جاءت مشاهد السبت الماضي من قلب العاصمة تونس لتقيم دليلاً جديداً على بداية نضج ديمقراطي حقيقي ووعي يرتفع شيئاً فشيئاً لدى التونسيين، أو نخبهم على الأقل. فقد تجمعت حشود في شارع الحبيب بورقيبة، بين تمثال عبد الرحمن بن خلدون ووزارة الداخلية التونسية، لتحتج على المصادقة على قانون المصالحة الإدارية الذي أجازه البرلمان أخيراً. وبرغم أن البرلمان هو السلطة العليا في تونس، وبرغم أن القانون حصد تأييد أكبر الأحزاب التونسية، إلا أن المعارضة وجمعيات مدنية ومنظمات اجتماعية وحقوقية، قررت أن تستجمع قواها وتعارض القانون، وتعبر عن غضبها من صدوره، في انتظار الاعتراض على دستوريته لدى المؤسسات المعنية ومحاولة إسقاطه بالطرق المتاحة سلمياً.
وبرغم بعض الهتافات التي كانت خارجة عن المعقول، فإن التظاهرة كانت سلمية ولم تحدث فيها أية انحرافات تذكر، وتناقلتها كل وسائل الإعلام، ما جعل المشهد تأكيداً جديداً على أن الصدر التونسي بدأ يتسع شيئاً فشيئاً للرأي المخالف، ويقبل المناكفات والسجالات والخلافات مهما كانت درجة تشنجها، ومهما بلغت حدتها، لكن المهم أن تبقى سلمية وألا تعصف بقواعد اللعبة وتهدد المسار. بل إن الخلافات لم تعد بين أحزاب أجازت وأخرى عارضت، وإنما دخلت إلى صلب الحزب الواحد، إذ صوت نواب النهضة مثلاً مع القانون بينما عارضه آخرون، فيما خيّر عشرات النواب عدم حضور الجلسة أصلاً، ما يعكس دخول التقاليد الخلافية إلى الممارسات الحزبية، برغم أنه قد يعني أيضاً اختلافات حقيقية ومهمة في وجهات النظر.
صحيح أن تونس تمر بفترة اهتزازات عالية وشديدة التوتر، تميّزها الحسابات السياسية وأحياناً غياب الثقة المتبادل، لكن ما يحدث فيها هذه الأيام يبرر بقوة تصدرها لقائمة الدول العربية في مؤشر الديمقراطية، بينما تقبع أخرى في ذيل الترتيب الدولي، بل إن بعضها يغيب عن هذه القائمة نهائياً بسبب قمع شعوبها وغياب أي مؤشر على حياة فكرية سياسية فيها. لكن تونس تبقى بحاجة إلى وعي حقيقي لدى نخبها لتحويل الحرية إلى خبز، حتى لا تُقايٓض مجدداً بينهما، وهي نقطة الضعف الكبيرة التي استمرت في المسار التونسي الفريد، المستهدف بقوة من محيط عربي حقود على كل نفس ديمقراطي، ولكنها تبقى ديمقراطية برغم كل هناتها، وتصمد، ولعلها بالتأكيد ستنجح.
وبرغم بعض الهتافات التي كانت خارجة عن المعقول، فإن التظاهرة كانت سلمية ولم تحدث فيها أية انحرافات تذكر، وتناقلتها كل وسائل الإعلام، ما جعل المشهد تأكيداً جديداً على أن الصدر التونسي بدأ يتسع شيئاً فشيئاً للرأي المخالف، ويقبل المناكفات والسجالات والخلافات مهما كانت درجة تشنجها، ومهما بلغت حدتها، لكن المهم أن تبقى سلمية وألا تعصف بقواعد اللعبة وتهدد المسار. بل إن الخلافات لم تعد بين أحزاب أجازت وأخرى عارضت، وإنما دخلت إلى صلب الحزب الواحد، إذ صوت نواب النهضة مثلاً مع القانون بينما عارضه آخرون، فيما خيّر عشرات النواب عدم حضور الجلسة أصلاً، ما يعكس دخول التقاليد الخلافية إلى الممارسات الحزبية، برغم أنه قد يعني أيضاً اختلافات حقيقية ومهمة في وجهات النظر.
صحيح أن تونس تمر بفترة اهتزازات عالية وشديدة التوتر، تميّزها الحسابات السياسية وأحياناً غياب الثقة المتبادل، لكن ما يحدث فيها هذه الأيام يبرر بقوة تصدرها لقائمة الدول العربية في مؤشر الديمقراطية، بينما تقبع أخرى في ذيل الترتيب الدولي، بل إن بعضها يغيب عن هذه القائمة نهائياً بسبب قمع شعوبها وغياب أي مؤشر على حياة فكرية سياسية فيها. لكن تونس تبقى بحاجة إلى وعي حقيقي لدى نخبها لتحويل الحرية إلى خبز، حتى لا تُقايٓض مجدداً بينهما، وهي نقطة الضعف الكبيرة التي استمرت في المسار التونسي الفريد، المستهدف بقوة من محيط عربي حقود على كل نفس ديمقراطي، ولكنها تبقى ديمقراطية برغم كل هناتها، وتصمد، ولعلها بالتأكيد ستنجح.