ديون ليبيا تقفز 39% في ثلاثة أشهر

29 ابريل 2018
البنوك تعاني من نقص السيولة (فرانس برس)
+ الخط -
أظهرت بيانات رسمية أن الدين العام في ليبيا قفز بنسبة 39% في غضون ثلاثة أشهر، لتواصل بذلك معدلات الصعود غير المسبوقة، في ظل التردي الاقتصادي للبلد النفطي، الذي تمزقه الصراعات المسلحة والانقسامات السياسية.
وأشارت البيانات الصادرة عن مصرف ليبيا المركزي، إلى أن الدين العام بلغ بنهاية الربع الأول من العام الحالي 2018 نحو 100 مليار دينار (74.7 مليار دولار)، مقابل 72 مليار دينار (53.8 مليار دولار) في نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2017.

وكان البنك الدولي قد ذكر في تقرير له، على هامش اجتماعات الربيع في واشنطن، التي اختتمت أعمالها يوم الأحد الماضي، بعد خمسة أيام من الانعقاد، أن الدين المحلي بلغ 59 مليار دينار في نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، ارتفاعًا من مليار دينار في عام 2010.
وحذر خبراء اقتصاد من تفاقم الدين، ما يقلص فرص تعافي الاقتصاد في المستقبل، لا سيما في ظل ارتفاع الإنفاق الحكومي وتضرر البنية التحتية للبلاد بشكل كبير وتردي القطاع المصرفي.

وقال نوري بريون، الخبير المصرفي، إنه من الطبيعي أن تلجأ الدولة إلى الاقتراض لتغطية العجز في الإيرادات وتلبية الاحتياجات، لكن يجب أن يكون ذلك وفق ضوابط لتجنب التداعيات السلبية الناجمة عن الإفراط في الاستدانة.
وأضاف نوري، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن زيادة حجم الدين ستكون له آثار سلبية عدة، منها زيادة عرض النقود وظهور الضغوط التضخمية وانخفاض القوة الشرائية للعملة الوطنية.
وسجَّل معدل التضخم مستوى قياسياً نسبته 28.4% في عام 2017، بعد أن بلغ 25.9% عام 2016، وفق تقرير البنك الدولي الذي نشرته "العربي الجديد" الأسبوع الماضي.

وأشار التقرير إلى أن ارتفاع معدل التضخم أدى إلى تفاقم متاعب السكان، لا سيما مع ضعف تقديم الخدمات الأساسية، ما ساهم في زيادة معدلات الفقر، لافتاً إلى أن أسعار كل السلع الأساسية واصلت ارتفاعها، مدفوعة في الأساس بالنقص الحاد في سلاسل إمدادات السلع الأساسية الرئيسية، والمضاربة في السوق السوداء التي تزداد توسعاً، والانخفاض الشديد في قيمة الدينار الليبي في الأسواق الموازية.
ورأى علي الصلح، خبير الاقتصاد، أن الدين العام قد لا يمثل خطراً إذا ما ظل في حدود الأمان، عبر تحقيق ناتج يغطي ذلك الدين، لكن الانقسام والصراعات المسلحة من أجل السلطة وتدخل الأطراف الخارجية، يجعل الاقتصاد الليبي غير مستقر، وبالتالي تزداد ضغوط الدين على الميزانية وتقلل من فرص السداد، ما يؤثر سلباً في مؤشرات الاستقرار المالي للبلاد.

وتضاعفت إيرادات الموازنة لثلاثة أمثالها عام 2017، وبنسبة تصل إلى 31.8% من إجمالي الناتج المحلى الإجمالي، مقارنة بعام 2016، غير أن هذه الإيرادات لم تكن تكفي حتى لتغطية أجور الموظفين العموميين، وفق البنك الدولي.
وبلغ إجمالي العجز في الموازنة العامة مند يونيو/ حزيران 2013 وحتى يونيو/ حزيران 2017 نحو 80 مليار دينار (59.8 مليار دولار).
وما يزال ميزان المدفوعات يعاني من المعوقات السياسية لإنتاج النفط وتصديره وزيادة الواردات، بفعل زيادة معدلات الاستهلاك، على الرغم من زيادة صادرات النفط عام 2017 إلى 700 ألف برميل يومياً، لكنها لا تزال عند نصف إمكاناتها الحقيقية.
وقال عبد اللطيف التونسي، وكيل وزارة التخطيط السابق، إن تراجع إنتاج النفط وتدني الأسعار عالمياً في السنوات الماضية تسببا في زيادة العجز المالي وارتفاع المديونية، ما يشكل خطراً حقيقياً على الاستدامة المالية.

وأضاف التونسي، في حديث خاص، إلى أن الديون المتراكمة التي يتم ترحيلها من السنوات الماضية تزيد من المشكلة، مشيراً إلى ضرورة سداد الالتزامات المستحقة حتى لا تتزايد الديون.
وجاءت الزيادة في الديون على الرغم من لجوء الدولة منذ عام 2015 إلى إجراءات تقشفية، واستنزاف جزء كبير من احتياطي النقد الأجنبي، الذي انخفض إلى نحو 67.5 مليار دولار حالياً، مقابل 123.5 مليار دولار في عام 2012، وفق بيانات المصرف المركزي.

ووفق البنك الدولي فإن إطار الاقتصاد الكلي في ليبيا غير مستقر، إذ يتسم بتضخّم قياسي غير مسبوق وعجز مالي مزدوج لا يمكنه الاستمرار، يحركه ارتفاع المصروفات في الموازنة.
وأشار البنك إلى أن تناقص المدخرات يشكّل ضغطاً على احتياطيات النقد الأجنبي، كذلك لا يزال الدينار الليبي يفقد قيمته في الأسواق الموازية، داعياً إلى تطبيق إصلاحات من أجل تحقيق النمو وخلق فرص عمل.



المساهمون