ديفيد كاميرون وحزب المحافظين في بريطانيا: المصائب لا تنتهي

13 يوليو 2014
الاستفتاء على استقلال اسكوتلندا تحدٍ كبير يواجه المحافظين (Getty)
+ الخط -
يشهد حزب المحافظين البريطاني، بزعامة رئيس الوزراء، ديفيد كاميرون، أياماً عصيبة إثر الاهتزازات ومسلسل الفشل الذي عاشه الحزب في الأشهر القليلة الماضية، والتحديات التي ستواجهها المملكة المتحدة خلال الأشهر القليلة المقبلة.

يأتي ذلك وسط قلق متزايد من أن تؤثر نتائج الاستفتاء على انفصال مقاطعة سكوتلاندا عن المملكة المتحدة، المقرر في 18 سبتمبر/ أيلول المقبل، ونتائج الانتخابات البرلمانية المقررة في مايو/ أيار المقبل، على شكل السياسات في بريطانيا والاتحاد الأوروبي.

على الصعيد الداخلي، وعلى خلاف المعهود، لا يخشى حزب المحافضين كثيراً من أداء منافسه المعارض، حزب العمال، في الانتخابات البرلمانية المقبلة، على الرغم من أن الاستطلاعات تؤشر إلى أن الأخير يتفوّق على حزب المحافظين بشكل طفيف، متجاوزاً كل المصاعب التي يواجهها الحزب، من بينها عدم وضوح موقفه تجاه سياسات الاتحاد الأوروبي، بعدما كان تاريخياً من مناصري هذا الاتحاد.

وفي الوقت الذي لا يجد حزب المحافظين أي منافسة تذكر من قبل حزب الأحرار الديمقراطيين، شريكه في الحكومة الحالية، في ظل هبوط شعبية الأخير بسبب مساندته سياسات الاتحاد الاوروبي، ومشاطرته إخفاقات الحكومة الحالية، يواجه المحافظون تحدياً كبيراً من منافسهم القومي اليميني، حزب الاستقلال، بزعامة ناجيل فاراج، الذي أبلى بلاءً مذهلاً في الانتخابات المحلية وانتخابات البرلمان الأوروبي في مايو الماضي.

ويتخوّف المحافظون من هذا المنافس الذي يعتبر صعوده موجة من الموجات المتصاعدة للأحزاب الأوروبية اليمينية القومية، وشكل فوزه في الانتخابات المحلية، سابقة، إذ منذ العام 1906، لم يتمكن أي حزب بريطاني من التفوّق على أحد الحزبين العتيدين، "المحافظين" و"العمال".

ولم يشعر المحافظون بالتهديد من حزب الاستقلال لكونه حصد أعلى الأصوات في الانتخابات المذكورة فحسب، وإنما أيضاً لكون الأخير كسب معظم أصوات الناخبين الذين كانوا يصوتون في السابق لصالحهم. ويتزامن ذلك مع ورود نتائج استطلاع أجراه مركز البحوث والسياسات "بولسي نتوورك" في لندن، الذي كشف أن عدداً من أعضاء حزب المحافظين حاولوا ترك الحزب للانضمام الى حزب الاستقلال بسبب عدم رضاهم عن سياسات قادتهم، وبسبب عدم تفضيلهم وجود حزب الديمقراطيين الأحرار كشريك في الحكومة التي يترأسها حزب المحافظين. كما أظهر الاستطلاع أن هؤلاء تتطابق أفكارهم مع أفكار أعضاء حزب الاستقلال، اليميني القومي الراديكالي.

وكان كاميرون قد وعد بإجراء استفتاء على الخروج من الاتحاد الأوروبي في العام 2017، في حال فوزه في الانتخابات البرلمانية السنة المقبلة، في خطوة اعتبرها مراقبون أنها محاولة لتعزيز حظوظه في هذه الانتخابات، على الرغم من أنها غير مضمونة، لأن الترجيحات تؤشر الى أن البريطانيين يفضّلون البقاء في الاتحاد الأوروبي، مثلما حصل عندما صوتوا بالانضمام اليه في العام 1975.

في الوقت ذاته، هناك تحدٍ كبير يواجه المملكة المتحدة كأمة، ألا وهو الاستفتاء على استقلال مقاطعة اسكوتلندا في 18 سبتمبر المقبل. ويخشى المحافظون أن انفصال الاقليم الشمالي قد يؤدي الى خسارة عدد من أعضائهم الاسكوتلنديين في البرلمان، وهذا بدوره سيؤدي الى وجوب إعادة تشكيل البرلمان البريطاني. ويدفع قلقهم، وقلق عموم الاحزاب البريطانية، من استقلال هذه المقاطعة، الى شن حملة شعواء ضد التصويت بـ"نعم" على الاستقلال، مستخدمين شتى أنواع التهديدات، من بينها عدم السماح للاسكوتلنديين باستخدام الجنيه الاسترليني في حال قرروا الانفصال، والتلويح بإيقاف مشاريع بناء السفن الحربية البريطانية على الأراضي الاسكوتلندية.

ويرى البعض أن هذا الوعيد غير مبرّر، لأن الاستطلاعات تؤشر الى أن احتمال تصويت الاسكوتلنديين على الاستقلال ضعيفة، وخصوصاً لأنهم يخشون خسارة وظائفهم ورواتبهم التقاعدية، ويتوقعون أن تضعف مكانة مقاطعتهم إن باتت دولة صغيرة بعيدة عن بريطانيا العظمى.

أما على الصعيد الأوروبي، فقد عرف كاميرون فشلاً ذريعاً في سعيه لمنع تولي جان كلود يونكر، رئاسة المفوضية الأوروبية الشهر الماضي، الأمر الذي عرّضه الى انتقادات شديدة ممّن وصفوه بعدم امتلاك الحنكة الدبلوماسية، فيما اعتبر آخرون أن اعتراضه الشديد على يونكر جاء لإرضاء المحافظين في حزبه الذين يُطلق عليهم بـ"Euro-skeptics" (المتشككين في سياسات الاتحاد الأوروبي).