23 أكتوبر 2024
ذكرى الإسراء والربيع العربي
ليس كافياً، في ذكرى الإسراء والمعراج التي تمر هذه الأيام، وفي غيرها من المناسبات الدينية الجليلة، أن نعرف أحداثها لنفهم تاريخ رسالة الإسلام، بما يفيد ما استجد في واقعنا بعد "الربيع العربي". فثمة بين المسلمين اليوم من يعتقد أن ليس هناك ما يمكن إضافته في فهم تلك الأحداث سوى ما قيل وكتب ونوقش على مر العصور، بما فيها خلال تاريخنا المعاصر. لكننا، في زمن الربيع العربي، يمكننا أن نعيد قراءة كل ما كتب ونوقش في تاريخنا الحديث عن تاريخ المسلمين، قراءة نقدية، بغية تكوين فهم أكثر عمقاً وفائدة له.
اليوم، في ظل الربيع العربي، يمكن القول إن ثمة تشابهاً تاريخياً ما بين هذه الثورات الشعبية التي طمحت إلى الديمقراطية والتخلص من الاستبداد، وثورة الإسلام في مكة التي سعت إلى إخراج الناس من الظلمات إلى النور، فكانت ثورة الحق على الباطل، والعدل على الظلم:
أولاً، كانت ثورة الإسلام بمثابة "ثورة من داخل النظام" السائد في قريش يومها، وليست ثورة من الخارج، وكان همّها تغيير النظام، بغية تحقيق مصالح الناس (الدنيوية والأخروية)، وإقامة العدل بينهم. ولأنها ثورة من الداخل، فقد انضم إليها سادة من قريش، كان لهم دور حاسم في إنجاحها، كما انحاز لها قادة آخرون لدوافع النسب والقربى، كحال أبي طالب عمّ النبي صلى الله عليه وسلم. هنا، تبدو الحالة واحدةً اليوم في ثوراتٍ، قامت من دواخل الأنظمة العربية، أو استجاب لها قادة في هذه الأنظمة، فنجحت في إنجاز مهامها بسرعة، وغيّرت أنظمة الحكم، لكنها لم تغيّر شكل الدولة، ولا ما استقر فيها من بنية اجتماعيةٍ واقتصاديةٍ، ولم تكن ثورات شعبية خالصة.
ثانياً، بدأ انتصار ثورة الإسلام، منذ شكّل نظام حكم بديل في المدينة المنورة، ذلك أنه تمكّن من يومها من إعادة ترتيب جموع المسلمين، وإعطائهم صبغة قتالية، قامت بمواجهة النظام القديم الذي كان قد لجأ إلى القوة منذ البداية، وذلك في معارك حاسمة، في "بدر" و"أحد". وهو أمر لم يكن ممكناً طوال الفترة المكّية التي لم يتبلور فيها نظام بديل عن الذي يمثله سادة قريش، جاهز للقيادة. تتبدّى الحال نفسها في ثورات الربيع العربي اليوم، في الدول التي لجأت فيها الأنظمة القديمة إلى القوة في التصدي للثورة، كما في ليبيا مثلاً، إذ لم تتبلور نجاحات هذه الثورات، حين كانت سلمية، وظهرت نجاحاتها، حين لجأت إلى حمل السلاح، والقتال، لتحقيق أهدافها.
ثالثاً، تكرّس انتصار ثورة الإسلام مع ظهور الانشقاقات في نظام قريش في مكة، ودخول المنشقين في الإسلام، واعترافهم بشرعيته نظاماً للدنيا والآخرة. بالطبع، لم تكن ثورات الربيع العربي التي نجحت لتنجح، لولا استمرار الانشقاقات في الأنظمة القديمة لصالح الأنظمة الجديدة؛ فكانت الأولى تتداعى، والثانية تتعاظم وتشتد.
رابعاً، بعد انتصار ثورة الإسلام، بات النظام القديم يُذكّر بإدانة شاملة، وهكذا سمي بـ"الجاهلية"، حتى ممن تمسكوا به، إلى أن زال تماماً مع فتح مكة. وليس ثمة في دول الربيع العربي اليوم من يذكر الأنظمة القديمة بخير، فحتى الذين يدعون إلى الرأفة برموز الأنظمة القديمة يؤكدون أنها كانت مخطئة، واستحقت التغيير.
هكذا، لا بد أن ثمة قراءة معاصرة مفيدة للتاريخ، تتجاوز اجترار المحفوظات وتكرارها، لأن ثمة جديداً فعلاً في حاجات الأمة، وفي منجزاتها، وفي علاقتها بالتاريخ.
يمكن في زمن الربيع العربي أن نفهم أن ثورة الإسلام بدأت بـ"ربيع قريش" الذي انتقل بمكة من الظلمات إلى النور، وأن الأمة قادرة دائماً على النهوض، ما وجدت طريقها إلى الربيع، والعدل، والنور، وما استكملت حلقات الثورة وشروطها. وعلى هذا، يكون ما يجري هذه الأيام في دول الربيع العربي مرحلة عابرة في أصل الثورة على الظلم والاستبداد والاستعباد، ويكون ممكناً استعادة مرامي الثورات وأهدافها الجوهرية، واستعادة مساراتها الحقيقية، وصولاً إلى إنجاز أهدافها الأصلية في التحرّر والتقدم والنهوض، تماماً كما جرى في ثورة الإسلام الأولى. لكن، في حال تحققت مجموعة "الشروط التاريخية الحرجة" التي تضمن نجاح الثورات، وتحول دون اختطافها أو انحرافها أو انهيارها.
