ديون الدوري الإيطالية تتراكم

07 مارس 2015
+ الخط -
بمرور السنوات أصبح جمهور الدوري الإيطالي متخصصاً في المراجعة القانونية والضرائبية والحسابات الاقتصادية المعقدة، والسبب يعرفه الكل، ألا وهو الأزمة الاقتصادية التي عصفت وما تزال تعصف بالكرة الإيطالية والتي تسببت في تراجع مذهل لقدرتها على مواكبة العمالقة في إنجلترا وإسبانيا و ألمانيا.

أسباب هذه الأزمة عديدة وبجذور عميقة وتنطلق من التسعينيات، ولا نريد هنا التطرق إلى مواضيع تم شرحها في أكثر من مناسبة، نريد التركيز على النتائج وبدون تسليط الضوء على الأسباب في هذا المقال.

والنتائج واضحة إذا ما نظرنا إلى الميزانيات الموثقة من قبل الأندية لموسم 2013 - 2014 (ميزانيات الموسم الحالي سيتم توثيقها في دسيمبر/كانون الأول 2015) والتي تعتبر الأسوأ في تاريخ الكرة الإيطالية حيث وصلت ديون الأندية إلى إجمالي مخيف يتجاوز 1.7 مليار يورو، لذا لا نستغرب غرق أندية مثل بارما وباري وبافيا، وبيع أندية مثل بولونيا والحرج التي تعيش فيه أندية مثل بريشا وبياشينسا).

ولكن في التحليل الفردي نجد الصورة الأدق والأكثر وضوحاً، وهنا ننطلق من النادي الذي يعاني أكثر من غيره، وهو الإنتر والذي وصل إجمالي ديونه إلى 360 مليون يورو بالتمام والكمال، وهذه الإحصائية وحدها لا تعطي مؤشراً واضحاً وتحتاج إلى التطرق إلى خانة العجز، وهنا نجد رقماً آخر هو 102 مليون في موسم واحد (المداخيل 167.5 مليوناً والتكاليف 265 مليوناً، وهي أسوأ نتيجة في تاريخ النادي) أي شيء لا يطمئن بتاتاً، ولحسن حظ الإنتر أن المصارف دفعت 230 مليوناً عند دخول توهير للنادي (نقول دخول لأن في نهاية المطاف من دفع كانت المصارف بديون جديدة ولم يدفع الرئيس الجديد يورو واحداً، وهو شيء جديد على الكرة) لأن في خانة الثروة الصافية للنادي (أي المخزون المالي) نجد مبلغاً متواضعاً جداً بالنسبة لناد مثل الإنتر ولكنه على الأقل ليس بسلبي (وهي الإحصائية الإيجابية الوحيدة في ميزانية الإنتر) بينما هذا الرقم يصل إلى عجز يعادل 66 مليوناً في ميزانية الميلان (مما يعني أن النادي فقد قيمته السوقية ومخزونه المالي واضطر إلى اللجوء للدين لتغطية هذا العجز) بينما عجز الميلان في الميزانية الإجمالية (بفضل بيع اللاعبين وعلامة الميلان التجارية) كان محدوداً جداً ولم يتعدّ 15 مليون يورو بينما الديون لا تزال 244 مليون يورو.

وضع اليوفي مختلف، حيث إن ديون النادي تعادل مبلغاً قدره 238 مليون يورو (اليوفي لا يزال يدفع تكاليف بناء الملعب) ولكن العجز في الميزانية متواضع جداً، أقل من 7 ملايين يورو (السبب هو الخروج المبكر من دوري الأبطال في الموسم الماضي وفقدان حوالي 30 -35 مليون يورو)، بينما مخزونه المالي يتجاوز 42 مليون يورو وربحه من صفقات بيع وشراء اللاعبين تجاوز 35 مليون يورو، يعني أنه في وضع خاص من الناحية المالية بسبب بناء الملعب.

روما بالنسخة الأميركية بدوره في وضع خاص حيث إن العجز وصل إلى مبلغ لا بأس به (38 مليوناً) والديون حوالي 158 مليوناً، والمخزون المالي سجل عجزاً يعادل 81 مليون يورو (وهنا الإحصائية لا تضمن زيادة رأس المال الذي قام به بالوتا لمعالجة الأمر ولاسيما مداخيل هذا العام بدوري الأبطال). إذاً لكي نعرف مدى صحة روما من الناحية المالية يجب انتظار الميزانية المقبلة لأن هنالك أكثر من خانة ستتعدل محتوياتها بسبب مستجدات مهمة عكس فريقي ميلانو اللذين من المتوقع أن يزداد وضعهما سوءاً (إنتر خصيصاً بعد العقوبات الأوروبية وتحمّل راتب مانشيني) أو أن يظل كما هو عليه (الميلان قام بعمليات مجانية لا غير وانخفض راتب مدربه) في انتظار تأثير عقد طيران الإمارات على الميزانية.

أدناه نجد ملخصاً لأهم النقاط التي أتت بها ميزانيات الأندية للموسم الماضي:



ماذا نستنتج من الجدول أعلاه؟ أولاً أن الكل يحتاج للبيع لتغطية العجز في الميزانية لأن المداخيل بشكل دائم تفوق التكاليف، وهنا نرى تألق من هو متعود على بيع اللاعبين والنظر للميزانية اولاً قبل التحرك، ومن كان يملك نجوماً وباعهم في الخارج (مثل نابولي مع كافاني ولافيتزي) وتراجع من كان ينفق بالماضي بدون تفكير. ثانياً انعدام المداخيل البديلة وتنوع الأنشطة، وثالثاً أن توغل المصارف بقروض قريبة المدى (الإنتر هو المثال الوحيد حيث عليه تسديد 230 مليوناً في غضون عام 2019) وبتمويلات بعيدة المدى (كل أندية الدرجة الأولى لديها ديون تدفع على 20 أو 25 عاماً).

صورة مشوهة للكرة الإيطالية توّجها إفلاس بارما وتدهور فريقي ميلانو، ولكنها يجب ألّا تنسينا اجتهاد يوفي وروما للعثور على حلول بديلة والنظر إلى المستقبل، وعمل لاتسيو ونابولي وفيورنتينا الإيجابي جداً ولاسيماً خرافة تورينو (متوجة بإنجاز أوروبي هذا الموسم) وساسوولو وفيرونا وكييفو. قد تبدو بوادر بسيطة وغير كافية ولكنها تظل الشمعة المضيئة الوحيدة في وسط عاصفة غامقة الألوان وبرياح شديدة، ونتمنى أن تكون كافية لإضاءة سماء لطالما كانت بعيدة المنال بالنسبة للآخرين، ويكفي أن نسأل مارادونا عن رأيه في هذا الموضوع. 
المساهمون