رحيل توم وولف.. خيط بين الرواية والصحافة الجديدة

16 مايو 2018
(1930 - 2018)
+ الخط -

يعدّ الكاتب الأميركي توم وولف (1930 – 2018) الذي رحل أوّل أمس الإثنين في نيويورك أحد أبرز المنظّرين للصحافة الحديثة كأسلوب لكتابة الأخبار والقصص الصحافية في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، قبل ان يتجه إلى الرواية ويصدر عمله الأول بعنوان "شعلة من الغرور" عام 1987.

وُلد الراحل في مدينة ريتشموند في ولاية فرجينيا، ودرس الأدب والأنثروبولوجيا حيث نال درجة الدكتوراه عام 1957 عن أطروحته التي حملت عنوان "رابطة الكتّاب الأميركيين: النشاط التنظيمي الشيوعي لدى كتّاب أميركا بين عامي 1929-1942"، واشتهر بكتاباته في النقد الثقافي منذ تلك المرحلة.

بدأ حياته مراسلاً صحافياً رغم العروض التي تلقّاها للعمل مدرّساً جامعياً، حيث عمل في صحيفة "واشنطن بوست" منذ عام 1959، ثم انتقل إلى صحيفة "نيويورك هيرالد تريبيون" في بداية الستينيات، وبدأ يشجّع محرّريها على التمرّد وكسر القوالب الصحافية التقليدية، وكتب حينها عدداً من التحقيقات اللافتة التي تعتمد على البناء المشهدي والحوارات الموسعة ونقْل وجهات نظر متعددة، والذهاب نحو تقديم وصف تفصيلي للحياة الشخصية للأفراد الذين يتمّ تناول قضاياهم.

راكم وولف رؤيته الخاصة للصحافة الحديثة عبر تكريس منهجه في تتبع ما أسماه "الظلال"؛ أي الخلفيات المؤثرة في مجريات الأحداث التي يجب مراقبتها على مدى فترة زمنية ممتدّة وملازمة الأشخاص الفاعلين فيها، بحسب وجهة نظره، بحيث يصبح الصحافي شريكاً معنياً في ما يكتب عنه، وأكثر تفاعلاً مع تفاصيله، وغير منفصل عن الناس وقضاياهم.

أصدر عام 1973 كتاباً بعنوان "الصحافة الحديثة"، أشرف على إعداده وتحريره، ويتضمّن قطعاً لعدد من أبرز الكتاب من أمثال ترومان كابوتي، وهنتر س. ثومبسون، ونورمان ميلر، وغاي تاليس، وجوان ديدون وغيرهم.

نال شهرته خارج أوساط الصحافة حين نشر روايته الأولى "شعلة من الغرور" التي حوّلت إلى فيلم سينمائي، وفيها يقدّم وصفاً دقيقاً لمدينة نيويورك وتوتراتها العرفية وتبايناتها الطبقية في أسلوب ساخر، من خلال سرد قصة بسيطة وعابرة حول شاب أسود تصطدم به سيارة كان يقودها شخص أبيض اللون، فيتمّ فتح التحقيق في الحادثة، وبالبحث عن السيارة يتبين أن مالكها رجل أعمال ثري، وبسؤاله عن مكان تواجده في وقت الحادث، يخاف من ذكر الحقيقة ﻷنه كان مع عشيقته المتزوجة.

له كتابان حول تحوّلات الفن الحديث والهندسة المعمارية، هما: "الكلمة المرسومة" (1975)، و"من باوهاوس إلى بيتنا" (1981)، إلى جانب أعماله الروائية: "رجل كامل" (1998)، و"أنا شارلوت سيمونز" (2004)، و"العودة إلى الدم" (2012).

المساهمون