رحَل أمس الأحد الشاعر النيكاراغوي إرنستو كاردينال (1925-2020) في أحد مستشفيات العاصمة ماناغوا إثر متاعب في القلب، الراحل أحد أبرز وأشهر شعراء بلاده ظلّ يعيش حتى أيامه الأخيرة، كما عُرف عنه دائماً ثورياً ومنتقداً للسلطة السياسية والدينية، هذه الأخيرة التي أقصته أكثر من ثلاثة عقود، إذ لم تعف عنه الكنيسة الكاثوليكية إلا العام الماضي.
كان الراحل أحد أكثر الشعراء المرموقين والمحبوبين في تاريخ نيكاراغوا، وتجاوزت سمعته وشعره حدود بلاده ليصبح من الأسماء المؤثرة في مشهد الشعر العالمي، حصل على العديد من الجوائز خلال حياته، بما في ذلك جائزة "ماريو بنديتي الدولية"، وجائزة "الملكة صوفيا للشعر" عام 2012، و"جائزة بابلو نيرودا للشعر الأيبيري الأميركي" و(2009).
وُلد كاردينال في غرناطة، المدينة الواقعة جنوب شرق العاصمة النيكاراغوية، لاحقاً أصبح كاهناً في كولومبيا، وأصبح صوتاً فكرياً بارزاً لثورة نيكاراغوا ومؤيداً قوياً للاهوت التحرير، وهي حركة مسيحية راسخة في المبادئ الماركسية وملتزمة بالعدالة الاجتماعية، وقد تمّ تعيينه أول وزير للثقافة في نيكاراغوا بعد أن أطاح الساندينيست بالدكتاتور الجنرال أناستاسيو سوموزا ديبايل عام 1979.
مع اشتداد معارضة الفاتيكان للاهوت التحرير في الثمانينيات في عهد البابا يوحنا بولس الثاني، التي كان الأب كاردينال محوراً فيها، وقبل زيارة مقرّرة إلى نيكاراغوا عام 1983، طالب البابا علناً بأن يستقيل الأب كاردينال وأربعة كهنة آخرين ممن دعموا الثورة من مناصبهم الحكومية.
بالفعل زار البابا نيكاراغوا في ذلك العام، وأثناء الاستقبال ظهر الأب كاردينال بين قساوسة آخرين يرتدون ملابس رجال الدين، وهو يرتدي قميصاً أبيض بلا ياقة وبنطلوناً وقبعة سوداء فوق شعره الأبيض الكثيف، وعندما انحنى لتقبيل يد البابا، سحب البابا يده ولوّح بإصبعه نحوه وهو يتحدّث إليه بصرامة، واشتهرت هذه الصورة وآنذاك ذكرت "الأوسشيتد برس" أن البابا أخبر الأب كاردينال: "عليك أن تصحّح موقفك مع الكنيسة".
كان كاردينال شخصية جدلية في تاريخ نيكاراغوا الأدبي والثقافي، وقد وُصف بأنه "أهم شاعر الآن في أميركا اللاتينية" سياسياً وشاعرياً، حيث كان صوتاً ممثلاً لنيكاراغوا ومفتاحاً لفهم الحياة الأدبية والثقافية المعاصرة فيها.
من أهمّ إصداراته: "مزامير النضال والتحرير" (1971)، و"تحية للهنود الأميركيين (1973)، و"نهاية العالم وقصائد آخرى" (1974)، و"ساعة الصفر" (1980) و"أصل الأنواع"، و"الحب لمحة من الخلود"، إلى جانب"صلاة من أجل مارلين مونرو"، ومن هذه القصيدة التي نقلتها إلى العربية، الكاتبة والمترجمة غدير أبو سنينة لـ صحيفة "العربي الجديد" نختار:
على ذمَة "التايمز"، كانت قد حلمت في طفولتها
أنها تقف عاريةً في كنيسةٍ
أمام حشدٍ من النّاس الساجدين
كان عليها أن تسير على أصابع قدميها كي لا تدوس رؤوسهم.
أنت تعرف أحلامنا أفضل مما يعرفها علماء النفس
كنيسةٌ، بيتٌ، كهف
هم أمان الرحم الأمومي
ويعني أيضاً أكثر من ذلك..
الكنيسة هي المعجبين، هذا واضح
(عجينةُ الرؤوس في العتمة تحت خيطِ الضوء).
لكن المعبد ليس استديوهات
20th Century Fox
المعبد الرخامي الذهبي، هو معبد جسدك
حيث يوجد ابن الإنسان والسوط في يده
يطرد العاملين في المحطَّة
الذين جعلوا من بيت عبادتك قبواً للصوص.