ورغم الترحيب اللفظي من السعودية والإمارات ومصر والبحرين بدور الوساطة الكويتية، إلا أن الانتقادات الإعلامية ضد الكويت تكثفت غداة الاقتراح الكويتي بعقد قمة لحل الأزمة الخليجية، تحديداً في السعودية والإمارات، من قبل إعلاميين محسوبين على السلطة مباشرة في هاتين الدولتين، وحتى مسؤولين فيهما.
وقبل يومين، وصلت هذه التعليقات السلبية ضد الكويت إلى ذروتها، مع ما كتبه قائد شرطة دبي السابق ضاحي خلفان عبر حسابه في "تويتر" وحرفيته أن "الإخوان المسلمين لديهم في الخليج قيادتان دينية وسياسية، والقيادة الدينية متواجدة في قطر بينما القيادة السياسية متواجدة في الكويت، وضرب القيادتين بحجر واحد أمر مهم، وهاتان الجهتان مصدر لتفريخ الإرهابيين".
Twitter Post
|
Twitter Post
|
ويمتلك "الإخوان المسلمون" في الكويت عبر جناحهم السياسي "الحركة الدستورية الإسلامية" 5 أعضاء داخل البرلمان الكويتي "مجلس الأمة"، كما يشغلون حقائب وزارية ومناصب عليا داخل الحكومة الكويتية، ويتمتعون بتمثيل سياسي وشعبي كبير عبر عدد من الجمعيات والأندية.
وكانت أولى إشارات الضغوط"الممنهجة" على الكويت قد بدأت عبر قيام تركي الحمد، أحد كبار المثقفين السعوديين "الرسميين"، المقربين من ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، بالقول إن "الكويت لعبت أكبر من حجمها في ثمانينيات القرن الماضي، كما هو الحال مع قطر، وإن السعودية في نهاية الأمر هي من سينقذ البلدين من المآزق التي يقعان فيها بسب انتهاج سياسة خارجية مستقلة".
وفي محاولة أخرى من دول الحصار لإفشال الوساطة الكويتية، التي أعلنت القوى الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة دعمها لجهود أمير الكويت فيها، قام محور الرياض – أبو ظبي بتسريب أوراق اتفاق الرياض التكميلي عام 2014، وهو ما تسبب بغضب كبير في دوائر الخارجية الكويتية بسبب محاولة عرقلة الوساطة الكويتية.
لكن الأزمة انتقلت إلى مرحلة جديدة عقب نشر وكالة "رويترز"، الأسبوع الماضي، عبر أحد صحافييها نقلاً عن مصدر خاص، أن الحرس الثوري الإيراني يقوم بنقل أسلحته إلى اليمن لدعم مليشيا أنصار الله "الحوثي" عبر المياه الإقليمية الكويتية، وهو ما أدى إلى إصدار وزارة الخارجية الكويتية بياناً نفت فيه جملة وتفصيلاً هذه الأنباء، قبل أن يصرح وكيل وزارة الخارجية وكبير الدبلوماسيين الكويتيين، خالد الجارلله، بأن هذا الخبر هو محاولة "للشوشرة" (التشويش) على الجهود الكويتية، من دون أن يسمي الأطراف الفاعلة وراء الخبر.
لكن الصحافي والكاتب السياسي ومدير تحرير صحيفة "الآن"، أحمد سالم، قال إنّ الكويتيين يعلمون أنه ما من شك في أن دول الحصار هي من استخدم هذا الصحافي المقيم في الإمارات لبث هذا الخبر، وذلك في محاولة للضغط على الكويت وطعنها في الخاصرة.
وأضاف سالم أن "الضغوط الإعلامية ضد الكويت لم تتوقف منذ اليوم الأول، بل ازدادت بشكل كبير، خصوصاً في محاولة التشويش على جهود الكويت في اعتقال خلية العبدلي التجسسية التابعة لحزب الله".
وكتب مدير قناة "العربية" السابق، عبدالرحمن الراشد، ثلاثة مقالات متتالية في صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية، قال فيها إنه من غير المقبول أن يصبح المجال الإعلامي الكويتي ساحة للتعاطف مع دولة قطر ومهاجمة الرياض وأبو ظبي، في إشارة منه إلى التعاطف الكويتي الشعبي مع أزمة حصار قطر.
وقال الأكاديمي والباحث السياسي عبدالرحمن المطيري لـ"العربي الجديد"، إن "تهديدات الإعلاميين والمسؤولين السابقين في دول الحصار للكويت هي رسائل موجهة بدقة لتحجيم دور الكويت السياسي، الذي تنامى بقوة بعد الأزمة الخليجية، حتى أصبح الدبلوماسيون الكويتيون لاعبين أساسيين في المعادلة الدولية".
وأضاف المطيري أنّ "نفس الأسباب التي دعت دول الحصار للهجوم على قطر تدعوها أيضاً للهجوم على الكويت، ولكن بطريقة أكثر هدوءاً في البداية، وهي السياسة الخارجية المستقلة ووجود تيارات إسلامية معتدلة".
وتحاول الكويت الحفاظ على سياستها الخارجية المستقلة التي تميزت بها، بالإضافة إلى الإبقاء على منظومة مجلس التعاون الخليجي التي اخترعت هي فكرة إنشائها، والحد من هيمنة القرار السياسي المتفرد على المنطقة، وذلك عبر فتح قنوات للحوار مع طهران والرياض في نفس الوقت، على الرغم من الأزمة الكبيرة التي نتجت عن اكتشاف خلية تجسسية تابعة لحزب الله في البلاد.