رئيس الائتلاف لـ"العربي الجديد": توسيع الضربات الغربية سيرضخ الأسد للقرارات الدولية

16 ابريل 2018
مصطفى: الثورة لم تهزم رغم التخلي الدولي عنها(العربي الجديد)
+ الخط -
اعتبر رئيس "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية"، عبد الرحمن مصطفى، في مقابلة خاصة مع "العربي الجديد" أن الضربات الغربية التي تعرّضت لها مواقع تابعة للنظام السوري أخيراً، تعدّ رسائل قوية لحماة النظام وشركائه للكفّ عن سفك دماء السوريين، ومحاولات الهيمنة على سورية. مقابل ذلك، قللّ مصطفى من شأن تأثير خسارة المعارضة للغوطة الشرقية، قائلاً إن "بعض التبدّلات العسكرية الميدانية والسيطرة على جيوب هنا وهناك لن تفيد النظام وروسيا في شيء على مستوى الصراع ككل". وأبدى مصطفى، تفاؤلاً لناحية الهدوء النسبي الذي تشهده الجبهات السورية، معتبراً أنه "في حال صمتت المدافع وتوقف إلقاء البراميل المتفجرة، فإن الخيارات ستكون في صالح الثورة". 

ما تعليقكم على الضربات الغربية التي تعرّض لها النظام السوري؟

إن استهداف قوات الأسد ومقراته، يوجّه رسائل قوية لحماة النظام وشركائه، روسيا وإيران، للكفّ عن سفك دماء السوريين، ومحاولات الهيمنة على سورية، والقول لهما إنكما لستما اللاعبين الوحيدين في المنطقة ولا في العالم. وأرى أن العمليات العسكرية على نظام الأسد ينبغي أن تشلّ قدراته على الإجرام، لا أن تكون مجرّد صاروخ هنا وصاروخ هناك، لأن النظام يتحمّل المسؤولية الكاملة بنشره الفوضى والإرهاب وجعله سورية مرتعاً لتدخل إيران وروسيا. استمراره في ارتكاب جرائم الحرب، وضع العالم أمام مسؤولية معاقبته، وروسيا لن تنجح في تعطيل العدالة الدولية إلى ما لا نهاية. وهنا أحثّ الولايات المتحدة على توسيع الحملة العسكرية لتشمل المقرات العسكرية التابعة للأسد كافة، وباعتقادي أن توسيع الضربات سيرغم النظام على الدخول في العملية السياسية والرضوخ للقرارات الدولية.

يبدو أن ما جرى في الغوطة قد أفقدكم كمعارضة ورقة ضغط كان من شأنها أن تحسن من موقفكم التفاوضي، ما يعني أنكم اليوم على مفترق طرق. بناءً على ذلك، كيف تنظرون إلى مستقبل العملية السياسية في ظلّ الإصرار الروسي على فرض الحل السياسي بأدوات عسكرية؟

بالنسبة لنا الموقف التفاوضي ثابت، ولا توجد أي أسباب يمكن أن تغيّره، لأن أهدافنا وما نطالب به هو حقوق أساسية وأصلية ولا يجوز التنازل عنها، المتغيّرات لن تطاول هذا الجانب. إضافة إلى أن قرارات مجلس الأمن، رغم صدورها تحت رحمة حق الفيتو الروسي، ورغم عدم احتوائها على ما يضمن تنفيذها، إلا أنّها لا تتناقض مع حقوق السوريين وأهدافهم، وتقرّ حرفياً ببيان "جنيف 1". بعض التبدلات العسكرية الميدانية والسيطرة على جيوب هنا وهناك لن تفيد النظام وروسيا في شيء على مستوى الصراع ككل.

 

ــ ينظر مراقبون لمرحلة ما بعد الغوطة على أنها مرحلة صراع سياسي بامتياز، لا سيما بعد ترسيم مناطق النفوذ، ما هي أولوياتكم لهذه المرحلة، وما هي أوراق القوة التي تستندون إليها في ظل غياب الحوامل العسكرية لكم كائتلاف على الأرض؟

أولوياتنا هي أولويات الثورة كما كانت دائماً، نحن نهدف لاستعادة حقوق الشعب السوري، والشعب السوري اختار الثورة واختار الخيارات السلمية ثم الخيارات العسكرية. في حال صمتت المدافع وتوقف إلقاء البراميل المتفجرة، فإن الخيارات ستكون في صالح الثورة بلا شك. الحامل الأساسي للثورة هو الشعب السوري وتطلعاته المشروعة، وهذا ما يجب أن نركّز عليه باستمرار، ونتجنّب الانحراف أو البحث عن نقاط ارتكاز واهية. أي حامل إضافي يقرّ بما يقره الشعب السوري هو إيجابي، لكن قيمته الحقيقية تأتي من الحامل الأساسي والشعب السوري. 