اليوم، في ظل الربيع العربي، يمكن القول إن ثمة تشابهاً تاريخياً ما بين هذه الثورات الشعبية التي طمحت إلى الديمقراطية والتخلص من الاستبداد، وثورة الإسلام في مكة التي سعت إلى إخراج الناس من الظلمات إلى النور، فكانت ثورة الحق على الباطل، والعدل على الظلم:
أولاً، كانت ثورة الإسلام بمثابة "ثورة من داخل النظام" السائد في قريش يومها، وليست ثورة من الخارج، وكان همّها تغيير النظام، بغية تحقيق مصالح الناس (الدنيوية والأخروية)، وإقامة العدل بينهم. ولأنها ثورة من الداخل، فقد انضم إليها سادة من قريش، كان لهم دور حاسم في إنجاحها، كما انحاز لها قادة آخرون لدوافع النسب والقربى، كحال أبي طالب عمّ النبي صلى الله عليه وسلم. هنا، تبدو الحالة واحدةً اليوم في ثوراتٍ، قامت من دواخل الأنظمة العربية، أو استجاب لها قادة في هذه الأنظمة، فنجحت في إنجاز مهامها بسرعة، وغيّرت أنظمة الحكم، لكنها لم تغيّر شكل الدولة، ولا ما استقر فيها من بنية اجتماعيةٍ واقتصاديةٍ، ولم تكن ثورات شعبية خالصة.
ثانياً، بدأ انتصار ثورة الإسلام، منذ شكّل نظام حكم بديل في المدينة المنورة، ذلك أنه تمكّن من يومها من إعادة ترتيب جموع المسلمين، وإعطائهم صبغة قتالية، قامت بمواجهة النظام القديم الذي كان قد لجأ إلى القوة منذ البداية، وذلك في معارك حاسمة، في "بدر" و"أحد". وهو أمر لم يكن ممكناً طوال الفترة المكّية التي لم يتبلور فيها نظام بديل عن الذي يمثله سادة قريش، جاهز للقيادة. تتبدّى الحال نفسها في ثورات الربيع العربي اليوم، في الدول التي لجأت فيها الأنظمة القديمة إلى القوة في التصدي للثورة، كما في ليبيا مثلاً، إذ لم تتبلور نجاحات هذه الثورات، حين كانت سلمية، وظهرت نجاحاتها، حين لجأت إلى حمل السلاح، والقتال، لتحقيق أهدافها.
ثالثاً، تكرّس انتصار ثورة الإسلام مع ظهور الانشقاقات في نظام قريش في مكة، ودخول المنشقين في الإسلام، واعترافهم بشرعيته نظاماً للدنيا والآخرة. بالطبع، لم تكن ثورات الربيع العربي التي نجحت لتنجح، لولا استمرار الانشقاقات في الأنظمة القديمة لصالح الأنظمة الجديدة؛ فكانت الأولى تتداعى، والثانية تتعاظم وتشتد.
رابعاً، بعد انتصار ثورة الإسلام، بات النظام القديم يُذكّر بإدانة شاملة، وهكذا سمي بـ"الجاهلية"، حتى ممن تمسكوا به، إلى أن زال تماماً مع فتح مكة. وليس ثمة في دول الربيع العربي اليوم من يذكر الأنظمة القديمة بخير، فحتى الذين يدعون إلى الرأفة برموز الأنظمة القديمة يؤكدون أنها كانت مخطئة، واستحقت التغيير.
هكذا، لا بد أن ثمة قراءة معاصرة مفيدة للتاريخ، تتجاوز اجترار المحفوظات وتكرارها، لأن ثمة جديداً فعلاً في حاجات الأمة، وفي منجزاتها، وفي علاقتها بالتاريخ.
يمكن في زمن الربيع العربي أن نفهم أن ثورة الإسلام بدأت بـ"ربيع قريش" الذي انتقل بمكة من الظلمات إلى النور، وأن الأمة قادرة دائماً على النهوض، ما وجدت طريقها إلى الربيع، والعدل، والنور، وما استكملت حلقات الثورة وشروطها. وعلى هذا، يكون ما يجري هذه الأيام في دول الربيع العربي مرحلة عابرة في أصل الثورة على الظلم والاستبداد والاستعباد، ويكون ممكناً استعادة مرامي الثورات وأهدافها الجوهرية، واستعادة مساراتها الحقيقية، وصولاً إلى إنجاز أهدافها الأصلية في التحرّر والتقدم والنهوض، تماماً كما جرى في ثورة الإسلام الأولى. لكن، في حال تحققت مجموعة "الشروط التاريخية الحرجة" التي تضمن نجاح الثورات، وتحول دون اختطافها أو انحرافها أو انهيارها.