طلبت جمعيات مهنية ومنظمات لرجال الأعمال، بتحصين الاقتصاد التونسي من تداعيات الوضع السياسي والأمني في البلاد، في ما تبقى من الفترة حتى الانتخابات البرلمانية والرئاسية، اللتين ستجريان على التوالي في أكتوبر/ تشرين الأول، ونوفمبر/ تشرين الثاني القادمين.
وتأتي الدعوات إلى حماية القطاعات الاقتصادية التي تشقّ طريقها نحو التعافي، من الارتداد إلى المناطق الحمراء عقب توتر الوضع السياسي في تونس وجدل حول إمكانية تأجيل الانتخابات، وتعكّر الوضع الصحي للرئيس الباجي قائد السبسي، فضلاً عن تنفيذ إرهابيين الخميس الماضي عمليات انتحارية في العاصمة تونس.
وأكد الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، في بيان عقب التطورات الأخيرة، "أهمية وحدة التونسيين ووقوفهم صفاً واحداً في مواجهة الخطر الأمني والاقتصادي والدفاع عن حرمة تونس، معتبراً أن الوضع الحالي يتطلب نبذ كل الخلافات الجانبية".
وقال عضو منظمة رجال الأعمال رياض عزيز لـ"العربي الجديد"، إن الوضع الاقتصادي في تونس في مرمى التقلبات الإقليمية والمحلية ما يجعله هشاً وسريع التأثر بأي تغيرات.
وأضاف أن هشاشة الوضع يجب أن يقابلها وعي جماعي بحماية القطاعات الاقتصادية، التي بدأت تتعافى وأهمها القطاع السياحي الذي يقبل على موسم واعد وحصيلة قد تتعدى 9 ملايين زائر.
ولفت إلى أن الوضع الإقليمي والتوترات في الجارتين ليبيا وتونس لا يخدم الوضع الاقتصادي المحلي، معتبراً أن وسيلة الدفاع الحالية هي التحصين الداخلي ورفع الإنتاجية وزيادة العمل، لزيادة نسب النموّ ومجابهة كل التغيرات المحتملة.
وعقب العمليتين الإرهابيتين الخميس الماضي في قلب العاصمة تونس، سارعت وزارة السياحة بإطلاق حملة للدفاع عن القطاع وتوجيه رسائل طمأنة للداخل والخارج عن سلامة المسالك السياحية والوضع الأمني عموماً.
وقال وزير السياحة التونسي روني الطرابلسي، في تصريحات صحافية عقب العمليتين الإرهابيتين، إن الحادث لن يؤثر على صناعة السياحة في البلاد، في ظل التأمين المحكم للمواقع السياحية، مضيفاً أن ثقافة الحياة ستظل منتصرة في تونس.
وارتفعت عائدات السياحة في تونس بنسبة 43 في المائة على أساس سنوي خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري، لتصل إلى 1.55 مليار دينار (509 ملايين دولار).
وأظهرت بيانات حديثة صادرة عن البنك المركزي التونسي، اطلعت عليها "العربي الجديد"، أن عدد السيّاح بلغ 2.7 مليون خلال الفترة من يناير/ كانون الثاني حتى نهاية مايو/ أيار، مقابل 2.5 مليون سائح في نفس الفترة من العام الماضي 2018، بزيادة بلغت نسبتها 8 في المائة.
ووفق البيانات فإن ارتفاع العائدات، يرجع بجانب زيادة عدد الوافدين إلى انخفاض سعر الدينار التونسي بنسبة 15.7 في المائة مقابل الدولار، بين نهاية مايو/ أيار 2018 ونهاية نفس الشهر من العام الجاري.
بدوره قال رئيس غرفة النزل والفنادق خالد فخفاخ في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن وكالات الأسفار لم تلغ الحجوزات، معتبراً العمليات الإرهابية الأخيرة عابرة ولا يمكنها التأثير على الموسم السياحي والقطاع الذي يتعافى بشكل جيد.
وأضاف فخفاخ أن نسبة الحجوزات في النزل تصل إلى 100 بالمائة، وأن بعضها استنفد طاقة الاستيعاب ولم يعد قادراً على تلبية طلبات الحرفاء الجديدة، مشدداً على أن الضربات الإرهابية ليست استثناءً تونسياً وأن الظاهرة عالمية ويجب ألا تلقي بظلالها على أي قطاع اقتصادي لاحقاً بحسب تأكيده.
السوق المالية لم تكن في تداولات الخميس الماضي، بمنأى عن تداعيات التوتر الأمني والسياسي الذي عاشته تونس، حيث شهد مؤشر الأسعار توننداكس مع الإغلاق هبوطاً بـ1.35 بالمائة إلى 7065 نقطة، وسط تداولات في حدود 7.7 ملايين دينار وفق تحليل "مينا كابتال" للوساطة في البورصة.
وفسّر الخبير في البورصة طلال عياد لـ"العربي الجديد"، تأثر السوق المالية وهبوط المؤشر بحالة الارتباك التي سادت يوم الخميس، مشيراً إلى أن التأثير اقتصر على المؤشر ولم يطاول حجم التداولات، الذي استقر في حدود 7.7 ملايين دينار، مقابل معدل تداول يومي ما بين 4 و5 ملايين دينار في الأيام السابقة.
وأفاد عيّاد أن الأسهم التي تم عرضها وجدت طلباً، وهو ما يثبت أن حالة الارتباك التي شهدتها السوق المالية ظرفية ولا يمكنها أن تؤثر على دور السوق المالية في تمويل الاقتصاد.
وتوقعت وكالة التصنيف الأميركية "موديز" نموّ الاقتصاد التونسي خلال 2019 بنسبة 2.3 بالمائة، رغم وتيرة نموّه الضعيفة، خلال الربع الأول على أن تبلغ هذه النسبة 2.6 بالمائة خلال 2020، في وقت سلطت فيه الضوء مرة أخرى على ضعف الصلابة المالية ومؤشر الدين العمومي للبلاد.
وأرجعت موديز هذا التحسن إلى الانتعاش الاقتصادي الوليد الذي غذته قطاعات السياحة والفلاحة والصناعة.