تشهد محافظة السويداء، الهادئة أمنياً، إقبالاً محدوداً على عملية الانتخابات الرئاسية، التي يدعوها السوريون "انتخابات الدم"، في ظل تعزيزات أمنية واسعة، وتغطية إعلامية شبه معدومة.
وتجهد آلة النظام الإعلامية لتظهير هذه الانتخابات، إلى الرأي العام المحلي والخارجي، على أنها استحقاق دستوري "ديمقراطي"، من شأنه وضع حد للأحداث الدائرة في البلاد منذ أكثر من ثلاث سنوات، و"الانطلاق بسورية نحو مستقبل جديد".
ويقول ناشطون من السويداء إنه من أصل نحو 380 مركزاً انتخابياً، موزّعين على أنحاء محافظة السويداء، لم يحظ سوى مركزين فقط، هما بناء المحافظة (السرايا)، ومسرح التربية في المدينة، بتغطية إعلامية، بهدف إبراز عمليات الاقتراع، وسط إجراءات أمنية مشددة. وشهد هذان المركزان مظاهر احتفالية ومزايدات "وطنية" من بعض مؤيدي النظام وعناصر "الشبيحة"، وسط كثافة نسبية لحضور الناخبين.
لكن، وفي العموم، كان واضحاً محدودية إقبال الناخبين على بقية المراكز في المحافظة، والتزام الكثير من المواطنين منازلهم، وسط مخاوف من الخروج، بعد شائعات تواترت خلال الأيام الماضية، تضمنت تهديدات بالقيام بتفجيرات في كل أنحاء سورية، بالإضافة إلى أنباء عن إجبار المواطنين على المشاركة في التصويت.
"السويداء تحوّلت إلى ثكنة عسكرية"؛ هكذا يصف الناشطون المدينة، بعدما باتت مقطعة الأوصال بالكامل، بواسطة عشرات الحواجز الأمنية والطرق الالتفافية والدشم الرملية. وتركزت هذه الحواجز حول الفروع الأمنية وبعض المؤسسات والدوائر، التي تحتل صور رئيس النظام بشار الأسد مساحات من جدرانها. فيما شهدت بعض الطرقات مظاهر مسلحة وإطلاق للرصاص، من قبل عناصر والأمن و"الشبيحة"، لترهيب الناس وتخويفهم، في حين تسوق مديريات الدولة المختلفة موظفيها إلى مراكز الاقتراع للتصويت لمصلحة المرشح، بشار الأسد، تحت التهديد والتخويف الضمنيين، أو حتى العلنيين بالفصل والتسريح التعسفي من العمل.
يقول أحد الناشطين من أبناء المدينة، مفضلاً عدم ذكر اسمه، إن "موظفي مؤسسة الإسكان العسكري بالسويداء، على سبيل المثال، كانوا يصوتون بالدور وبالأسماء، للتأكد من عدم تغيّب أحدهم، وبينهم معارضون".
بدورها، تسخر إحدى الناشطات المعارضات في السويداء من الانتخابات بالقول: "ليست النتيجة مهمة، فالعبرة بالممارسة الديمقراطية بحد ذاتها، تماماً كما كان السوريون يصفون مباريات فرقهم الرياضية لتبرير خساراتها المتكررة: ليس المهم الربح أو الخسارة، فالمهم المشاركة!".
وكانت المعارضة في السويداء، قد أعلنت مقاطعتها للانتخابات الرئاسية، كما دعت السوريين عموماً، وأبناء السويداء بشكل خاص، إلى مقاطعتها. وجاء في أحد بيانات المعارضة: "جاءت انتخابات الرئاسة، التي يجريها النظام الغير شرعي، وسط استمرار القصف والتدمير؛ فلا يخلو بيت سوري من آثار حرب النظام على ثورتنا، بحيث أقحم الجميع في محرقة تعنته وتمسكه بالسلطة".
وأضاف البيان "نشدّ على يد كلّ من سيقاطع هذه المسرحية الهزلية، مثبتاً وفاءه لشعبه بوقوفه تحت كل الظروف، إلى جانب تضحياته ودماء شهدائه التي لا تنسى ورغبة شعبنا بنيل الحرية والعزة واستعادة الكرامة المسلوبة"، معتبراً أن دم الشهداء هو ما يدفع "لاستمرار الموقف الرافض لوجود هذا النظام، واستمرار روح الثورة، وروح المطالبة بالتغيير المنشود لحياة كريمة تسودها العدالة والحرية".