وأضاف دي ميستورا إلى جهوده المستمرة لجمع الطرفين المتصارعين في سورية حول طاولة المفاوضات، إلى أجندته هذه المرة بنداً جديداً، يتعلق بـ"وقف الهجوم على مدينة الزبداني بريف دمشق ووقف استهدافها بالبراميل المتفجرة، مقابل وقف استهدف قوات المعارضة لبلدتي كفريا والفوعة في ريف إدلب". وهي المعادلة التي سعت المعارضة إلى تثبيتها في الأيام الأخيرة من خلال تصعيد قصفها للبلدتين.
وتقول مصادر مقرّبة من المبعوث الدولي، إن "الخطوة العملية التي يسعى دي ميستورا لإنجازها في دمشق، هي التوصل إلى اتفاق بين جيش الفتح في إدلب وبين قياديي حزب الله والنظام السوري، من أجل وقف معركتي كفريا والفوعة والزبداني معاً، فوقف هذه المعارك سيكون له تأثير إيجابي على العملية السياسية، التي يسعى مبعوث الأمم المتحدة لإطلاقها".
واستبق المبعوث الدولي وصوله إلى دمشق بالإعراب عن قلقه البالغ على المدنيين في الزبداني، حيث ألقى الجيش السوري وفقاً لدي ميستورا "عدداً كبيراً من البراميل المتفجرة على الزبداني، مما أوقع مستويات غير مسبوقة من التدمير وعدداً كبيراً من القتلى بين السكان المدنيين". كما أشار إلى قصف قوات المعارضة لبلدتي كفريا والفوعا بريف إدلب، معتبراً أنه "في كلتا الحالتين حوصر المدنيون بشكل مأساوي وسط المعارك".
اقرأ أيضاً معارك حزب الله غير المنتهية بسورية: إلى درعا در
وذكر مصدر من "الائتلاف الوطني السوري" رفض الإفصاح عن اسمه لـ "العربي الجديد"، أن "دي ميستورا لم يتواصل مع الائتلاف في الأيام الأخيرة، بل مع قياديي جيش الفتح، المسؤولين عن معركة قريتي كفريا والفوعة، ومع مسؤولين في حزب الله اللبناني والنظام السوري المسؤولين عن معركة الزبداني".
من جهته، أوضح المستشار السياسي لـ"الجيش السوري الحر" أسامة أبو زيد، أن "ما تمّ حتى الآن هو أقل من مفاوضات، بعد اتصالات من مكاتب الأمم المتحدة ومكتب دي ميستورا، الذي بادر للاتصال بالناشطين، وبعض مسؤولي المعارضة للتأكد من ارتباط معركة الزبداني بمعارك كفريا والفوعة". واستبعد أبو زيد أن "يكون النظام قادرا على اتخاذ قرار بهذا الشأن، لأن مشاركة القوات السورية في معركة الزبداني تقتصر على الحصار والقصف، بينما الاقتحام من اختصاص حزب الله".
وعلى صعيد جهود إطلاق العملية السياسية، نقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مصادر سياسية سورية موالية للحكومة وأخرى للمعارضة، أن "من المرجّح أن يسمع دي ميستورا كلاماً جديداً في دمشق يتعلق بالمستجدات، لكنه سيكرّر طلبه بوقف إطلاق النار، تحديداً في المناطق الساخنة". وأوضحت المصادر أن "دي ميستورا سيلتقي بعد زيارته دمشق قيادات سياسية في المعارضة السورية في الخارج، من بينها قيادات عسكرية سورية في تركيا، وذلك في إطار التحضيرات لمؤتمر جنيف 3".
إلا أن وسائل إعلام قريبة من النظام نقلت عن مصادر رسمية سورية، نفيها وجود "أية أفكار جديدة للجولة الثالثة في جنيف"، كما توقعت عدم توصل الفريق الدولي لأفكار محددة حول موعد ثابت، وإن كانت التوقعات بأن يكون الاحتمال الأوسع هو انعقاده قبل نهاية العام الحالي.
وأوضحت تلك المصادر أن "بعض المسؤولين في نظام الأسد طلبوا أن تكون هناك تحضيرات جيدة للمؤتمر، مع مشاركة جميع الأطراف المعنية، بما فيها إيران، إضافة إلى التزام مختلف الأطياف المشاركة، إقليمياً ودولياً، بمكافحة الإرهاب، باعتباره أولوية"، من دون استثناء "جبهة النصرة" و"أحرار الشام" و"جيش الإسلام" بحسب تعبيرها.
ورأت المصادر أن "التغيّرات الإقليمية الأخيرة (في إشارة إلى الاتفاق النووي الإيراني)، ربما تترك أثرها الإيجابي على هذه المساعي"، إذ يعتبر النظام في دمشق نفسه، مستفيداً من هذا الاتفاق بوصفه "طريقاً يُعيد تأهيله عبر داعمه الأساسي إيران".
ووفق مصادر أوروبية مواكبة للملف السوري، فإن التقرير الذي يعتزم المبعوث الأممي تقديمه إلى الأمم المتحدة نهاية الشهر الحالي يستند إلى إعلان جنيف، مع تعديلات تستند في جزء منها إلى خريطة طريق وضعتها أطراف من المعارضة السورية. ورجّحت أن يقترح المبعوث الأممي إضافة بنود إلزامية لتطبيق الاقتراحات بضمانة الدول الكبرى.
وقالت المصادر لوكالة "آكي" الإيطالية، إن "ديميستورا سيقدّم تقييمه للوضع السوري واقتراحات للحل السياسي في خلاصة مشاوراته"، التي بدأها في الخامس من مايو/أيار الماضي. ونفت أن يقدّم اقتراحات جزئية، مرجّحة أن تكون لديه رؤية كاملة لخطوات يمكن أن تحصل على تأييد عربي وإقليمي ودولي.
وأكدت أن "المبعوث الأممي تسلّم ما لا يقلّ عن خمس خرائط طريق من المعارضات السورية المختلفة، متشابهة إجمالاً لكن بعضها مكتمل قانونياً، ويراعي القوانين والأعراف الدولية والسيادة، وبعضها بحاجة لإعادة نظر ولمراجعة قانونية".
وأفادت صحيفة "الوطن" القريبة من النظام السوري، بأن "المبعوث الأممي طلب من معارضة الخارج التحضير لجنيف 3 وتحديد الوفود المشاركة وعددها، لتتمثل مختلف أطياف المعارضة في الداخل والخارج مع منظمات المجتمع المدني"، ولم يتم تحديد موعد للمؤتمر.
اقرأ أيضاً: الأمم المتحدة تتوسّط للفوعة وكفريا وتتجاهل الزبداني