دعوة فلسطينية في المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق الفوري في سياسات الاستيطان الإسرائيلية
وتطالب الدعوى بفتح تحقيق فوري في سياسات المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية المحتلة، وهو ما قد يعطي المحكمة سلطة أوسع للتحقيق في جرائم الاحتلال بحق الفلسطينيين.
ووفق بيان فلسطيني نشرته "أسوشييتد برس"، فإن "الدعوة التي قدمها المالكي لادعاء المحكمة اليوم يؤكد أن "هناك أدلة دامغة كافية على التفويض بارتكاب جرائم مستمرة تتطلب تحقيقاً فورياً".
وتجري المحكمة تحقيقا مبدئيا منذ 2015 في جرائم ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، فضلاً عن سياسة الاستيطان.
المالكي: مارسنا حقنا
إلى ذلك، اعتبر وزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني، اليوم، أن الإحالة التي قدمت إلى الجنائية الدولية بشأن جرائم الاحتلال الإسرائيلي "ممارسة لحق وواجب دولة فلسطين، كدولة طرف في ميثاق روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية، في أن تحيل لمكتب المدعية العامة أدلة متعلقة بجرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم أخرى تقع ضمن اختصاص المحكمة، وذلك بهدف التحقيق، وخدمة لمبادئ العدالة، والمساءلة، ومنعا لإفلات المجرمين من العقاب، ورادعا لسلطات الاحتلال عن ارتكاب المزيد من الجرائم بحق الشعب الفلسطيني ومقدراته".
وقال المالكي، في كلمة له خلال مؤتمر صحافي في مقر المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، إن "دولة فلسطين تسعى لتحقيق العدالة والانتصاف، وليس الانتقام، وتحقيق المساءلة والمحاسبة، وذلك وفق التزامها تجاه شعبنا الفلسطيني".
وأشار إلى أنه و"في ظل جسامة وتصاعد الجرائم الإسرائيلية المرتبطة بالمنظومة الاستيطانية، فإنه من واجبنا كدولة طرف في ميثاق روما الأساسي أن نسلك السبل كافة، القانونية والسياسية المتاحة لحماية الشعب الفلسطيني وأرضه، بما في ذلك الوسائل والآليات المتاحة في إطار ميثاق روما الأساسي للتعجيل بفتح التحقيق".
وأكد أن "التأخير في الدراسة الأولية التي بدأتها المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية قبل ثلاثة أعوام ونصف، لا يخدم مبادئ العدالة، أو ممارسة المحكمة لاختصاصها في تحقيق الردع عن ارتكاب الجرائم من خلال المساءلة، وأن العدالة المتأخرة هي عدالة غائبة"، مؤكدا أن "جرائم الحرب الإسرائيلية هي جرائم ضد الإنسانية، ويتمتع مرتكبوها بالحصانة، في ظل غياب المحاسبة والمساءلة حتى الآن".
وطالب الوزير المالكي "مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بالنظر في الجرائم المستمرة، بما فيها تلك الجرائم المنبثقة عن منظومة الاستيطان، وأن تعمل على ملاحقة المسؤولين عن ارتكابها، وأن تقوم بواجبها وأن تمارس اختصاصها في هذا الصدد وفتح التحقيق الجنائي".
بدوره، قال مساعد وزير الخارجية للشؤون المتعددة الأطراف، عمار حجازي، إن "خطورة الوضع الحالي هي التي دفعتنا للقدوم هنا هذا اليوم، إضافة إلى ضخامة المشروع الاستيطاني الذي تنفذه إسرائيل في فلسطين يوجب لفت النظر من المجتمع الدولي إلينا، وعدم استخدام المعايير المزدوجة في معالجة الموضوع، لذا كان لا بد من دفع الإحالة إلى هنا للدفاع عن الشعب الفلسطيني وتحقيق العدالة ودفع الجرائم الإسرائيلية عن شعبنا".
