21 فبراير 2018
دلالات فوز إسلاميي المغرب
فاز حزب العدالة والتنمية المغربي في ثاني انتخابات تشريعية بعد الربيع العربي، واستقبل أول أمس الإثنين العاهل المغربي، الملك محمد السادس، زعيم الإسلاميين المعتدلين عبد الإله بنكيران، وعيّنه رئيساً للحكومة لولاية ثانية، تطبيقا لنص الدستور الذي يوجب على الملك تعيين رئيس الحكومة من الحزب الفائز بالمرتبة الأولى في الانتخابات، وهذه كانت إحدى أهم مكاسب الوثيقة الدستورية التي كتبت إبّان الحراك الديمقراطي، والتي ربطت بين تشكيل الحكومة ونتائج صندوق الاقتراع، للوصول إلى تثبيت شرعية عقلانية حديثة، في نظام ملكي تقليدي.
الأرقام لا تكذب، يقول الإحصائيون، لكنها، في الوقت نفسه، تحتاج إلى من يجيد قراءتها، واستخلاص الدروس منها. فاز حزب العدالة والتنمية بالمرتبة الأولى في انتخابات الجمعة الماضية، وحصل على 126 مقعداً في مجلس النواب، أي بزيادة 19 مقعداً عما كان في حوزته في المجلس المنتهية ولايته، كما حصل على أكثر من 1,8 مليون صوت في الاقتراع، أي بزيادة أكثر من نصف مليون صوت عما حصل عليه في العام 2011 زمن الربيع العربي، ولهذا معان عدة فيما أتصور، أولها أن المغرب يؤكد طابع الاستثناء الذي يتميز به عن سواه من دول عربيةٍ تحوّل ربيعها الديمقراطي إلى خريفٍ، جرفها إلى الحرب الأهلية والانقلابات المدمرة والحروب الطائفية. نجح النظام في المغرب في إدماج مطالب الشارع داخل المؤسسات، كما نجح، على الرغم من طابعه السلطوي الناعم في إدماج الإسلاميين، وترك الشعب يقول كلمته في حقهم.
ثانياً، وهذه هي المرة الثانية التي تفرز الانتخابات المغربية خريطة تمثيلية، تعكس الحقيقة السياسية لكل الأحزاب على الارض، فعلى الرغم من كل التقنيات التي استعملتها وزارة الداخلية لتحجيم نفوذ حزب العدالة والتنمية في الشارع، فإن حزب الإسلاميين المعتدلين فاز في الانتخابات، وهذا معناه أن المؤسسة الملكية في المغرب (رأس النظام) مازالت ملتزمةً بالوعد الذي قطعته على نفسها، إبّان الربيع المغربي، باحترام إرادة المواطنين، والالتزام بالدستور الجديد الذي وثّق كتابة لحظة فوران الشارع، إبّان الحراك الشبابي. وبهذا، يكون المغرب قد اقترب من جعل الانتخابات المفتوحة والشفافة من ثوابت نظامه السياسي التي يصعب التراجع عنها غداً أو بعد غد.
ثالثاً، لم يصوت 1,8 مليون مواطن مغربي لحزب العدالة والتنمية لأنه إسلامي، أو لأنه يتبنى أيديولوجيا دينية، أو لأنه يتحدّث في الحلال والحرام، بل صوّت كل هؤلاء لبنكيران، لأنهم يثقون في نظافة يده، في بلاد عملتها الرسمية الثانية بعد الدرهم هي الفساد، ولأنه يعدهم بالإصلاح العميق للدولة بأقل كلفةٍ ممكنةٍ تحت شعار (الإصلاح في ظل الاستقرار). هذا الفوز الكبير الذي حصل عليه حزب العدالة والتنمية سيعمّق أكثر نهجه البراغماتي، وبعده عن الطابع الأصولي لصالح التوجّه المحافظ الذي يقبل أصول اللعبة الديمقراطية، ويؤمن باختلاف المجتمع، وتنوعّ شرائحه.
رابعاً، صوّت المغاربة بكثافة على المصباح، رمز حزب العدالة والتنمية، على الرغم من كل الضغوط التي تعرّضوا لها، وعمليات غسل الدماغ التي كانت تجري أمامهم. وهذا معناه أنهم تحرّروا نسبياً من الخوف، ومن الخضوع لتأثير وسائل الدعاية السوداء التي وصلت إلى حد تهديد المغاربة بالسقوط في النموذج السوري، إنْ هم صوّتوا لحزب العدالة والتنمية. لقد ضاعف الحزب المقرّب من السلطة (الأصالة والمعاصرة) من أرقامه، وانتقل من 47 مقعداً في مجلس النواب إلى 102، مستعملاً المال ونفوذ السلطة والأعيان وكبار رجال الأعمال الذين وضعهم في مقدمة قوائمه الانتخابية، لربح رهان الاقتراع والالتفاف على التصويت السياسي لصالح تصويتٍ زبوني أو قبلي أو بمقابل مادي، لكن هذا كله تكسّر على صخرة التصويت الكثيف للطبقة الوسطى في المدن على مرشحي "العدالة والتنمية"، وهذا ما يكشف إلى أي حدٍّ مازالت العملية الديمقراطية التي انبعثت مع حركة 20 فبراير/شباط مستمرةً، وتعطي ثماراً مهمة، على الرغم من صغرها.
