انتهى اليوم الثاني من مشاورات جنيف اليمنية من دون أن تبدأ في مناقشة قضية البلد الرئيسية أو وقف الحرب الدائرة، بل تاهت المشاورات في متاهات من يمثل من وفي خلافات حول عدد الممثلين وتسمياتهم. ولا يزال الحل للأزمة اليمنية بعيداً، مع تصعيد الحوثيين وحلفائهم برفضهم أي حوار مع الحكومة اليمنية الشرعية، فيما كان الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي يؤكد أن وفد الحكومة المشارك في جنيف سيناقش حصراً سبل تنفيذ القرار الدولي 2216.
وأعلن عضو وفد صنعاء إلى جنيف، محمد الزبيري، أن الحوثيين وحلفاءهم يرفضون أي حوار مع الحكومة اليمنية، ويطالبون بالتباحث مع السعودية. وقال الزبيري في مؤتمر صحافي في جنيف بعد وصول الوفد: "نرفض أي حوار مع هؤلاء الذين لا يملكون أي شرعية"، متسائلاً "كيف نتحاور مع الذين يقتلون أطفالنا؟". وطالب "بالحوار مع السعودية لوقف العدوان"، في إشارة إلى الغارات الجوية لطائرات التحالف ضد الحوثيين وحلفائهم، كما ذكرت وكالة "فرانس برس".
في المقابل، كان الرئيس اليمني يجدد التأكيد أن وفد الحكومة في جنيف سيناقش حصراً سبل تنفيذ القرار الدولي 2216. ورفض هادي في كلمة أمام اجتماع استثنائي لمنظمة التعاون الإسلامي في جدة، أي عودة للحوار مع الحوثيين، معتبراً ذلك "عودة إلى المربع الأول". وقال هادي "لن نقبل مطلقاً بأي حال من الأحوال بالعودة إلى المربع الأول الذي يتحدث عن استكمال الحوارات تحت تهديد السلاح". وأضاف "لن يناقش وفدنا إلا الآليات التنفيذية للقرار 2216 بحزمة ومنظومة واحدة".
وبالعودة إلى مشاورات جنيف، فإنها لم تخرج أمس عن البحث في الأسماء التي ستمثّل الأطراف المتنازعة، فبعد وصول الوفد الآتي من صنعاء (تحالف الانقلاب)، اتضح أنه يتألف من 18 عضواً انضم إليهم لاحقاً وزير خارجية النظام اليمني المخلوع أبوبكر القربي، فيما لا يزال الاحتمال قائماً بانضمام المزيد.
وعلمت "العربي الجديد" أن عدد الحوثيين القادمين من صنعاء لا يزيد عن ثلاثة فيما ينتمي سبعة مفاوضين إلى جناح الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح في حزب "المؤتمر الشعبي العام" الحاكم لليمن سابقاً، ويتوزع الباقون على ائتلاف من بضعة أحزاب صغيرة بينها حزب ناشئ يدعى "الكرامة". وفي الوقت الذي يرأس فيه الأمين العام لـ"المؤتمر الشعبي" عارف الزوكا الوفد الممثل للحزب، فإن وفد صنعاء مجتمعاً لا يزال حتى الآن يفتقد رئيسه، الأمر الذي سبّب المزيد من الصعوبات للأمم المتحدة في ترتيب أمر المشاورات. وكان من المتوقع أن يرأس الوفد واحد من ثلاثة، إما أبوبكر القربي الموجود في جنيف منذ بداية المشاورات وامتنع عن المشاركة فيها علاوة على رفض أعضاء الوفد الحكومي فتح حوار معه، فاعتبر البعض أن رئاسة وفد صنعاء قد انتقلت تلقائياً إلى عارف الزوكا وهو من الشخصيات اليمنية الجنوبية المعروفة على نطاق واسع في اليمن، وقد حل محل هادي في الأمانة العامة لـ"المؤتمر الشعبي" الذي لم يعد يعترف بهادي أميناً عاماً للحزب. لكن هذا لم يحدث ولا يزال الأعضاء يتدارسون اختيار أحد أبرز أعضاء الوفد وهو الشيخ محمد علي أبو لحوم رئيساً للوفد.
