هذا الدعم المالي تطور إلى موقف سياسي آخر يرفض تجريم إنقاذ البشر. فبعدما وضعت شرطة إيطاليا الأصفاد بيديها، إثر إبحارها لأسبوعين تقريبا مع حوالي 40 مهاجراً أفريقياً جرى انتشالهم في المتوسط، وتحديها في النهاية لخفر السواحل الإيطالي، الذين أعاقوا طريقها، متجهة نحو جزيرة لامبيدوزا بصدم مركب شرطة إيطالية، نقلت من السجن إلى "إقامة جبرية في منزل" بانتظار محاكمتها. ويتوعدها الإيطاليون على الأقل بثلاثة أعوام سجنا، ما أثار استفزاز الألمان، المعروف عنهم تحفظهم أصلا تجاه عمل منظمات إنقاذ غير حكومية في المتوسط، فساهموا بجمع ذلك المبلغ الكبير، أمس الأحد، بمبادرة تلفزيونية.
قبطان "سي ووتش 3"، كارولا راكيتي، وجدت أيضا تعاطفا من ساسة ووزراء ألمان، بمن فيهم رئيس الدولة فرانك شتاينماير، الذي ذهب أمس إلى حد التساؤل حول صحة الإجراءات الإيطالية، في لقاء مع قناة "زد دي إف" بالقول:" إيطاليا تقع في قلب الاتحاد الأوروبي، وهي من مؤسسيه، ولهذا نتوقع من بلد كإيطاليا أن يتصرف مع هذه القضية بطريقة أخرى".
ووفقا لما نقل عن محاميها، سالفاتوري تيسريورو، فإن تصرفها بمخالفة أوامر شرطة وخفر السواحل الإيطاليين، بالإبحار نحو لامبيدوزا جاء كقرار "لإنقاذ اللاجئين وخوفا على حياتهم من القفز انتحارا في الماء، فهم لا يعرفون السباحة"، وذلك وفقا لما نقلت صحيفة "كوريري ديللا سيرا" الإيطالية. ونفى محاميها أنها تقصدت العنف بتصرفها وصدمها مركب الشرطة السريع، الذي حاول منع تقدمها نحو ميناء لامبيدوزا، عن طريق الخطأ، وهو حادث لم يؤد إلى إصابات.
وحاول وزير الداخلية الإيطالي المتشدد، ماتيو سالفيني، اعتبار ما قامت به كارولا "تصرفا عسكريا"، وهي عادته في اتهام سفن الإنقاذ في المتوسط وتحريض ائتلافه الحاكم على الناشطين الأوروبيين في مجال إنقاذ أرواح اللاجئين من على قوراب متهالكة في البحر الأبيض المتوسط.
والد الشابة كارولا، إيكهارت راكيتي، وصف ابنته للصحف الإيطالية بأنها "قد تصبح عصبية وتتخذ قرارا خاطئا لكنها امرأة قوية".
ويعرف عن كارولا نشاطها البحري منذ فترة طويلة، إذ أبحرت في المحيط المتجمد الشمالي سابقا، على متن باخرة تتبع لـ"السلام الأخضر" وتتحدث 4 لغات، وهي ناشطة ضد سياسات الاتحاد الأوروبي، وخصوصا توجهات اليمين المتشدد في إيطاليا الذي يستهدف منذ العام الماضي مراكب وسفن إنقاذ المنظمات الإنسانية في البحر الأبيض المتوسط.
واستعاض سالفيني عن ذلك بسياسات صارمة تركز على التعاون مع البحرية الليبية والمصرية لمنع المهاجرين من عبور المتوسط.
وعملت كارولا مع "سي ووتش" منذ 2016 كمتطوعة بلا راتب. وبقيت منذ 14 يونيو/حزيران المنصرم تسعى للرسو في لامبيدوزا، بعد إنقاذ 43 مهاجرا من الغرق، رغم أن الموقف الإيطالي الرسمي لحكومة التشدد اليميني يصف الناشطين والعاملين بالإنقاذ، مثل كارولا، بأنهم "مجرمون ومهربو بشر". وعلى هذا الأساس يجري التعامل "قانونيا" مع المنقذين المعتقلين. وضيّقت السلطات الإيطالية على سفن الإنقاذ بشكل كبير في المتوسط.