رسائل بن لادن: انعدام الثقة بإيران رغم الضيافة (2)

24 مارس 2015
حرص بن لادن على إخراج أسرته من إيران(فرانس برس)
+ الخط -
يختصر زعيم تنظيم القاعدة السابق، أسامة بن لادن، رؤيته لإيران في إحدى رسائله التي كان قد تبادلها مع قادة تنظيمه قبل اغتياله بالقول: "إيران غير مناسبة". وهو ما يفسّر حرص بن لادن، في جميع مراسلاته، على إخراج أفراد عائلته من إيران. وأتى هذا التقييم لإيران في إطار رده على رسالة من صديقه الحميم الشيخ محمود عطية، عندما أبلغه عن "ذهاب بعض الإخوة إلى إيران ضمن خطة المحافظة على الإخوة".

كما جاء ردّ بن لادن في وقت كان العمل فيه جارياً، بحسب ما اتضح من رسائل أخرى، على إخراج أبنائه سعد وعثمان وفاطمة وحمزة وبكر، إضافة إلى زوجته خيرية (أم حمزة) الذين لجأوا إلى إيران بعد هروبهم من أفغانستان أثناء الاجتياح الأميركي لها في 2001.

وقد وجّه بن لادن الشكر إلى أحد من راسلهم على مساعدته ابنه سعد على الخروج من إيران، على الرغم من أن ذلك الخروج أدى لاحقاً إلى مقتل نجله في غارة أميركية في عام 2009.

وبعد مقتل نجله، أبدى بن لادن حرصاً كبيراً على عدم نشر رسالة سجلها سعد قبل وفاته، وعمد إلى حذف بعض المقاطع منها بنفسه، فضلاً عن رفضه إيصالها كاملة حتى إلى أرشيف تنظيم القاعدة الإعلامي، باستثناء ما يتعلق بإيران. أي أن ما أراد أسامة بن لادن حذفه لم يكن إيران، بينما لم تكن استضافة إيران لأفراد في عائلته، موضوعاً للامتنان من جانبه. وقد جاء في رسالة من بن لادن إلى عطية الليبي أنه "بخصوص رسالة ابني سعد، رحمه الله، فأرى أن تحذفوا النسخ التي لديكم، وسأرفق لكم بإذن الله نسخة أحذف منها بعض ما يستدعي الحذف، ثم تكون في أرشيف السحاب، نظراً لما تضمنته من مادة مهمة في إظهار حقيقة النظام الإيراني".

ويبدو أن الشعور بالكراهية لم يكن من طرف واحد، بل كان متبادلاً، وإلا لما سهلت إيران أمر هروب أقارب بن لادن من أراضيها، وكأنها تريد التخلص من عبئهم، بعد أن عجزت عن كسب ودّهم، وتوظيف وجودهم لديها لمصلحتها.

ومع ذلك، فإنه من الواضح أن بن لادن كان على تواصل بشكل أو بآخر مع أقاربه في إيران على الأقل في الفترة الأخيرة التي سبقت خروجهم من الجمهورية الإسلامية.
ففي إحدى الرسائل، يقول بن لادن "في ما يتعلق بابني حمزة وأمه، فحبذا أن يتم أخذ جميع الاحتياطات الأمنية لقطع المراقبة، والتي من أهمها عدم الحركة إلا أثناء السحب الكثيفة، وبعد ذلك تتوجه أم حمزة إلى الوسيط من طرفنا، وقد أبلغته بترتيب ما تبقى من الأمر مع مراعاة أهمية اطلاعهم على الرسالة قبل التحرك، لأخذ الاحتياطات الأمنية التي تضمنتها من عدم إحضار بعض مقتنياتهم التي كانت معهم من إيران كحقائب السفر وما شابه. أما حمزة، فحبذا أن ترسلوه إلى منطقة بيشاور وما حولها، ليرتب بيتاً يتسع لأسرتين غير أسرته".

اقرأ أيضاً: "نيويورك تايمز": "سي آي إيه" مولت القاعدة بالخطأ

إيران والشك الدائم

في جزء آخر من مراسلات بن لادن، وفي سياق مختلف، تنعكس رؤية زعيم "القاعدة" لما يسميه "الخطر الإيراني على دول الخليج العربي"، إذ يبدي في إحدى الرسائل المطولة وجهة نظر عن أمن الخليج ترتكز على ما يمكن أن تتعرض له محطات تحلية المياه في حال نشوب صراع مسلح في المنطقة. ويحذر من أنه "سيتعرض للموت عطشاً عشرون مليون مسلم ولا يخفى عليكم أن الأمور مثل إعادة توجيه المحطات إن أصيبت تأخذ وقتاً لا يتيسر معه البتة إنقاذ حياة الناس. ومن هنا كان لا بد من الإشارة وتنبيه الناس ليأخذوا احتياطاتهم". ويلمح بن لادن، في الرسالة نفسها، إلى أن تعطيل محطات التحلية في الخليج قد يتم بفعل إيراني مباشر أثناء الحرب، أو قد يكون ناجماً عن إصابة بعض ناقلات النفط بالعطب وتسرب النفط للمياه القريبة من محطات التحلية في الخليج.
وينتقد بن لادن استنزاف المياه الجوفية، ويلمّح إلى موضوع شبكة أنابيب وآبار بعض دول الخليج، لكنه بصورة غامضة، وربما يقصد بها ما يتردد عن مشروع عربي ضخم لمدّ أنابيب مزدوجة إلى سواحل حضرموت اليمنية عبر وادي المسيلة لتصدير النفط الخليجي عبر بحر العرب، واستيراد مياه الشرب عبر أنبوب جانبي من المياه الجوفية اليمنية أو من محطات تحلية تنشأ على بحر العرب، بعيداً عن قدرات القوات الجوية الإيرانية أو على الأقل خلف مضيق هرمز المتوقع إغلاقه في أي حرب تنشب بين ضفتي الخليج.

 اقرأ أيضاً: تقرير التعذيب الأميركي: اسمان قادا لبن لادن... وحقائب نوويّة

المساهمون