رئيس نقابة القضاة: هذه مسودة دستور للرئيس وليس للجزائر

07 يونيو 2020
يحظى مبروك باحترام واسع بين الجزائريين (تويتر)
+ الخط -

وصف رئيس نقابة القضاة في الجزائر، يسعد مبروك، مسودة التعديلات الدستورية التي طرحها الرئيس عبد المجيد تبون بأنها "دستور الرئيس وليس دستور الجزائر"، وحذّر ممن وصفهم بـ"فيالق المتزلفين"، ومن أن تضيع الفرصة الحالية لصياغة دستور توافقي ينهي المشكلات السياسية للبلاد.

ونشر النقيب القاضي يسعد مبروك تقدير موقف وقراءة نقدية للمسودة المطروحة، خلص فيها إلى أنها أبقت على صلاحيات واسعة للرئيس بخلاف وعود سابقة بتقليصها وإحداث توازن بين السلطات، وأكد أن "رئيس الجمهورية (تبون) تعهد أن يكون الدستور دستورا للجزائر وليس دستور الرئيس، غير أن الصلاحيات التي أبقتها اللجنة للرئيس توحي وكأنها تسعى لكسب وده بدلا من التأسيس لدولة المؤسسات".

وأشار مبروك إلى أن مسودة الدستور جاءت خالية من التطلعات الرئيسية للجزائريين المعبر عنها في مظاهرات الحراك الشعبي، وقال "التصريح بمراعاة ما أفرزه الحراك الشعبي على مستوى الديباجة لم يظهر تماما على مستوى نصوص الدستور التي حافظت في الغالب على نفس الآليات والمؤسسات السابقة مع تغييرات طفيفة لم تعالج العمق المؤسساتي للدولة".

واعتبر القاضي يسعد مبروك أن المسودة تتضمن بعض البنود الإيجابية التي تخص تعزيز استقلالية السلطة القضائية، لكنه أوضح أنها "لن تكون كافية ما لم يؤخذ بمقترحات أصحاب الشأن العاملين في الميدان، سعياً لقضاء مستقل يحمي مصالح المجتمع ويصون حقوق وحريات الأفراد، وعلى المشرع الدستوري أن يعيد مطرقة القضاء لأيدي القضاة دون سواهم، وعليهم استعمالها وفقا لقواعد القانون وإملاءات الضمير الإنساني دون سواهما"، مضيفا أن "مبدأ الفصل بين السلطات تم طرحه بأسلوب بيروقراطي في إطار الحفاظ على التوازنات القائمة، ما حال دون تكريسه وفقا للمأمول، لا سيما من خلال إقحام الجهاز التنفيذي والتشريعي في الشأن القضائي الذي يراد له أن يبقى تحت الرقابة والوصاية الأبوية".

وأكد نقيب القضاة الذي يحظى باحترام مجتمعي وسياسي كبير في الجزائر، بسبب مواقفه والنقابة الداعمة لمطالب الديمقراطية للحراك الشعبي، أن "ديباجة المسودة تبين حالة التردد التي كانت عليها اللجنة المختصة (اللجنة الدستورية) بين الذهاب إلى تغييرات جذرية أو الاكتفاء بعملية ترويض للدستور الحالي، وكأني بها تريد معالجة المرض المزمن بمسكنات الألم، ومع الاحترام الواجب لمقام أعضائها، علما أن التحجج بعدم تجاوز رسالة التكليف لا يستقيم مع التصريحات المعلنة لرئيس الجمهورية الذي تعهد بتغيير جذري للدستور".

وحذّر مبروك الرئيس عبد المجيد تبون من تغليب مواقف من وصفهم بـ"فيالق المتزلفين" و"المتلهفين للمشاركة في تعديل المسودة أو مباركتها كما هي، الذين يسعون للتموقع المصلحي بطريقة مبتذلة".

تخوف من المواجهة والنقاش
وانتقد رئيس نقابة القضاة الطريقة التي تعتمدها الرئاسة في مناقشة المسودة والمقترحات، بإعلانها استلام المقترحات والمساهمات من الفاعلين السياسيين والمدنيين عبر البريد والبريد الإلكتروني، وهو "ما لا يسمح بنقاش مجتمعي حقيقي، وكأنها (اللجنة) تتفادى المواجهة مع فئات المجتمع والاستماع للآراء المخالفة وتسعى لقولبة صياغة نهائية لن تختلف كثيرا عن المسودة الأصلية، وتداعياتها ستكون كارثية"، معبرا عن استياء بالغ لصياغة المسودة باللغة الفرنسية قبل ترجمتها إلى اللغة العربية، ووصفها "بصورة كاريكاتورية مسيئة".


ويدعم موقف نقيب القضاة غالبية المواقف التي أبدت نفس التحفظات على الدستور المعروض للنقاش، وخلال الأيام الأخيرة تطور النقاش السياسي في الجزائر من الاعتراض على مضمون المسودة إلى المطالبة بمراجعة جذرية لمسار تعديل الدستور وتشكيل لجنة دستورية توافقية تتولى صياغة الدستور، بحسب ما طالبت به جبهة العدالة والتنمية وحزب طلائع الحريات الذي أسسه رئيس الحكومة والمرشح الرئاسي السابق علي بن فليس، كما أعلنت حركة مجتمع السلم تحفظات على اللجنة، إضافة إلى اعتراضات سابقة على مضمون المسودة من قبل قوى البديل الديمقراطي وجيل جديد وجبهة القوى الاشتراكية والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية وحزب العمال، كما أعلنت حركات فتية انبثقت من الحراك الشعبي كحركة عزم والسيادة الشعبية والتيار الأصيل وبداية رفضها مسودة التعديلات الدستورية، في مقابل إعلان جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي دعمها للتعديلات المطروحة، إضافة إلى الجيش الذي زكى أول من أمس المسودة.