رحيل مطاع صفدي.. مثقف من جيل القدر العربي

06 يونيو 2016
(من محاضرته في "المركز العربي" في الدوحة، ديسمبر 2014)
+ الخط -
حين نشر روايته التي عنونها "جيل القدر" كان المفكر السوري مطاع صفدي (1929-2016)، الذي رحل عن عالمنا أمس، ابن 32 عاماً، وكان الخيط الرئيسي الذي ينظم أحداثها هو أن يروي مسألة أبناء جيله، ممن عايشوا بدايات التفتّح على الفكر الفلسفي واليسارية ومقاومة الاستعمار ثم مرحلة ما بعد الاستعمار ونشوء الأنظمة في المنطقة.

كانت الفلسفة وتياراتها، خاصة الوجودية منها، تمشي جنباً إلى جنب مع التطلع السياسي ومع التفكير في الحرية بالنسبة إلى مجتمعات وبلدان خرجت للتو من حقبة استعمارية طويلة، من هنا، فإن الحرية الذاتية التي تبنتّها رواية صفدي بنفسها الوجودي، طريقاً لبلوغ الحرية السياسية التي كان ينشدها المثقفون آنذاك، غير أن انشغالهم بسجالات فكرية وربما شخصية أبعدتهم عن حقيقة أن الأنظمة بطغيانها حلّت محل الاستعمار، وهذا ما جعل صفدي يبدو مفجوعاً ببلوغه هذه الحقيقة في نهاية حياته.

في تلك الفترة كان الشاب صفدي من أوائل من انضمّوا إلى حزب البعث، بنسخته القومية الأولى الطامحة لنقد الطبقة والطبقة الحاكمة، لكنه سرعان ما انسحب منه، ليكون أيضاً من أوائل من انتقدوا الحزب في كتابه "حزب البعث مأساة المولد مأساة النهاية" الذي صدر عن دار "الآداب" عام 1964، بعد خروجه من السجن، وقدّم قراءة جريئة فيه ليس فقط لحزب البعث، بل لدور المثقف بل لنقل تواطؤ المثقف العربي حيال الأنظمة.

توالت كُتب صفدي بعد ذلك، صحيح أنها لم تكن كثيرة، فلم يكن كاتباً غزيراً، لكنها كتبٌ حملت جديداً في مقولة الحداثة العربية. قدّم، رئيس معهد الانماء العربي في بيروت، ورئيس تحرير "الفكر العربي المعاصر" و"العرب والفكر العالمي"، كتب "فلسفة القلق" و"نقد العقل الغربي: الحداثة ما بعد الحداثة" و"نظرية القطيعة الكارثية" و"نقد الشر المحض: نظرية الاستبداد في عتبة الألفية الثالثة" و" الثورة في التجربة" و"إستراتيجية التسمية" وروايتي "جيل القدر و"ثائر محترف"، إضافة إلى مجموعة قصصية بعنوان "أشباح أبطال". 

المساهمون