بمناسبة تحويل "الحي البعيد" إلى فيلم سينمائي، كتبت الصحافية صابرينا شُمبنوا، في 2010: "جيرو تانيغوشي، إنه أحد هؤلاء مؤلّفي المانغا، مُرهفي الحس، الوجوديين، الذين دون أن يُفصحوا، يلمسون مواضيع كبرى، مثل الحياة، والموت، والحب، والصداقة، والطفولة، والشيخوخة، والأحلام، وخيبات الأمل، والطعام والثقافة، الإنسان والطبيعة، الطبيعة والإنسان، الحيوان بداخل الإنسان.. أن نقول ذلك لهو أمر مُنهِك.
أثناء قراءته، نجد أنفسنا متورّطين في مأساة عائلية، في ملحمة تاريخية أدبية، في إثارة أرواحية. أو يُطعَن قلبنا من أجل لا شيء، شجرة، قوقعة، كلب عجوز. وفي كل الحالات، هي أعمال أبطأ سردًا، وتزول شيئًا فشيئًا، وأكثر تفصيلاً وقيمةً من مجمل أعمال المانغا الأخرى".
بدأت مسيرة الشهرة لجيرو تانيغوشي في بلده في الثمانينيات، عندما نشر "في زمن بوتشان"، ثم بعد ذلك بنحو عشر سنوات، عالميًا، مع نشر "الحي البعيد"، دُرّة أعماله. كما اشتُهر بكتب أخرى مثل "الذواقة الوحيد" أو"دفاتي أبي" أو "حديقة حيوان في الشتاء".
يتميّز جيرو تانيغوشي بأنه يصطحب القارئ إلى حميميات الحياة اليومية اليابانية، ساردًا قصصًا بسيطة، وإنسانية، ومهدّئة. أسلوب يُذكّرنا بسينما الياباني ياسوجيرو أوزو، الذي كان تانيغوشي يعشق أعماله، وإذا كانت قصصه الصغيرة لا تزال متجذّرة في اليابان، فالمواضيع التي ناقشها كانت عالمية، مثل العائلة أو الطفولة أو الطبيعة.
إن تانيغوشي، الذي أقرّ أن في رسوماته تأثيرات هي بالأحرى أوروبية، متمثِّلة في شخص جان جيرو مثلًا، والذي نشر معه "إيكاروس" في 1997، قد نجح في جذب عدد كبير من القرّاء في العالم وخاصةً في فرنسا.
سيباستيان لونجوفان، رئيس تحرير مجلة Canal BD Manga Mag، يفسّر قائلًا: "تانيغوشي هو بحق المؤلّف الذي كان الجسر الذي يربط بين شاطئ القصص المصوّرة؛ اليابان وفرنسا". ثم يضيف: "كمؤلّف ذي حساسية كبيرة، فتح تانيغوشي أعين القارئ الفرنسي وروحه على اليابان، البلد الآخر للقصص المصوّرة".
وُلد جيرو تانيغوشي في أغسطس/ آب 1947 في توتوري باليابان، في عائلة بسيطة للغاية، وقد استهلّ مشواره في القصص المصوّرة في 1970، فصدرت له "صيف جاف". ثم جرّب حظّه بعد ذلك في المانغا البوليسية، ولكنه اشتُهر مع صدور "في زمن بوتشان" (1987)، ببُعدها التاريخي. وفي التسعينيات، فضّل كتابة قصص تركّز على شخصيات عمل عليها بعُمق وتفصيل.
أثّر فيه التسونامي القاتل وكارثة فوكوشيما النووية في 2011، فقال إنه كان على وشك التخلّي عن مهنته، لأنه لم يعد يجد لها أية فائدة بعد وقوع هذه الكارثة. ثم أكّد الرجل ذو الشارب الرقيق: "إنهم القرّاء، خاصةً الفرنسيين، الذين حثّوني على الاستمرار". وفي النهاية، اعترف بأنه لا يعمل على الحاسوب "لأنني لا أعرف، لأنني لا أمتلك هذه المهارة".