رحيل جان لاكوتور... آخر أساطير الصحافة الفرنسية

19 يوليو 2015
اهتم لاكوتور بكتابة السير الذاتية (تويتر)
+ الخط -
عن عمر ناهز الـ94 عاماً، أعلنت صحيفة "لوموند" على لسان دومينيك لاكوتور عن رحيل الكاتب الصحافي والمؤرخ جان لاكوتور الذي نعتته جريدة "لو بوان" بوصفه "آخر أساطير الصحافة الفرنسية".

كاتب السيرة الأشهر في فرنسا، كان شاغله منذ الطفولة لقاء الشخصيات الكبيرة، وكان لوالدته المهتمة بالتاريخ الفرنسي والشخصيات التي طبعت تاريخ بلادها الأثر الأكبر على ولدها الذي سيصبح لاحقاً المقاوم الفرنسي الذي عمل مراسلاً حربياً وكاتب السيرة الذي التقى عظماء القرن العشرين.

ولد جان لاكوتور في مدينة بوردو في التاسع من حزيران/ يونيو سنة 1921 في بيت كاثوليكي محافظ ونال شهادة العلوم السياسية في نفس اليوم الذي دخلت فيه القوات النازية إلى مدينته. سرعان ما تطوّع لاكوتور في صفوف المقاومة الفرنسية وكانت ألمعيته وقدرته على
التحليل السياسي سبباً رئيسياً في انتدابه مراسلاً لصحيفة المقاومة السرية Combat ذات الطابع اليساري التي صدرت إبّان الحرب العالمية الثانية، والتي أشرفت عليها أسماء كبيرة من ألبير كامو الى جان بول سارتر، وإيمانويل مونيه وآخرين من الرعيل الأدبي الذي ارتبط بقضية المقاومة وتحرّر الشعوب.

شغفه بمنطقة جنوب الشرق الآسيوي، أجبر الجنرال لوكليرك على تعيينه مراسلاً في فيتنام، الأمر الذي مكّنه من إجراء مقابلات صحافية تاريخية مع كل من الزعيم الفيتنامي، هو شي منه، والجنرال جياب، واحد من أهم شخصيات حرب التحرير الشعبية، والذي قال عنه يوماً لاكوتور "إنه العسكري العبقري الذي هزم الغرب".

لاكوتور الذي أحب شارل ديغول، رفيقه على الجبهة، كتب عنه ثلاث مجلدات خرجت إلى العلن في سنوات 1984 و1985 و1986، كان أباً روحياً للرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران الذي حضر كواحد من الشخصيات التي كتب سيرتها في السنوات الأخيرة من القرن الماضي في مجلّد ضخم حمل عنوان "فرانسوا ميتران، قصّة فرنسي".

أثناء العدوان الثلاثي على مصر، كان لاكوتور متواجداً في القاهرة كمراسل لصحيفة "لوموند" وكان الوحيد، إلى جانب إريك رولو، والذي حظي بلقاء الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ومجلس قيادة الثورة والضباط الأحرار. وفي طريقه إلى مصر قابل لاكوتور جورج نقاش وغسان تويني وجيرار خوري في بيروت كما التقى لاحقاً شخصيات مصرية رفيعة المستوى
مثل محمد سيد أحمد وأحمد نافع وإبراهيم عامر وإبراهيم فخري ومحمد حسنين هيكل.

ولا يمكن المرور على اسم جان لاكوتور من دون العودة إلى اهتمامه بكتابة سيرة شخصيات أدبية طبعت الحياة الثقافية الفرنسية، فقد عبّر لاكوتور مراراً عن شغفه بالكتابة عن فرانسوا مورياك وأندريه مالرو وليون بلوم. وكان لاكوتور قد وضع سيرة لمورياك على الرغم من عدم معرفته الكبيرة بالديانة المسيحية وهو ابن البيت الكاثوليكي المحافظ وقد شكّل ذلك عائقاً لدراسة البعد المسيحي لدى مورياك وعلاقته بالكاثوليكية ثم بالجنسانية وعلاقته أخيراً بباسكال.

وتعتبر السيرة التي قدّمها عن الباحثة الأنتروبولوجية جيرمان تيليون، والتي اهتمت في أبحاثها بدراسة أصل الأمازيغ والبربر في الجزائر، إضافة إلى سيرة شامبيليون مفكّك الكتابة الهيروغليفية من أهمّ ما أنجز في سنواته الأخيرة. من دون أن ننسى الكتاب الذي شاركه فيه غسان تويني وجيرار خوري "قرن اللاشيء"، والذي ضم حوارات ومعلومات كثيرة عن المنطقة العربية والصعوبات التي تواجه شعوبها.


اقرأ أيضاً: انزعاج من فيديو يُظهر سلام الملكة إليزابيث "النازي" ببريطانيا