من جهته، أكد رئيس اللجنة الوطنية العليا المسؤولة عن المتابعة مع المحكمة الجنائية الدولية، صائب عريقات، في تصريحات منفصلة له، أن "دولة فلسطين تقوم بواجبها الأصيل والمشروع في تكريس الحقوق التاريخية المشروعة لشعبها، وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير، وتوظيف وسائل وأدوات الشرعية الدولية لإحقاق هذه الحقوق ومواجهة قوة الاحتلال من خلال اللجوء إلى الهيئات والمؤسسات الدولية، وعلى رأسها المحكمة الجنائية الدولية، للحصول على حماية القانون الدولي، بما ينسجم مع الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، اللذين يُعتبران من أهم مقاصد الأمم المتحدة والمجتمع الدولي برمته، وكشف ما يشكله الاحتلال الإسرائيلي من تهديد للأمن والسلم الدوليين.
وأكد عريقات أن "فلسطين تمارس حقها الطبيعي والقانوني في حماية هذا الحق المستند إلى الشرعية الدولية، وتحترم القرارات الدولية، وتؤكد التزامها بسيادة القانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان".
بدورها، أكدت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي، في تصريح لها، أنه "حان الوقت لإنهاء إفلات إسرائيل من العقاب ومحاسبتها ومساءلتها على انتهاكاتها وجرائمها المتعمدة بحق شعبنا الفلسطيني الأعزل".
وأشارت عشراوي إلى أن "الإحالة شملت جرائم الحرب السابقة والحالية والمستقبلية والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها دولة الاحتلال بحق شعبنا وأرضنا، بما فيها الأنشطة الاستيطانية غير الشرعية، والتهجير القسري، ومواصلة هدم المنازل والبنى التحتية للدولة الفلسطينية، والقتل المتعمد للمتظاهرين الفلسطينيين العزّل، والاعتقال التعسفي وممارسة أبشع أساليب التعذيب بحق الأسرى الفلسطينيين".
وشددت عشراوي: "نحن عازمون على مواصلة جهودنا في جميع المحافل الدبلوماسية والقانونية لمحاسبة ومساءلة إسرائيل في المحكمة الجنائية الدولية وغيرها من المنظمات والوكالات والمؤسسات الدولية المختلفة، والدفاع عن حق شعبنا في تقرير المصير والعدالة والحرية".
ادعاءات إسرائيل
في المقابل، رفضت حكومة الاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأميركية الخطوة الفلسطينية بتقديم شكوى رسمية للمحكمة الجنائية الدولية ضد سياسة الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وذكر موقع "هآرتس"، أن حكومة الاحتلال والولايات المتحدة استنكرتا الخطوة الفلسطينية، وادعتا أنه "لا يمكن للمحكمة الجنائية الدولية البت في الشكوى الفلسطينية، لأن السلطة الفلسطينية ليست دولة".
وجاء في بيان عممته الخارجية الإسرائيلية أن "إسرائيل تنظر بخطورة للتوجه الفلسطيني، الذي يشكل خطوة عدمية لا سند قانونياً لها؛ فالمحكمة لا تملك صلاحيات في الموضوع الإسرائيلي ـــ الفلسطيني، لأن إسرائيل ليست عضواً في محكمة الجنايات الدولية، ولأن السلطة الفلسطينية ليست دولة".
وادعى البيان الإسرائيلي أيضا أن "السلطة الفلسطينية تواصل استغلال محكمة الجنايات الدولية لأهداف سياسية، بدلا من العمل باتجاه مفاوضات سياسية".
وزعم البيان "إنه لمن المضحك أن يقوم الفلسطينيون بذلك في الوقت الذي يواصلون فيه التحريض على الإرهاب واستخدام الأطفال والنساء دروعاً بشرية غطاء لمحاولاتهم العنيفة المس بأمن مواطني إسرائيل. إسرائيل تتوقع من المحكمة الدولية ومن المدعية العامة عدم الرضوخ لضغوط الفلسطينيين وعدم تمكينهم من تسييس إضافي للمحكمة، أو حرفها عن التفويض الأصلي لها. إسرائيل تعمل وفق آليات مراقبة قضائية مستقلة ومنهجية، كما يليق بدولة ديمقراطية ووفقا للقانون الدولي".