في شبابهما، رسمها بيكاسّو مرةً ببعض ثيابها، ثم عاد وعرض عليها أن تقف عارية ليُعيد رسْم اللوحة، إلّا أنّ زوجها المحافظ، حينها، رفض العرض. هكذا، بقيت اللوحة الأولى التي لم يكن الفنان راضياً عنها.
أمس، رحلت صاحبة اللوحة، ماريّا دِل روساريو كاييتانا (1926 – 2014) عن 88 عاماً، وعن رقم استثنائي من الألقاب والشائعات، مخلّفة وراءها ممتلكاتٍ وثرواتٍ لا يعرف أحد كم تعادل نقداً، وإن كانوا يقدرونها بخمسة إلى ستة مليارات يورو.
من الألقاب التي أُطلقت عليها، "دوقة ألبا" الذي ظفرت به عبر حياتها الطويلة (سبع مرات)، و"الكونتيسة" (19 مرة)، و"ماركيزة" (23 مرة) و"فيكونتيسة" (مرة واحدة). وقد مُنح لها اللقبان الرفيعان الأول والأخير بمرسوم ملكيّ، في ظاهرة لم تعهدها القارة العجوز في الزمن الحديث.
طبعاً، كل هذا لا يهمّ، فما يعني الوسط الثقافي الإسباني هنا هو حيازتها الشخصية لأكبر عدد من لوحات المشاهير، مثل بيكاسّو وغويا ودييغو فيلاثكيث وغيرهم.
إنها تمتلك ثروة فنية هائلة، لا يضاهيها في ذلك أيّ نبيل أو أرستقراطي أوروبي. وسؤال هذا الوسط الآن: كيف سيتصرّف ورثتها، أبناؤها الستة، بتلك الكنوز؟ هل ستغادر قاعات القصور الباذخة المغلقة، وتخرج إلى الناس؟
إلى ذلك، يستذكر مثقفو البلد أشياء غير سارّة عنها، ابتداءً من وقوف والدها مع فرانشيسكو فرانكو في بدايات الحرب الأهلية (1936 – 1939)، ورغبته بأن يصير الدكتاتور ملكاً لإسبانيا، مروراً بهوسها المرضيّ في الاستحواذ على أكبر كمّ من اللوحات الشهيرة، وليس انتهاءً بزيجاتها المتكررة من رجال يصغرونها كثيراً في السنّ.
اليوم، تموت"كاييتانا"، كما يحب أن يناديها الأصدقاء، في "بالاثيو دي ديوناس"، القصر الأجمل والأقرب إلى قلبها من ممتلكاتها في مدينة إشبيلية.
في أحد شوارع برشلونة، كان ثمة فرصة لالتقاء عدة أشخاص وسؤالهم عن رحيلها. وفي مقهى "السنترال"، الذي يؤمّه، عادةً، فنانون ومثقفون، سألنا ماريانو عما إذا كان قد عُرف عن "الفيوكونتيسة" دعمها الفنون، كعادة أثرياء إسبانيا. فقال: "لا، للأسف. لم يُعرف عنها ذلك، بل كانت متقوقعة بين أفراد عائلتها وحاشيتها المخملية". آخر يرى أنها "الشخصية الأكثر غرائبية وجموحاً تافهاً في المملكة"، وثالث يصفها بـ"العجوز المتصابية"، وأخير يعلّق: "ماتت؟ هذا لا يعنيني في شيء".
الطريف، في ما سمعنا، أن أصولها النبيلة (تنحدر من سلالة جيمس فيزجيمس، الابن غير الشرعي لملك إنجلترا جيمس الثاني) كانت تمنحها حق ألا تنحني أمام من يعتلي الكرسيّ البابويّ في الفاتيكان. ليس هذا فقط، بل سمعنا أنّ جدتها، دوقة ألبا الثالثة عشرة، كانت واحدة من ملهمات الفنان فرانشيسكو غويا في القرن الثامن عشر، ويقال إنها كانت موديل لوحته الشهيرة "ماخا العارية".