بدوره، تصريحات تصب في السياق نفسه، على الرغم من أنّها كانت أكثر اعتدالاً. وخرج روحاني أمام الإيرانيين بعدما رفع الستار، مع رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي، عن تصميم محلي الصنع لمجمع وقود نووي لمفاعل بوشهر، كما كشفا عن إنتاج المزيد من النظائر المشعة، والتي تستخدم لعلاج أمراض مستعصية وتنتج عادة في مفاعل طهران للأبحاث.
واعتبر الرئيس الإيراني، في كلمته، أن ما جرى التوصل إليه في لوزان ليس بياناً مشتركاً، بقدر ما يعني أن الغرب قرر الاعتراف ببرنامج إيران النووي، وأدرك أخيراً أن سياسات التهديد والوعيد والضغط والحظر لا تنفع، مؤكداً على رغبة طهران باستكمال الحوار والتقرّب من الآخرين.
ووجّه روحاني كلامه أيضاً للداخل الإيراني، فبعد الإعلان عن بنود الاتفاق، أعرب كثر في الداخل عن قلقهم، فيما اعتبر البعض أنّ البنود تهدف للحدّ من القدرة النووية الإيرانية، في الوقت الذي لم تحصل فيه إيران على امتيازات كبرى وواضحة في المقابل.
وينص الاتفاق على تشغيل ستة آلاف جهاز طرد مركزي فحسب في منشأتي فردو ونتانز معاً. وهذه الأجهزة من أصل تسعة عشر ألف جهاز تمتلكها إيران. كما ينص على تبديل منشأة فردو إلى مؤسسة بحثية للعلوم النووية، فضلاً عن عدم السماح لإيران بالتخصيب بنسبة أعلى من 3.67 في المئة، وهو الأمر الذي أثار قلق كثيرين، ولا سيما أن المقابل غير واضح.
وحسب بيان لوزان، من المفترض أن تحصل طهران على كل الوقود النووي اللازم لمفاعلاتها، كما تستطيع أن تحصل على الاستشارات الغربية اللازمة لتطوير علومها وأبحاثها النووية، والأبرز هو قرار الغرب بمنح إيران امتياز إلغاء العقوبات المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي، سواء العقوبات الأميركية أو الأوروبية وحتى قرارات العقوبات التي أقرّها مجلس الأمن الدولي. واعتبر المعترضون على الاتفاق، خصوصاً المنتمون للتيار المحافظ المتشدد، أن آلية إلغاء العقوبات غير واضحة، متساءلين إن كان سيرفع الحظر فورياً أو تدريجياً أم سيبقى معلقاً إلى حين صدور تقارير دولية تثبت تأكد الغرب من سلمية البرنامج النووي.
وفي هذا السياق، جاء ردّ روحاني بأنّ وفده المفاوض لن يوافق على التوقيع على أي اتفاق نهائي ما لم تلغ العقوبات بشكل كامل وفوري. وقد تقاطع مع المرشد في هذا الصدد. ودعا الداخل إلى الانسجام لتحقيق مصلحة البلاد أولاً، محاولاً تبديد قلق المحافظين من تبعات بعض التنازلات، وهذا من خلال تركيزه على المكاسب التي حققتها طهران وأبرزها الاعتراف بها في النادي النووي الدولي.
اقرأ أيضاً (تهديد روحاني وعقوبات أوروبا يثيران قلقاً حول الاتفاق النووي)
لكن هذا الاعتراف بات مصدر قلق لبعض الأطراف الإقليمية على وجه الخصوص، ومن هنا انطلقت الرسائل الإيرانية للخارج، فقال روحاني إن بلاده لا تريد صنع سلاح نووي، ولا تريد أن تكون مصدر خطر أو تهديد للجيران، بل تريد مد يدها للآخرين، مؤكداً على خطاب حكومته المعتدلة الذي يعتمد الدبلوماسية والانفتاح.
وتدرك الحكومة الإيرانية أن الظروف الإقليمية تجعل الهدف الإيراني المنشود أكثر تعقيداً، وقد خصصت جزءاً من التصريحات الصادرة في يوم التقنية النووية لما يحدث في اليمن، وهو ملف يعني طهران بشكل مباشر، فوجهت رسائل مباشرة للسعودية التي تقود عمليات "عاصفة الحزم" ضدّ حلفاء طهران، جماعة "أنصار الله" (الحوثيين). وقال روحاني إن الضربات الجوية لن تثني اليمنيين، ودعا الكل في المنطقة للتكاتف لإيقاف الأزمة ووضع كل الأطراف اليمنية على طاولة حوار واحدة.
وحتى وإن بدا روحاني معتدلاً، لكن البلاد في سياستها الخارجية تعمل على تحقيق نوع من التوازن بين الدبلوماسية من جهة، والتشدد إزاء قضايا استراتيجية تعني البلاد بشكل مباشر من جهة أخرى، وهو ما يشير إلى أن طهران لن تستغني عن الحلفاء في سورية والعراق واليمن ولبنان في الوقت الراهن، رغم أنها باتت تجلس على ضفة تقابل الضفة السعودية تماماً، ورغم تحوّل المشهد لتنافس شرس بين الرياض وطهران من خلال معارك تدور خارج أراضي البلدين.
مواقف تشير إلى أن طهران لن تستغني عن وجهها النووي، وأن إصرارها على اتفاق جيد سببه إدراكها بأن الاتفاق النووي يفتح باباً عريضاً أمامها لتطوير علاقاتها مع الآخرين، وهو ما يساعدها على أداء دور أكثر وضوحاً في قضايا إقليمية حساسة، حتى مع تباين مواقفها عن تلك التي تتخذها أطراف إقليمية أخرى، ما يعني فتح بوابة لدور إيراني أكبر، فتحاول إيران بالتالي الحفاظ على التوازن في خطابها الموجه للداخل وذاك الموجّه لأطراف أخرى في الخارج بما يصب لمصلحة دورها الإقليمي والدولي.