يوحي المشهد السياسي بأنّ هناك حالة من التخلّي الدولي والإقليمي عن دعم المعارضة وعلى رأسها الائتلاف الوطني. في ظلّ ذلك، هل باستطاعتكم أن تكونوا جزءاً من المشهد السياسي، وتحديداً التأثير في شكل الحل وخصوصاً لدى النظر إلى الاتفاقات التي تعقد بعيداً عن أعينكم؟

التخلي الدولي ليس جديداً، وهذا ما يبعث على التفاؤل، لأن الثورة ورغم التخلي الدولي عنها طوال سنوات، لم تهزم. كان واضحاً بالنسبة للكثيرين منذ بداية الثورة أن إسقاط النظام خطّ أحمر، واضح أن أعداء حرية الشعب السوري كثر، لكن السوريين يعانون أيضاً من تقصير الأصدقاء في تقديم الدعم الضروري. من حقنا أن نتساءل ونستنكر، كيف يتلقى الأسد ونظامه الاستبدادي الإجرامي الإرهابي كل هذا الدعم من أطراف دولية وإقليمية، في مقابل عجز المجتمع الدولي "المتحضّر" برمته عن دعم خيار الشعب السوري المطالب بالحرية والديمقراطية طوال كل هذه السنوات، واكتفائه بمراقبة المجزرة تلو المجزرة، والاستخدام المستمر للأسلحة المحرمة وأسلحة التدمير الشامل. السنوات الماضية كلها كانت صعبة وعصيبة، لكنها كشفت أيضاً عن إمكانيات وقدرات الشعب السوري، وهو ما يمنحنا الأمل الكبير. واليوم، ومهما تداخلت الخيوط، فإن السوريين هم من يقررون شكل الحل، لا نستطيع أن نعتمد على الآخر، إنّ تعاوننا وثقتنا ببعضنا وعملنا المستمر هو كل ما يمكننا أن نراهن عليه.

 

ما مدى انعكاس الخلافات الخليجية-الخليجية على المعارضة عموماً وعلى الائتلاف خصوصاً؟ وهل تعتقدون أنكم اليوم تتجهون نحو مراجعة شاملة أكثر من أي وقت مضى؟

بالتأكيد الخلافات الخليجية ليست في مصلحة أحد، لا نحن ولا العرب ولا الخليجيين أنفسهم، نحن ننظر إلى الأزمة الخليجية بعين من ينتظر أن تحلّ بأقرب فرصة، لا يحتمل الوضع العربي والإقليمي نزاعات إضافية. أمّا عن تصويب المسار، فهو أمر مهم وضروري ونعمل عليه بشكل مستمر. ولكن بالنسبة للمراجعات، فلا يمكن أن يقوم بها من يمثّل الثورة ويناضل من أجل حقوق الشعب، ممكن تعديل المسارات، أو تفضيل خطة على أخرى، أمّا مراجعة منطلقات الثورة وأسسها المتعلقة أساساً بحقوق أصلية للشعب، فهذا غير ممكن وغير وارد.

ما هي علاقتكم الحالية بالهيئة العليا للمفاوضات، وهل ترون أن الانتقادات التي تطاولها بخصوص أنها تمثل جميع الفاعلين الإقليميين والدوليين باستثناء الشعب السوري، انتقادات محقة، ولماذا؟

هيئة المفاوضات السورية هي هيئة للمفاوضات، ولها مهام محددة هي قيادة عملية التفاوض من أجل الوصول لحل سياسي، وتستمد شرعيتها بشكل أساسي من الائتلاف وفصائل "الجيش الحر"، وكذلك من "هيئة التنسيق" وأعضاء مستقلين. من حق السوريين أن ينتقدوا أداء مؤسساتهم السياسية والتنفيذية وغيرها، وهذا أمر يجب أن نتوقعه ونستفيد منه، وندرك أن جزءاً كبيراً منه هو غضب على الوضع الدولي، وعلى فشل المجتمع الدولي في الوفاء بوعوده وتحمل مسؤولياته، لأن جميع الأجسام الممثلة للشعب وللثورة لم تتنازل عن أي من حقوق وتطلعات السوريين، ولم يتمكن أي ضغط دولي أو إقليمي أو سياسي أو غيره من حرف دفة الثورة.

