دمشق إذ تنسى السينما

08 فبراير 2015
عبد اللطيف عبد الحميد في لقطة من فيلم "العاشق"
+ الخط -

مع مطلع العام الجديد، دفعت "المؤسسة العامة للسينما" في دمشق، بتظاهرتين في الصالات السورية بهدف "تحريك" الوسط الثقافي، والسينمائي تحديداً، هما "المهرجان الدولي لأفلام المقاومة" و"أفلام خارج السرب الهوليودي".

قامت الأولى في "دار الأوبرا" الشهر الماضي، وعُرضت فيها خمسة أفلام إيرانية لم تتمكن من جذب الجمهور السوري الذي كانت "دار الأوبرا" شبه خالية منه على مدار أيام العرض. يرجع ذلك إلى الصبغة "التشبيحية" للتظاهرة ككل.

هنا، لا تُقدم أفلام مجيد مجيدي وجعفر بناهي وغيرهما من المخرجين الإيرانيين الكبار، بل تقتصر الفعالية على أعمال سينمائية تخدم فكرة "المقاومة" التي ما فتئ النظام السوري يدّعي تبنيه إياها ويروّج لها.

مشكلة هذه الأفلام (وهي "أيام الحياة"، "الاستعادة"، "الذهب والنحاس"، "الطفل والملاك"، "التراب والمرجان") مؤلفة من شقين، يتساوى السياسي والفني فيهما. فمن ناحية، لا تقوم هذه العناوين على لغة فنية بصرية عالية تدعو إلى البقاء أمام شاشة عرضها.

إذ إن هذه الأفلام، من ناحية أخرى، حامل بصري لأيديولوجيا سياسية لا أكثر، طالما أن الهدف الأساسي من وراء عرضها سياسي. إنها أفلام تضرب بالسينما عرض الحائط في مسعاها إلى تقديم صورة ناصعة للسياسة الإيرانية في العقدين السابقين.

الحركة السينمائية الثانية في المدينة لم تكن أفضل حالاً. فتظاهرة "أفلام خارج السرب الهوليودي" التي تعرض في صالة "كندي دمشق" (حتى الرابع عشر من الشهر الحالي) لم تنجح، حتى الآن على الأقل، في إضافة جديد. ثمة عشوائية عالية في اختيار الأفلام الـ41 التي لا يجمع شيء بينها سوى أنها "تغرد خارج السرب الهوليودي"، أو أنها ليست أميركية. هكذا، تقتصر هذه الفعالية على تقديم أفلام ذات مستوى متواضع فنياً، في الغالب.

الحديث هنا عن أفلام أكشن، وأخرى رومانسية، تأتي في آخر أولويات المواطن السوري اليوم. وحتى هؤلاء الذين يتكبدون عناء الذهاب إلى الصالة لتمرير الوقت بعيداً عن القصف، فإن سوء الحظ قد يلاحقهم إما بانقطاع الكهرباء في منتصف العرض أو في عدم وجود ترجمة لأفلام هي في الغالب أوروبية.

وعلى أي حال، فإن ما يساهم في عجز هذه التظاهرة عن النجاح أيضاً هو ضحالة حضورها الإعلامي، إذ تكاد تنتهي من دون أن نجد إعلاناً لها في الشوارع، أو دون أن تنجح في تشكيل حضور أو حالة سينمائية ما.

هذا الحال ينطبق أيضاً على فيلم عبد اللطيف عبد الحميد، "العاشق"، الذي عُرض في "سينما ستي" عرضاً خاصاً اقتصر الجمهور فيه على العاملين في الفيلم وبعض الفنانين والإعلاميين الذين ينتمون إلى الخط السياسي الذي ينتمي إليه المخرج و"الشركة العامة للسينما" المنتجة لشريطه.

هذه البداية السينمائية لـ 2015 تنبئ، على أي حال، بسنة ضحلة على مستوى الفن السابع. ولا يبدو أن "المؤسسة العامة للسينما" ستسعى إلى اتخاذ خطوة تجاه الفن السابع أوسع من تلك التي تتخذها تجاه خطاب النظام السياسي القائم.

دلالات
المساهمون