اقرأ أيضاً: "حوار طرشان" في جنيف اليمني تحت سقف الهدنة
وعلمت "العربي الجديد" أن المشاورات بين الوفد الآتي من صنعاء والأمم المتحدة، جرت في فندق كراون بلازا الذي يقيم فيه وفد صنعاء، ولم تتطرق لأي بنود رئيسية تتعلق بجوهر القضية بل اقتصرت على الأمور الشكلية المتعلقة بالتمثيل والعدد وما إلى ذلك، وسوف يتضح خلال جلسات اليوم الأربعاء ما إذا كان قد تم تجاوز العقبات في هذا الجانب أم لا.
وتعليقاً على افتقاد الوفد لرئيس يمثله في المفاوضات، قالت عضو الوفد عن "المؤتمر الشعبي" فائقة السيد لـ"العربي الجديد": "لم نتكلم في موضوع رئاسة الوفد لأنه ليس لدينا مثل هذا الهاجس للحديث عن الرئاسات، ورئيس الوفد هو اليمن وليس غير اليمن".
يشار إلى أن السيد هي مستشارة سابقة للرئيس هادي وتنتمي لجنوب اليمن لكنها تخلّت عن الرئيس اليمني عقب ما تسميه "العدوان على اليمن". ووصلت فائقة السيد وهي ترتدي الشال الفلسطيني، وعندما سئلت عن سبب ذلك قالت: "لا ينبغي أن تنسينا قضايانا الفرعية القضية العربية الأولى والمصيرية وهي قضية فلسطين".
وتأكيداً لما نشرته "العربي الجديد" سابقاً عن سبب تأخير طائرة الوفد، قالت فائقة السيد: "رفضنا أن نخضع للتفتيش في أي مطار سعودي، وعندما تم تحويل مسار الرحلة بحيث لا تمر من الأجواء السعودية واجهتنا صعوبة أن الطائرة التي استأجرتها الأمم المتحدة من جوهانسبرغ لنقلنا إلى جنيف رفضت السلطات السودانية دخولها أجواء السودان بسبب ما جرى للرئيس السوداني عمر البشير في جنوب أفريقيا في وقت سابق".
يشار إلى أن فائقة السيد هي المرأة الوحيدة التي جازفت بالخروج في رحلة تحف بها مخاطر من صنعاء إلى جنيف مروراً بجيبوتي ثم القاهرة، وهي عضو في مؤتمر الحوار اليمني وتنتمي إلى مدينة عدن اليمنية، وتُعرف في صنعاء باسم المرأة القوية.
وعن ممثلي حركة "أنصار الله" (الحوثيين)، علمت "العربي الجديد" أنهم ثلاثة فقط، بينهم مهدي المشاط السكرتير الشخصي لقائد الحركة عبدالملك الحوثي، إلى جانب حمزة الحوثي وعلي العماد، وهما عضوان في المكتب السياسي للحركة. وكان من المقرر أن ينضم إلى الثلاثة اثنان آخران هما المتحدث باسم الحركة محمد عبدالسلام، وصالح الصماد الذي كان مستشاراً لهادي عندما كانت علاقة الأخير حسنة بالحوثيين، وتردد أنهما قد وصلا من سلطنة عمان إلى جنيف لكنهما لم يظهرا حتى الآن، حسب معلومات "العربي الجديد".
ومن "المؤتمر الشعبي"، إلى جانب عارف الزوكا وفائقة السيد، يشارك أيضاً في التفاوض أبوبكر القربي وياسر العواضي وعادل الشجاع، كما يشارك ممثلون عن أحزاب أخرى بينهم زعيم حزب "البعث" اليمني ومستشار الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، قاسم سلام، إلى جانب غالب مطلق وعبدالسلام جابر وعبدالملك الهجاري وعمار مرشد عن حزب "الكرامة" الناشئ. كما يشارك أيضاً الأمين العام لحزب "الحق" الموالي للحوثيين حسن زيد، أما الشيخ محمد علي أبو لحوم فهو يمثل حزب "العدالة والتنمية" الذي ينتمي إليه أبرز أعضاء "الطرف الآخر" رئيس مؤتمر الرياض عبدالعزيز جباري. لكن مصدراً مقرباً من قيادة الحزب أكد لـ"العربي الجديد" أن جباري لا يتحدث باسم الحزب وإنما يمثل الرئيس هادي والوفد الذي بعثه الرئيس.
اقرأ أيضاً: "المقاومة" تتقدم جنوب اليمن والحوثيون يردون بقصف المدنيين