 

نلاحظ من حين لآخر ظهور تصريحات مناقضة لأهداف المعارضة السورية من بعض الشخصيات المحسوبة على منصات ممثلة بالهيئة، وتحديداً موقف منصة موسكو الذي رفض انتقاد التصعيد الروسي الأخير على الغوطة. لماذا لم نشاهد إجراءات ملموسة للحدّ من هذه التصريحات؟

العمل السياسي عمل معقد، ويحتمل رؤى متعددة، وهو الأمر الذي يتطلبه العمل في المؤسسات الديمقراطية والتعددية، لذلك فإننا داخل "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية"، الممثل الشرعي للشعب السوري، نجد توجهات متعددة، لكن على العموم الخط العام للثورة لم يتأثر ولا يمكن أن يتأثر، لأنه يمثل الشعب السوري وملتزم بالرؤية التي تنال دعم غالبية أبناء سورية.

كيف تقيّمون عمل الحكومة المؤقتة، ذراعكم التنفيذي في الداخل السوري، ولماذا للآن لم تقم بالدور المطلوب منها، وكيف تتعاملون مع منعها من مزاولة عملها في إدلب؟

طوال السنوات الماضية نحن في صراع مع واقع غير طبيعي، الحكومة المؤقتة مطالبة بالعمل في ظروف غير طبيعية، فهي مستهدفة بأي لحظة من الجو، ومشاريعها ملاحقة من قبل النظام وداعميه، الحكومة السورية المؤقتة محرومة من إمكانية التخطيط الحقيقي للمستقبل بسبب عدم التزام الدول بتعهداتها، وبسبب عدم توفّر موارد فعلية ثابتة. هذا الصراع مستمر منذ الحكومة المؤقتة الأولى، ورغم ذلك، هناك عمل وإنجاز وخدمات تستمر الحكومة في تقديمها، سواء في أمور الصحة والتعليم، أو في ما يتعلّق بإغاثة المهجرين والنازحين والتعامل مع حملات تهجير قسري هائلة. إن خبرات الحكومة السورية المؤقتة تراكمت، وبات لديها تجارب في إدارة المناطق وتوفير الخدمات للسكان، وإنشاء المشاريع. ملف الحكومة ملف مصيري، ونحن نضعه دائماً أمام الدول الصديقة، وكل ما نحتاجه هو الوفاء بالتعهدات التي تم إطلاقها منذ تأسيس الائتلاف ومنذ اجتماع "أصدقاء الشعب السوري".

أخيراً، البعض اعتبر أن تحرككم إزاء ما جرى في الغوطة لم يرق للمستوى المطلوب، ما تعليقكم على ذلك، وكيف تنظرون إلى الحراك الدولي رداً على ما جرى؟

أجرى الائتلاف اتصالات مع الدول المعنية في ضوء التصعيد الروسي وجرائم الإبادة في الغوطة، بهدف ملاحقة المجرمين، وحماية المدنيين. هناك مسؤوليات دولية على المجتمع الدولي أن يتحملها، على مجلس الأمن التعامل مع جرائم الحرب التي يرتكبها النظام، والتعامل مع عرقلة الفيتو الروسي. لذلك فإن الائتلاف الوطني دعا الدول دائمة العضوية والدول المعنية، وتحديداً الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، للتحرّك وفق مسؤولياتهم في حماية الأمن والسلم الدوليين. وقد طالبنا، في أعقاب جريمة قصف دوما بالأسلحة الكيميائية وبعد مجازر سابقة عدة، باتخاذ الإجراءات اللازمة كافة لردع نظام الأسد عن تكرار فعل هذه الجرائم ضد الإنسانية وبآليات واضحة ومستمرة، كما طالبنا بإحالة ملف جرائم نظام الأسد إلى المحكمة الجنائية الدولية. هناك مسؤولية للجميع تجاه وقف العدوان على الشعب السوري ومعاقبة المجرمين، وإنهاء أي تهديد يمثله النظام على الشعب.