تقولين: "في الكتابة يتسيّد المرء واقعه، يقلب الهامش إلى متن، ويدفع بالمتن المتسلط إلى كناسة في الزاوية، أكتب أمتلك الحيز، من قال إنني لا أمتلك حكايتي ولست فاعلة في التاريخ"، تمر ذكرى ميلادك يا رضوى اليوم، بعد أن غادرت عالمنا وظل الحيز الذي امتلكته ودأبت فيه دأب النمل باقياً خلفك، تحول إلى حيز لقرائك، أقرأ أمتلك الحيز أيضاً.
كتبت سيرتك في 2013، لتكون آخر عمل لك، كانت "أثقل من رضوى" لتكون شهادة منك على حياة وتجربة مع المهنة والعمل السياسي والأكاديمي وقسوة تجربة المرض الذي ظللت تقاسين منه 35 عاماً. وكتبت فهمك لأحداث ثورة 25 يناير 2011، وتهتفين بعدها ضد الاستبداد ثم ضد حكم العسكر، وحتى بعد أن صدر الكتاب وقفت وقلت "عند الكتابة عن هذه الثورة أياً كانت ملابساتها أو الكتابة حتى عن أي مجموعة فيها، فلا بد من ذكر كل ما لها وما عليها، ولا بد من التوقف عند الدماء"، وأكدتِ أيضاً "انتهيتُ من كتابة "أثقل من رضوى" فى مايو 2013 ولكن أعقب هذا التاريخ الكثير من المجازر التى يجب الوقوف عندها".
كتبتِ أيضاً عن الكتابة وعن العائلة والأصدقاء، وكذلك عن الموت، تقولين "هناك احتمال آخر لتتويج مسعانا بغير الهزيمة، ما دمنا قرّرنا أننا لن نموت قبل أن نحاول أن نحيا".
نموذج لم يعد يتكرر، المرأة الفاعلة ثقافياً وسياسياً وصاحبة القلم الجريح والنابض بالحياة في آن، القلم الشاهد في ‘الرحلة: أيام طالبة مصرية في أمريكا" (1983)، والموثق مثلما كان في "الطنطورية" (2010)، والمؤرخ الذي ظهر في "غرناطة" (1994) والراوي المتلعثم في البدايات مع "حجر دافئ" (1985)، والقاص في "تقارير السيدة راء" (2001) و"رأيت النخل" (1987).
يرثيك حبيبك ورفيق دربك مريد البرغوثي، فيقول عنك "واجهت السرطان 35 عاماً، ومحدّثوها لا يرون في حديقة لقائها إلا أشجار السرور، وفاكهة السماحة والرضا، واجهت السائد المتفق عليه والطاغية المسكوت عنه، وواجهت حتى الرمق الأخير والرمق الأغلى ركاكة الناطقين باسمنا، وركاكة الضوء المشترى، وركاكة الكلام".