ما يثير الصدمة أنّ الدنمارك في حرب مع طالبان، وقد دفعت ثمناً باهظاً من دماء جنودها في المعارك ضمن التحالف الأميركي.
وفي تعقيب على هذه الصدمة التي كشفها التحقيق، قالت مقررة شؤون "الدعم والإنماء" في الحزب الاجتماعي الديمقراطي المعارض في البرلمان الدنماركي، ميتا غيرسكوو: "أعتقد أنّها فضيحة حقيقية. لا يمكننا استخدام الأموال المخصصة للتنمية لدعم طالبان أو تلاميذ غير موجودين سوى على الورق". أما التلفزيون الدنماركي فلم يتردد في قول "وزارة الخارجية تدعم حركة معادية للدنمارك".
وتعتبر تلك المدارس التي تسيطر عليها حركة طالبان ضمن النطاق الجغرافي الذي يقع تحت سيطرة حكومة كابول، وهو ما يزيد الأمر تعقيداً بالنسبة للحكومة الدنماركية أمام البرلمانيين والرأي العام. وهو ما طالبت غيرسكوو وزير الخارجية كريستيان يانسن بتوضيحه، وأضافت: "تلك إشكالية كبرى، وإذا كان على أحد أن يكتشف ما يحصل فهو وزير الخارجية".
من جانبه، عبّر البرلماني عن حزب المحافظين (الحليف لحكومة أقلية اليمين)، ومقرر الشؤون الخارجية عنه، ناصر خضر، عن رأيه: "هذه قضية خطيرة جداً. على وزير الخارجية القيام فوراً بفحص ما جاء في التحقيق التلفزيوني". وكان خضر نفسه قد أثار سابقاً تبريرات عدة عن الدعم المقدّم بنحو 10 ملايين كرونة (نحو مليون و500 ألف دولار أميركي) للمدارس في أفغانستان للدفاع عن مقولة إنّ "الحرب هناك كان لها فوائد"، قاصداً مشاركة بلاده في التحالف الأميركي الذي غزا أفغانستان.
يطالب خضر اليوم بوقف الدعم المالي المقدم إلى أفغانستان إلى حين اتضاح "كيف وصلت تلك المساعدات إلى طالبان، فبالرغم من أهمية دعم المدارس وتعليم البنات فيها، إلا أنه لا يمكن القبول بأن نخدع بنقودنا التي تصل إلى مدارس تسيّرها طالبان".
الأرقام الرسمية تشير إلى أنّ الدنمارك دفعت مساعدات إلى أفغانستان بقيمة 10 مليارات كرونة (نحو مليار و500 مليون دولار)، وكانت الصيغة المتفق عليها هي بناء طرق ومدارس للأولاد والبنات ليحصلوا على تعليم جيد كانت ترفضه حركة طالبان سابقا، وخصوصا لجهة التحاق البنات بالمدارس.
في المجمل تدعم وزارة الخارجية الدنماركية، من خلال برنامج معونات للتنمية، 270 مدرسة، ولم يستطع معدو التحقيق الاستقصائي زيارة كل المدارس كون بعضها يقع في مناطق تسيطر عليها طالبان. وهي رغم ذلك ما تزال تتلقى الدعم الدنماركي. ووفقا للأمم المتحدة، بحسب ما ينقل التلفزيون الدنماركي، فإنّ حركة طالبان تسيطر أو تملك نفوذاً على أكثر من نصف البلاد.
ما كشفه التحقيق "يخالف تماماً ما يظن الدنماركيون أنّهم يدعمونه في أفغانستان. ففي مدرسة إصلاح، بمقاطعة نانغارهار، يجري تدريس البنات بواسطة مدرّس قرآن من دون أن يرى تلميذاته إطلاقاً، فهو يقف خلف ستائر تفصله عن التلميذات"، وذلك وفقا لما جاء في شرح معدّي الفيلم الوثائقي الذي أثار انزعاج الخارجية الدنماركية.
من جهته، رفض وزير الخارجية، كريستيان يانسن، طلبات التلفزيون بإجراء مقابلة معه حول الأمر، كونه المسؤول المباشر عما يجري. واكتفى، وفقاً للقناة الأولى، بإرسال بريد إلكتروني يشرح فيه أنّ الخارجية بالطبع غير راضية عن سيطرة طالبان على الدعم المقدم لتعليم الأطفال في أفغانستان، وأنّ "ذلك يمكن أن يؤثر على تعليمهم. لكنّ مدارس أخرى ندعمها تعمل بشكل جيد وكما هو متوقع. لقد ساهمنا أيضا ببناء مدارس في بعض مناطق هلمند، ولو لم نفعل ذلك لما كان بإمكان الأطفال التعلّم في تلك المقاطعة".
من الجدير ذكره أنّ استخدام الدعم المالي من قبل الدولة الدنماركية يجري تبريره في وسائل الإعلام على أنه "جزء من خطة وقف تدفق اللاجئين الأفغان إلى البلاد". ووفقاً للتلفزيون الدنماركي، فإنّ ساسة البلد في ورطة الآن، بعد انكشاف حجم الفساد الذي ينتشر بأموال الدنمارك في أفغانستان.