دي ميستورا يستنسخ تجربة النظام: "مناطق مجمّدة" في سورية

03 نوفمبر 2014
دي ميستورا: النظام قد يستفيد من المقترح(فابريك كوفريني/فرانس برس)
+ الخط -

يشبِه الاقتراح الذي قدمه المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا إلى مجلس الأمن الدولي، بإقامة "مناطق مجمّدة" يتم فيها تعليق النزاع والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية، إلى حد كبير المصالحات التي يقوم بها النظام السوري في العديد من المناطق، ولا سيما في ريف دمشق.

دي ميستورا، الذي لم يكشف عن تفاصيل اقتراحه، قال إنه سيزور قريباً عواصم عدة في المنطقة، بينها دمشق للتباحث مع الرئيس السوري بشار الأسد بشأن هذا الاقتراح. وربط مكافحة الإرهاب وتنظيم "الدولة الإسلامية" بالتحرك نحو تحقيق خطوات لإحلال السلام في سورية، ليقترب من المقاربة التي يطرحها حلفاء النظام السوري في موسكو وطهران بضرورة توحيد جهود النظام والمعارضة لمحاربة تنظيم "داعش" والمتطرفين.

وقدم دي ميستورا اقتراحه لمجلس الأمن الدولي بعد زيارة إلى روسيا وايران اللتين تدعمان النظام السوري، وقبل ذلك كان قد زار أيضاً دمشق في أيلول/سبتمبر الماضي.

وفي السياق، أوضح دي ميستورا أنه طلب من الأسد خلال محادثاتهما في دمشق دعم العملية السياسية للتعبير عن جديته في "مكافحة الإرهاب"، إذ لا يمكن بحسب المبعوث الأممي الاكتفاء بالجهد العسكري لمحاربة تنظيم "داعش"، مطالباً بمشاركة الجميع من دون استبعاد أحد في الحرب على التنظيم بقوله "عندها اعتقد أننا نستطيع انتزاع الأرض والمياه التي تشكل البيئة الخصبة لهم".

لم يُغفل دي ميستورا الإشارة في تصريحاته إلى أن أعضاء مجلس الأمن عبروا عن قلقهم من أن "المناطق المجمّدة" التي يقترحها قد تساعد طرفاً على الآخر في النزاع، إذ يمكن أن يستفيد منها النظام السوري لتوجيه قواته إلى مناطق اخرى أكثر سخونة. وهو إذ أقرّ بذلك، شدد على أن الأولوية هي لمحاربة تنظيم "داعش"، و"بناء عملية سياسية في بعض المناطق على المستوى المحلي أولاً وفي النهاية على مستوى الدولة"، معتبراً أن بيان "جنيف 1"، الذي دعا إلى تأليف "هيئة حكم انتقالي" لا يزال صالحاً.

وكان وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل أقّر بدوره بأن نظام الأسد قد يستفيد من الهجمات التي تشنها الولايات المتحدة على مقاتلي تنظيم الدولة لكنه قال إن السياسة الأميركية لا تزال تؤيد تنحيته.

وقد سارع المندوب السوري في الأمم المتحدة بشار الجعفري إلى الترحيب باقتراح دي ميستورا، مشيراً إلى أن فكرة إقامة مناطق حرّة خالية من الصراع في سورية تعود بالدرجة الأولى في شكلها العام إلى الحكومة السورية، وأن الاسم المحلي لفكرة دي ميستورا هو "المصالحة الوطنية" كما قال، وقد تم تطبيقها بالفعل في حمص وفي مدن أخرى على ساحل سورية حسب تعبيره.
بدوره، أكد المندوب الروسي فيتالي تشوركين، أن موسكو مستعدة للعب دور نشط في تسوية الأزمة السورية بالتعاون مع دي ميستورا، مشيراً إلى نية الأخير تشكيل مجموعة أصدقاء الأمين العام للأمم المتحدة حول الشأن السوري، لتكون إيران والسعودية من بين أعضائها.

حلب نموذجاً

رشّح المبعوث الأممي مدينة حلب للبدء بها كمنطقة خالية من الصراع بين النظام والمعارضة، بما يتيح الفرصة لتحسين الوضع الإنساني و"ليشعر السكان بأنه لن يحدث نزاع من هذا النوع على الأقل هناك".

والمعروف أن قوات النظام والمعارضة تتقاسمان السيطرة على مدينة حلب منذ صيف 2012 وسط اشتباكات يومية على خطوط التماس بين شرقي المدينة الواقعة تحت سيطرة المعارضة وغربها التي تسيطر عليها قوات النظام. ورشحت أخيراً معلومات متواترة عن جهود تقوم بها أطراف محلية للتوصل الى تفاهمات واتفاقات بين قوات النظام وفصائل المعارضة في مدينة حلب، على غرار ما جرى في ريف دمشق وحمص.

وبحسب مصادر مقربة من النظام، تجري منذ أربعة أشهر اتصالات بين الطرفين بهدف الوصول إلى اتفاقات للحد من حجم العمل العسكري وتخفيف الخسائر والتفرغ لمحاربة الفصائل المتشددة والجهادية.

لكن الوجود المكثف للفصائل الإسلامية التي تُوصف بالمتشددة في حلب يعوق هذه الاتصالات، التي رسمت كما تقول هذه المصادر، خلال الأشهر الأربعة الماضية ملامح سيناريوهات عدة لم تكتمل بعد، ومنها سيناريو يقضي بخروج المسلحين من حيي بني زيد والشيخ مقصود مقابل دخول جيش النظام وفصائل كردية (حيث المنطقة ذات أغلبية كردية). ومن السيناريوهات المطروحة أيضاً التوصل إلى اتفاق مع الفصائل المقاتلة في منطقة الأتارب، يقضي ببقاء المسلحين المحليين في منطقتهم ووضع حواجز مشتركة مع الجيش النظامي والفصائل المؤازرة له، إضافة إلى سيناريو آخر يقضي "بخروج المسلحين بشكل نهائي من حي صلاح الدين الذي حولته الحرب إلى أنقاض، تمهيداً لتحييده بشكل كامل عن المعارك".

وتشير هذه المصادر إلى أن جبهة النصرة تعيق انجاز الاتفاقات مع الفصائل الأخرى التي عطّلت الاتفاق في حي بني زيد مثلاً، وكذلك في منطقة الأتارب التي وضعت اللمسات الأخيرة للمصالحة مع مسلحيها، قبل أن يقوم مسلحو الجبهة باقتحام المنطقة، وتحويلها إلى قاعدة انطلاق لعملياتهم نحو أحياء حلب الغربية.

وتحاول فصائل المعارضة كسر الطوق العسكري عن محيط حلب من الجهة الجنوبية، إذ أعلن 13 فصيلاً، بينهم جبهة النصرة وحركة حزم، تشكيل غرفة عمليات في منطقة حلب الجنوبية، وبدء "معركة الصادقين" لصدّ تقدم قوات النظام ومحاولاتها احكام الحصار على المدينة، ولا سيما من جهة منطقة الزربة التي تشكل بوابة حلب نحو ريف إدلب.

المساهمون