ولم توضح الحكومة أسباب الإقالة، ولكنها تتزامن مع إقالة عدد من الكوادر الأمنية في محافظة صفاقس، أمس، بعد حادثة غرق المركب الذي كان يقل مهاجرين سريين، حيث وصل عدد الغرقى منهم حتى الآن 68 شخصا، وسط اتهامات بإمكانية تورط أمنيين بالتغافل عن شبكات الهجرة السرية الناشطة على السواحل التونسية، وربما حتى التورط معها.
ورجح مراقبون أن تكون الإقالة أيضا على خلفية ما راج منذ أيام حول تحديد الحكومة لمهلة زمنية أمام وزير الداخلية لإلقاء القبض على وزير الداخلية الأسبق المطلوب للعدالة ناجم الغرسلي، وأن هذه المهلة لـ48 ساعة انتهت اليوم.
ورد المتحدث باسم الداخلية منذ يومين بأن هذا الكلام غير صحيح وأن الداخلية لم يبلغها أي شيء بهذا الخصوص من رئاسة الحكومة.
ولكن الحقيقة هي أن هذه الإقالة تنهي أشهرا من الخلاف بين الرجلين، وتعكس عدم تجانس الحكومة منذ تشكيلها.
وتشير مصادر عديدة إلى أن تعيين وزير الداخلية لطفي براهم لم يكن باقتراح من الشاهد أصلا، بل من الرئيس الباجي قائد السبسي، وقد يكون وزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي قد وافق على تعيينه والإبقاء على غازي الجريبي في وزارة العدل، دون أن يعكس هذا حماسة لفائدة براهم، ولكنه كان من بين الأسماء المقترحة وقتها.
ولكن يبدو أن الخطوط كانت مقطوعة بين وزير الداخلية ورئيس الحكومة لفترة طويلة، حيث تؤكد تقارير أن وزير الداخلية قد تعاظم حضوره وربما بدأت بعض الجهات في التفكير في ترشيحه لخلافة الشاهد.
وأثارت زيارته غير المعلنة للمملكة العربية السعودية منذ أشهر أسئلة كثيرة لها علاقة بهذا الموضوع، حيث حظي باستقبال وترحيب ملكي زائد عن البروتوكول السعودي العادي، ما أثار تساؤلات كثيرة حول خلفيات الزيارة وأهدافها ونتائجها أيضا.
وقال مراقبون وقتها إن الزيارة قد تعكس بحث المملكة عن موالين محتملين لها في تونس، وإن براهم قد يكون أحدهم.
وتأتي إقالة براهم بهذه الطريقة أيضا في شكل رسالة من الشاهد إلى المشهد العام في تونس، وخصوصا معارضيه المطالبين برحيله، بأنه لا يزال يمسك بكل الخيوط في تونس، وأنه صاحب القرار التنفيذي حتى الآن، وأنه بصدد ممارسة صلاحياته كرئيس للحكومة وباقٍ وليس على أبواب الرحيل.
وكان الشاهد قد أشار في خطابه الأخير للتونسيين إلى أنه سيقوم بإصلاح حكومته وإدخال التغييرات الضرورية عليها لإحكام عملها، ولكن علامات الاستفهام حول بقاء الشاهد نفسه لا تزال مطروحة إلى اليوم، في انتظار أن يحسم الرئيس التونسي موقفه من الأزمة بوضوح وبشكل نهائي ينهي حالة الانتظار التي طالت أكثر من اللزوم وتسببت بشلل في مؤسسات الدولة.