ديربي مدريد...من يُنفّذ كلام "ألـ باتشينو" السحري سيفوز

22 ابريل 2015
90 دقيقة ستحسم الصراع على أرض الملعب(العربي الجديد)
+ الخط -

"في الحياة كما في كرة القدم، هامش الخطأ هو في أصغر التفاصيل، أن تصل متأخراً إلى هدفك أو الكرة سيضعك في مأزق، ألا تحصل على كل مسافة في الملعب عندها ستخسر كل شيء". هذا ما قاله الممثل ألـ باتشينو في محاضرته الشهيرة لفريق كرة القدم الأميركية في فيلم "Any Given Sunday".

نعم يُمثل ألـ باتشينو الممثل الأميركي اليوم كارلو أنشيلوتي ودييجو سيميوني، هو المدرب الذي ألقى خطاباً مجازياً لم يتخطّ كاميرات التصوير في هوليوود، لكنه من أكثر الخطابات المحفزة في عالم الرياضة وكرة القدم خصوصاً، لأنه ألقى خطابه أمام لاعبيه من أجل حثهم على تقديم مباراة العمر الأخيرة لهم في البطولة، وهو المدرب الذي يعرف معنى قضم كل مسافة ممكنة على أرض الملعب من أجل تحقيق الفوز الذي لن يأتي من دون القتال للحصول على الكرة وقطع كل مسافة ممكنة على المستطيل الأخضر.

اليوم يدخل ريال مدريد وأتلتيكو مدريد إلى "الجحيم" لأن المباراة هي الورقة الأخيرة لكل فريق من أجل بلوغ الدور النصف النهائي من البطولة الأوروبية، هذه المباراة كالتي لعبها المدرب "ألـ باتشينو" في فيلمه، لأنها ستُلعب على الجزئيات الصغيرة، كل خطأ يرتكب سيُسجله التاريخ وكل كرة جميلة يصنعها لاعب على أرض الملعب ستُحدث الفارق بين الفوز والخسارة، وكارلو أنشيلوتي وسيميوني يعرفان جيداً أن اللاعب الذي يريد الفوز عليه دخول الملعب من أجل الموت.

يقول "ألـ باتشينو" إن من يضحّي من أجل فريقه ويقاتل من أجل الحصول على الكرة هو اللاعب المستعد للموت من أجل مدربه ومن أجل الفوز، والذي يختار هذا الشعار ويطبقه حرفياً في مباراة "الديربي" لن يكون إلا البطل الذي سينتصر ويبلغ الدور النصف نهائي، لأنه استحق الوصول بسبب اندفاعه وحماسته، والأهم قتاله على الكرة من أجل شعار النادي أولاً بغية تحقيق الحلم الذي يتطلب خوض المباراة برجولة كبيرة وعدم ترك المساحات للخصم، كي لا يستغلها ضده، فكل مساحة ممكنة هي بمثابة الهامش بين الحياة والموت وبين الفوز والخسارة.

رفع خطاب "ألـ باتشينو" في الفيلم الشهير من معنويات لاعبيه إلى أقصى حدود، لأنه عرف نقطة ضعف كل لاعب ولعب على عنصر تجييش العواطف التي ترفع من حماسة اللاعبين قبل المباراة، هذه هي كرة القدم، ليست تكتيكاً فقط أو خططاً فنية تُترجم على أرض الملعب، هي أكثر من ذلك، هي روح هي عطاء هي حماسة، يترجمها اللاعب إلى قوة وقتال من أجل تحقيق الفوز، وأحياناً هذه العناصر هي التي تحسم المعركة، لهذه الأسباب لم يقدم "ألـ باتشينو" محاضرة تكتيكية قبل المباراة، ما فعله الممثل في العالم الافتراضي كان أكبر بكثير من كلمة كرة قدم.

عرف "ألـ باتشينو" أن التكتيك والخطط الفنية لن تُغير كل شيء على أرض الملعب نظراً لثقته بقدرات اللاعبين، لذلك وجه محاضرة معنوية للفريق، الذي كان خائفاً كما بدت المشاهد في الفيلم، ومع كل كلمة من المدرب، تغير واقع اللعبة لتصبح القوة بيد اللاعبين، الذين تأثروا بكلام المدرب، فأن تقاتل من أجل الفوز عبارة يستعملها معظم المدربين في عالم الساحرة المستديرة، لكن كيفية تقديمها أو عرضها تقلب الطاولة رأساً على عقب، وترفع من المعنويات إلى أقصى حدود.

في المباراة الأخيرة لقطبي مدريد، الخطأ غير مسموح ومكلف جداً، لأن الـ 90 دقيقة ستكون الفاصل بين الإنجاز والفشل، وهي الخط الفاصل بين الجنة والنار، فماذا سيختار أنشيلوتي عندما يخاطب لاعبيه؟ هل يتحدث معهم عن التكتيك والخطة التي سيعتمدها في الملعب، وينسى الجانب المعنوي الأهم على أرض الملعب، ومثله سيميوني المعروف بحماسته، هل سيُعدّ لاعبيه تكتيكياً قبل أن يؤهلهم نفسياً.

نعم، رغم أن خطاب "ألـ باتشينو" في فيلمه "Any Given Sunday" هو مجرد نسج لفيلم "هوليوودي"، عند التدقيق بكلمات هذا المدرب، يتضح أن الخطاب المعنوي هو أهم من أي خطة تكتيكية قبل المباراة، فبدلاً من أن يلتزم الفريق بخطة وهو خائف من خصمه، يمكن للخطاب المعنوي أن يحوّل اللاعبين إلى مقاتلين ومحاربين يسيرون في المعركة تحت خطة مرسومة تكتيكياً، لكن الفرق هنا أن الفريق لا يخاف خصمه وسيُحارب من أجل الفوز حتى آخر قطرة دماء، وهذه الروح من الصعب كسرها أو هزمها في مباراة رياضية، لأنها لا تلتزم بخطة بل هي نابعة من القلب والروح الرياضية التي لا يمكن ردعها كونها غير ملموسة.

المساهمون