دولة فقدت عقلها

27 اغسطس 2014
+ الخط -


جيم جونز قس أميركي أسس طائفةً بروتستانتية متطرفة في كاليفورنيا عام 1963، وبلغ عدد أعضائها ثلاثين ألفا. وقد تلقى تزكياتٍ عديدة من أعضاء في الكونغرس، وزوجة الرئيس الأميركي، جيمي كارتر، شجعت حاكم (غويانا) في الساحل الشمالي لأميركا الجنوبية، على أن يمنحه قطعة أرض من 37 ألف فدان، يقيم عليها مستعمرته، ويحقق عليها حلمه المزعوم بمجتمعٍ، تسوده المحبة والإخاء.

وقد أنشأ جونز معبداً فيها سماه معبد الشعب. وفي 18 نوفمبر/تشرين ثاني 1978، جمّع اتباعه، وأقنعهم أنهم، أصلاً، مخلوقات فضائية، وأنهم دخلوا هذه الأجساد لمهمة معينة، وأن مركبة فضاء ستأتي، في تلك الليلة، لتأخذهم جميعاً، وأعطاهم تعليمات للاستعداد، فحلقوا رؤوسهم، ولبسوا زياً موحداً وشربوا سم السيانيد، وحقنوا به أطفالهم، واستلقى كل في سريره وغطوا وجوههم في انتظار سفينة الفضاء.

تسعمائة وثلاثة عشر شخصاً قتلوا في هذا اليوم، أكثر من مئتين منهم أطفال، وذلك في حدث أطلق عليه جونز اسم "بوابة السماء"، ويصنف على أنه أكبر حادثة انتحار جماعي في التاريخ الحديث.

ويصف علماء الطب النفسي هذا الحدث بأنه حالة جنون جماعي، أصابت أفراد تلك البلدة، وهي أحد الاضطرابات النفسية المسجلة في كتب الطب، وتحدث عندما تصدق مجموعة من الناس كذبة أو وهماً عجيباً من شخص أو مجموعة من الأشخاص، يتميزون بقدرة على الإقناع.

وحينما يصدق مصريون حفنة من الأكاذيب العجيبة، ويعيشون في مجموعة من الأوهام، ويساندون سلطة فاسدة على تخريب الوطن ونهبه، ويؤيدونها في قتل إخوانهم من أبناء البلاد، لا بد من أن يجتمع أطباء علم النفس وأفراد المجتمع الأصحاء على تقديم الدعم النفسي لهؤلاء، ومساعدتهم على تخطي تلك الحالة، والخروج منها بسلام.

فلم يعد الأمر مجرد انقلاب على الشرعية المنتخبة، وثورة المجتمع عليه، بل أصبحت مصر دولة تحكمها عصابة، تريد نهب ثرواتها، وتتعمد تخريبها لتنفيذ مصالح دول معادية، ويستخدمون من أجل ذلك آلة إعلامية مهولة، تضم عشرات الفضائيات والإذاعات والصحف المطبوعة والإلكترونية والمواقع الإخبارية، من أجل بث حالة مفزعة من التضليل والأوهام وتغييب الوعي.