رجال بالكعب العالي

27 ابريل 2015
لم يكن عدد المشاركين كبيراً (حسين بيضون)
+ الخط -

"لأنّني بحترمها من رأسها حتى كعب إجريها (قدميها)، ولأنني رجّال ارتديت الكعب العالي". من خلال هذه العبارة، أعرب كل شاب شارك في الحدث العالمي "سر ميلاً بحذائها"، الذي نظّم للمرة الأولى في لبنان والشرق الأوسط، عن رفضه العنف ضد المرأة. فبعد تجربة "رجال بالكعب العالي" التي أطلقها ثلاثة شبان بعنوان "أف شو لذيذ"، العام الماضي، على موقع "يوتيوب"، نظمت جمعية "يو أف كونسبتس" (تسعى إلى إظهار الجانب الجميل من لبنان على الرغم من مشاكله) الحدث في منطقة ضبية (شرق بيروت)، أمس، دعماً لجمعية "كفى" عنفاً واستغلالاً، المعنية بالدفاع عن حقوق المرأة. وتجدر الإشارة إلى أن الحدث كان قد نظّم في 157 مدينة حول العالم العام الماضي.

كان محمد يرتدي حذاءً أحمر اللون. بدا سعيداً بتجربته هذه حتى لاحظ جميع المشاركين الأمر، لدرجة أن النساء اللواتي صودف وجودهن في المكان أردن شكره على دعمهن. كان يمازح المارة قائلاً: "لن أجبر زوجتي على ارتداء الكعب العالي من الآن فصاعداً"، في إشارة إلى الألم الذي يسببه. يوضح، لـ"العربي الجديد": "أشجع جميع المبادرات للدفاع عن حقوق المرأة، وخصوصاً حمايتها من العنف".

بدورها، تشعر زوجة محمد بالفخر، وخصوصاً أن زوجها يدعم المرأة ويسعى إلى حمايتها من الأذى وكل أنواع الترهيب الذي يمارس بحقها في ظل قانون غير منصف. أما جورج (21 عاماً)، وهو طالب جامعي، فقد عرف بالنشاط من خلال ملصقات وزعت في الجامعة، فاختار المشاركة رفضاً للعنف الذي يمارس ضد النساء. يقول إن "ارتداء الكعب العالي ليس أمراً محبذاً في لبنان أو الدول العربية. من هنا تأتي أهمية التأكيد على المساواة بين الرجل والمرأة، ومشاركة الرجل في الطهي والأعمال المنزلية وتربية الأطفال وغيرها. يجب أن نشعر بالخجل إذا أقدمنا على ضرب المرأة أو تعنيفها لفظياً أو جسدياً".

ورداً على بعض الذين سخروا منه، يقول: "إذا لم أساند أمي وأختي وكل نساء العالم، وأدافع عن حقوقهن، فلن أكون رجلاً حقيقياً". كان صديقه أحمد ينظر إلى قدميه باستغراب، وكأنه لا يصدّق عينيه". صار يمازحهم قائلاً: "أنتم السبب بمجيئي إلى هنا. أود لو تتوقفوا عن شتم كل امرأة تقود سيارة". يضيف: "أشعر بوجع في قدمي. أتمنى لو أخلع هذا الحذاء". يعاتبه صديقه إيلي قائلاً: "تحمّل ما تتحمله الفتاة. يجب دعمهن والإصرار على رفض العنف الذي يمارس بحقهن".

في السياق، يقول أحد منظمي النشاط، وجيد الحتي، لـ"العربي الجديد"، إن "الفكرة تتمثل في شراء أحذية نسائية والمشي بها لمسافة ميل واحد تعبيراً عن رفضهم للعنف بشتى أشكاله، وخصوصاً العنف ضد المرأة، والتوعية حول القضية". يضيف أن "الفكرة غريبة عن مجتمعاتنا العربية. لهذا السبب كان الإقبال على المشاركة قليلاً، ولم يتعدَّ الـ70 شخصاً. كذلك، اكتفى بعض الشباب بشراء أحذية، لكنهم فضّلوا عدم ارتدائها".

صُنعت الأحذية الحمراء في لبنان، وبيع الحذاء بمقابل نحو 32 دولاراً، علماً أن ريع هذا الحدث يعود إلى جمعيّة "كفى"، بحسب الحتي. وعلى الرغم من الهدف الإنساني الذي يحمله هذا الحدث، فقد شكل تحدياً كبيراً لعدد من الرجال الذين امتنعوا عن ارتداء الكعب العالي، بل رفضوا الفكرة شكلاً ومضموناً. في السياق، تقول المسؤولة الإعلامية في "كفى"، مايا عمار، لـ"العربي الجديد"، إن "الفكرة ليست نمطية"، لافتة إلى أن "مشاكل عدة رافقتنا خلال العمل. على سبيل المثال، امتنع عدد كبير من الرجال عن المشاركة، معتبرين أن ارتداء الكعب العالي ينتقص من رجولتهم ويكسر هيبتهم أمام زوجاتهم، وأن للمرأة واجبات لا يمكن للرجل القيام بها"، وتخلص أن "الفكرة بسيطة. لا أحد يقبل بالعنف، فلماذا نمارسه"؟



المساهمون