الأرقام لا تكذب، يقول الإحصائيون، لكنها، في الوقت نفسه، تحتاج إلى من يجيد قراءتها، واستخلاص الدروس منها. فاز حزب العدالة والتنمية بالمرتبة الأولى في انتخابات الجمعة الماضية، وحصل على 126 مقعداً في مجلس النواب، أي بزيادة 19 مقعداً عما كان في حوزته في المجلس المنتهية ولايته، كما حصل على أكثر من 1,8 مليون صوت في الاقتراع، أي بزيادة أكثر من نصف مليون صوت عما حصل عليه في العام 2011 زمن الربيع العربي، ولهذا معان عدة فيما أتصور، أولها أن المغرب يؤكد طابع الاستثناء الذي يتميز به عن سواه من دول عربيةٍ تحوّل ربيعها الديمقراطي إلى خريفٍ، جرفها إلى الحرب الأهلية والانقلابات المدمرة والحروب الطائفية. نجح النظام في المغرب في إدماج مطالب الشارع داخل المؤسسات، كما نجح، على الرغم من طابعه السلطوي الناعم في إدماج الإسلاميين، وترك الشعب يقول كلمته في حقهم.
ثانياً، وهذه هي المرة الثانية التي تفرز الانتخابات المغربية خريطة تمثيلية، تعكس الحقيقة السياسية لكل الأحزاب على الارض، فعلى الرغم من كل التقنيات التي استعملتها وزارة الداخلية لتحجيم نفوذ حزب العدالة والتنمية في الشارع، فإن حزب الإسلاميين المعتدلين فاز في الانتخابات، وهذا معناه أن المؤسسة الملكية في المغرب (رأس النظام) مازالت ملتزمةً بالوعد الذي قطعته على نفسها، إبّان الربيع المغربي، باحترام إرادة المواطنين، والالتزام بالدستور الجديد الذي وثّق كتابة لحظة فوران الشارع، إبّان الحراك الشبابي. وبهذا، يكون المغرب قد اقترب من جعل الانتخابات المفتوحة والشفافة من ثوابت نظامه السياسي التي يصعب التراجع عنها غداً أو بعد غد.
ثالثاً، لم يصوت 1,8 مليون مواطن مغربي لحزب العدالة والتنمية لأنه إسلامي، أو لأنه يتبنى أيديولوجيا دينية، أو لأنه يتحدّث في الحلال والحرام، بل صوّت كل هؤلاء لبنكيران، لأنهم يثقون في نظافة يده، في بلاد عملتها الرسمية الثانية بعد الدرهم هي الفساد، ولأنه يعدهم بالإصلاح العميق للدولة بأقل كلفةٍ ممكنةٍ تحت شعار (الإصلاح في ظل الاستقرار). هذا الفوز الكبير الذي حصل عليه حزب العدالة والتنمية سيعمّق أكثر نهجه البراغماتي، وبعده عن الطابع الأصولي لصالح التوجّه المحافظ الذي يقبل أصول اللعبة الديمقراطية، ويؤمن باختلاف المجتمع، وتنوعّ شرائحه.
رابعاً، صوّت المغاربة بكثافة على المصباح، رمز حزب العدالة والتنمية، على الرغم من كل الضغوط التي تعرّضوا لها، وعمليات غسل الدماغ التي كانت تجري أمامهم. وهذا معناه أنهم تحرّروا نسبياً من الخوف، ومن الخضوع لتأثير وسائل الدعاية السوداء التي وصلت إلى حد تهديد المغاربة بالسقوط في النموذج السوري، إنْ هم صوّتوا لحزب العدالة والتنمية. لقد ضاعف الحزب المقرّب من السلطة (الأصالة والمعاصرة) من أرقامه، وانتقل من 47 مقعداً في مجلس النواب إلى 102، مستعملاً المال ونفوذ السلطة والأعيان وكبار رجال الأعمال الذين وضعهم في مقدمة قوائمه الانتخابية، لربح رهان الاقتراع والالتفاف على التصويت السياسي لصالح تصويتٍ زبوني أو قبلي أو بمقابل مادي، لكن هذا كله تكسّر على صخرة التصويت الكثيف للطبقة الوسطى في المدن على مرشحي "العدالة والتنمية"، وهذا ما يكشف إلى أي حدٍّ مازالت العملية الديمقراطية التي انبعثت مع حركة 20 فبراير/شباط مستمرةً، وتعطي ثماراً مهمة، على الرغم من صغرها.