راكبو موج الثورة

08 ابريل 2016
+ الخط -
كثيراً ما يمارس البشر الرياضة بأنواعها، ولأسباب عدّة، فمنهم من يمارسها للأسباب الوجيهة المعروفة، وربما مارسَها آخرون ترفاً ومللاً، أو تقليداً لعَليّة القوم ليرفعوا بها خسيسَة نفوسهم، ترى أحدَهم مهرولاً يرشّ الأرض بعرقه "الذكوريّ"، ليُحدد مناطق نفوذه ضمن دائرةٍ نصف قطرها 1 كم .
من الممكن أن تغدو الرياضة ضرورةً، لا بد منها للحياة، وأكثر من ذلك، ربما أصبحت سبباً لوجود بعضهم بعد عدم، وظهورهم بعد خفاء! خير مثالٍ على هذا النوع من الرياضات رياضة "الرّكمجة"، وهي منحوتةٌ لغوياً من كلمتي: ركوب والأمواج.
لا تُقلّل من شأن هذا الذي يُقاوم الرّياح والتيّار معاً ليرقى من سفح "الموجَة" إلى قمّتها، فنحن، هنا، لا نتكلم عن سفح جبلٍ هامد، أو قمةٍ شامخةٍ ثابتة الارتفاع .
كثيرون هم الذين ركبوا موجة ثورتنا، عندما واتتهم فرصتهم الذهبية، فـ "الكاريزما" التي يُمَغْنطون بها قلوبَ النّاس قبل عقولهم لم يمْلكها "صلاح الدين" نفسُه، ولا "محمد الفاتح".
العيون منهم شاخصة، والنّظر حديد، والهدف واضح، واليقين مطلوب، فهل أدركتَ الآن لمَ اختلط علينا الأمر، نحن البسطاء، بطلعَة أمثال هؤلاء.
بدون أن يستأذن منك، يربط "عقلك الباطن" صورةَ حَليمهم بأبي بكر، وصاحب الغضبة فيهم بعمر، وجَوادهم بعثمان، وجَسورهم بعليّ .
وجوهٌ، وقارٌ، هيبةٌ، تقاسيمُ عظَمةٍ، ألفاظٌ مجلجلة مع الاهتمام بالقلقلة، إضاءة، بَيَارقُ خدّاعات، تستنهض فيك "التاريخ"، وتمحو من حولك "الجغرافية"، وتروي منك صحارى ظمأى قد تشقّقت بماءٍ كأنّه قد نبعَ توّاً من بين أصابع سَمِيّ هذه الرّاية صلى الله عليه وسلم، المعصومِ الذي نبّهه ربّه عزّ وجلّ: (وإذا رأيتَهم تُعجبكَ أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم).
في جزيرتنا المعزولة المحاصرة بطوفانٍ من الأمواج، بقي معنا شيءٌ من "شَعب"، وقليلٌ من "إيمانٍ" يساعدنا على الوقوف فوق الصّخور، لِتَشرَئبّ منّا الأبصار وراء تلك الموجة العالية، لسانُ حالنا ينادي نداءَ من فقد الجمل بما حمل، ولم يجده بعد، يصيح: كُنْ هوَ، نعمْ, إنّه هوَ، فإذا به "راكب موج ".
هي نفسها الموجة التي كانت سبباً لنتوئه العاجل، هوَتْ به بِأعجَلَ من ذلك في قاعِ نفاقه وخيانته .
مهما غرق في القاع ستلحق به اللعنات، لأنّه سَحبَ بثقله كلّ ما تمنّاه النّاس منه معَه، أحبّوه، أعطَوه، قدّسوه، لِيُغَادرهم "مُتَسرْبلين" بلونٍ يتحوّلُ تدريجيّاً من بياض الحقّ وصاحبه إلى سواد القهر والمظلومية، حتى يصبحوا وقد عجزوا عن كل شيء، إلا انتظار سفينةٍ مشحونةٍ بما يشبه بالنسبة إليهم "مُخَلّصِي" اليَهود والنّصارى والمهديّ و.. لِتدور الدّورة من جديد، وليظهر فيما بعد أنّ ركّاب السفينة كانوا من جوقة "فرسان الرّكمَجَة "


065AA779-1B94-40AF-8E12-7B20F41D1AFD
065AA779-1B94-40AF-8E12-7B20F41D1AFD
عمار الكاغدي (سورية)
عمار الكاغدي (سورية)