ذكورية الفضائح

09 ديسمبر 2016
كانت السمان قد نشرت رسائل غسان كنفاني (عن يوتيوب)
+ الخط -
يثير كشف تفاصيل العلاقات الشخصية عادة شهية الجمهور أكثر من الروايات والقصص. على مدار التاريخ كانت قصص العلاقات العاطفية والجنسية مادة ثرية حول العالم. بعض القصص ضاربة بجذورها في التاريخ لكن استعادتها ما زالت أمراً رائجاً.

نشر الكاتبة السورية، غادة السمان، مؤخراً رسائل غرامية وصلتها من الشاعر اللبناني الراحل، أنسي الحاج، ليس ظاهرة، حتى أن السمان نفسها فعلتها قبل نحو 30 سنة عندما نشرت رسائل المناضل الفلسطيني الراحل، غسان كنفاني. ليس الأمر جديداً إذن، وكذا الجدل حول نشر تفاصيل قصص الحب أو العلاقات السرية لأشخاص رحلوا عن الحياة.

تتباين الآراء حول الأمر بين من يرى فيه انتهاكاً لخصوصية الراحلين، ومن يراه حقاً للقراء باعتبار أن كل ما يخص المشاهير مشاع، وبين تفسيرات أخرى تنظر إلى الأمر باعتباره وسيلة للتربح.

لكن فكرة غائبة في الجدل تتعلق بالمجتمع الذي تطغى عليه ذكورية بغيضة، ومحاولات بعض النساء فضح التفاصيل، وهو الأمر الذي يفعله الرجال في العادة.
الغالب أن رسائل الرجال الغرامية أكثر، ربما يمكننا أن نرجع ذلك إلى قدرة الرجل على البوح والتصريح؛ بخلاف المرأة التي تعاني قيوداً مجتمعية مركبة متوارثة تجعل تصريحها بعواطفها صعباً أو مكروهاً أو مجرماً، بحسب طبيعة المجتمع الذي تعيش فيه.

لا يمكن إنكار الهيمنة الذكورية على تفكير المجتمعات، بغض النظر عن الجغرافيا أو الوعي، لكن النساء اكتسبن بمرور الزمن موهبة التحايل على تلك الهيمنة وترويضها، بل واستخدامها أحياناً لتحقيق أغراضهن.

تلك الذكورية تجعل الرجل قادراً على إعلان عشقه لامرأة، بل ومطاردتها قولاً وفعلاً، دون أن يواجه باعتراض مجتمعي حقيقي، في حين تحرم المرأة من هذا، بل لا تعتبره من حقوقها بالأساس، وربما ينظر إلى من تفعل ذلك باعتبارها مارقة. ربما استغلت غادة السمان، وأخريات، الذكورية الجمعية في ما يمكن اعتباره تكرار الخروج على المألوف، أو بالأحرى التعامل مع الأمور على طريقة الرجال.

يحب الرجال النساء الجميلات في العادة، لكن بعض الرجال يحب الذكية أو الجريئة أو القوية، حتى لو كانت متوسطة الجمال. وفي هذا جانب سيكولوجي لا يمكن تجاهله له علاقة بمحاولات الرجل الدائمة فرض هيمنته على الأنثى، وهي المحاولات التي تزيد فور تمنعها أو كونها بعيدة المنال.

سقط كثير من الرجال الأقوياء في فخ الأنثى القوية على مدار الزمان، يرصد التاريخ كثيراً من أسماء النساء اللاتي تسببن في حروب وأزمات، لكن هذا لا يعني اعتبارهن المسؤولات، فالعيب بالأساس يكمن في عقول الرجال، للدقة غياب عقول الرجال.

المساهمون