تسببت الطفرة الاقتصادية، التي تزامنت مع ارتفاع الطلب العالمي على السلع نتيجة نمو الاقتصادات الناشئة في آسيا، ببروز البرازيل على الساحة العالمية كسادس أكبر اقتصاد في العالم ووقوفها إلى جانب عمالقة الاقتصاد الجدد روسيا، الهند والصين. لكن صعود نجم البرازيل في السنوات الأخيرة لا يمكن أن يُعزى فقط إلى طفرة ارتفاع السلع الأخيرة، إذ أثبتت البرازيل، على مدى العقدين الماضيين، قدرتها على وضع سياسات وقواعد ساعدت في إرساء أسس ودعائم الاقتصاد البرازيلي على أرضية صلبة.
قاعدة تصديرية
تعتمد البرازيل، أساساً، على قاعدة تصديرية متنوعة تضم الزراعة والمعادن والطاقة، فهي أكبر منتج للبن والبرتقال وقصب السكر، وواحدة من أكبر المنتجين والمصدرين للمعادن، الخام والمصنعة، في العالم. إضافة إلى ذلك، فإن البرازيل من بين أكثر عشرة اقتصادات في العالم إنتاجاً للسيارات والطائرات التجارية والمشروبات الغازية ومستحضرات التجميل والأحذية والجلود. وإذا ما أُديرت بشكل صحيح، فإن قاعدة البرازيل التصديرية، التي تعتبر مناسبة تماماً مع احتياجات أسواق آسيا الناشئة، ستبقى القوة الأساسية للاقتصاد البرازيلي على مدى عقود طويلة من الزمن.
لقد ساهم ارتفاع أسعار السلع الأساسية، خلال العقد الأخير، في تحسين شروط التجارة واستقرارها، وفي ارتفاع قيمة العملة المحلية. نتيجة لذلك، ارتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي من 3.7 آلاف دولار، في عام 2000، إلى 12.8 ألف دولار العام الماضي، ما رفع القوة الشرائية للبرازيليين وعزز بالتالي، الطلب المحلي. في الواقع، تم زرع بذور التحول الاقتصادي في البرازيل في فترة سبقت الانتقال إلى مرحلة النمو المرتفع في عام 2004، حيث يمكن إرجاع ذلك إلى الفترة التي انتقلت فيها البرازيل إلى مصاف الدول الديمقراطية بموجب دستور عام 1988.
علاوة على ذلك، مكنت القرارات المتعلقة بالسياسات الاقتصادية، على مدى العقدين الماضيين، البرازيل من الاستفادة من الظروف العالمية المواتية من أجل تحقيق نمو أقوى للسوق المحلية.
ازدهر الاستقرار الديمقراطي، في ظل دستور منفتح ومتطور، وتم تعزيزه، بعد ذلك، من خلال نقل السلطة إلى "لويس لولا دا سيلفا"، في عام 2002، الذي يُعزى له الفضل في جعل "قواعد اللعبة" الاقتصادية والسياسات العامة للدولة أكثر أماناً واتساقاً. من بين هذه السياسات، إنشاء خطة مُحكمة، في 1994، لدعم استقرار العملة المحلية، التي عالجت إرثاً طويلاً من ارتفاع معدلات التضخم. ثم أعقبتها سلسلة من التغييرات الرئيسية للسياسات الاقتصادية، بما في ذلك استهداف التضخم وتحديد سعر صرف عائم في عام 1999، ما عززت من مرونة الاقتصاد البرازيلي.
اقرأ أيضاً:الاقتصاد الأسترالي المختلط
في الربع الرابع من عام 1998، أخذت السياسات المالية منحى آخر، أكثر إيجابية، مع قيام الدولة بتحديد أهداف المالية العامة التي تسعى لبلوغها، وذلك بفضل تشريع قانون "المسؤولية المالية"، واتخاذ معايير أكثر صرامة فيما يتعلق بالأموال العامة، ما حقق التوازن المالي والنقدي على صعيد الحكومة الفيدرالية والولايات. وشملت عملية الإصلاح، أيضاً، النظام المصرفي في البرازيل التي نتج عنها إغلاق مصارف متعثرة، وتقوية الإشراف على المصارف الخاصة والتابعة للدولة. كانت هذه السياسات عنصراً حاسماً في تراجع صافي الدين الحكومي بحوالى 22 نقطة مئوية إلى نحو 42% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2002، وتبعه انخفاض ملحوظ، آخر، في الديون الخارجية الصافية من أكثر من 200% كنسبة من صادرات السلع والخدمات، في عام 2002، إلى الصفر، تقريباً، في عام 2009.
إضافة إلى ذلك، نتج عن تحسن السياسات الاقتصادية العامة أساسٌ أكثر ثباتاً للنمو، يقوده طلب محلي ذو قاعدة واسعة، ساعد في تحقيق نمو كبير للحد الأدنى للأجور، وانخفاض معدلات التضخم، وانتقال ما يقرب من 40 مليون برازيلي من الطبقة الفقيرة إلى الطبقة الوسطى، حيث بلغ الفقر واللامساواة أدنى مستوياتهما في 50 عاماً في عام 2011.
الأهم من ذلك، كان لخلق أكثر من 20 مليون وظيفة رسمية، بين عامي 2003 و2014، دور أساس في خفض معدل البطالة إلى حوالى 7%، فقط، أي أقل من نصف ما كان عليه في عام 2003. وفي الوقت ذاته، خففت ظروف الاقتصاد الكلي، جنباً إلى جنب مع القرارات المتعلقة بسياسات الاقتصاد الجزئي، في حصول الأفراد والشركات على قروض مقابل ضمانات ائتمانية، إذ تضاعف حجم التسهيلات الائتمانية إلى نحو 50% من الناتج المحلي الإجمالي، ما أسهم في جعل الطلب المحلي أكثر ثباتاً واستقراراً.
(خبير اقتصادي أردني)
اقرأ أيضاً:ماضي جنوب أفريقيا ومستقبلها
لقد ساهم ارتفاع أسعار السلع الأساسية، خلال العقد الأخير، في تحسين شروط التجارة واستقرارها، وفي ارتفاع قيمة العملة المحلية. نتيجة لذلك، ارتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي من 3.7 آلاف دولار، في عام 2000، إلى 12.8 ألف دولار العام الماضي، ما رفع القوة الشرائية للبرازيليين وعزز بالتالي، الطلب المحلي. في الواقع، تم زرع بذور التحول الاقتصادي في البرازيل في فترة سبقت الانتقال إلى مرحلة النمو المرتفع في عام 2004، حيث يمكن إرجاع ذلك إلى الفترة التي انتقلت فيها البرازيل إلى مصاف الدول الديمقراطية بموجب دستور عام 1988.
ازدهر الاستقرار الديمقراطي، في ظل دستور منفتح ومتطور، وتم تعزيزه، بعد ذلك، من خلال نقل السلطة إلى "لويس لولا دا سيلفا"، في عام 2002، الذي يُعزى له الفضل في جعل "قواعد اللعبة" الاقتصادية والسياسات العامة للدولة أكثر أماناً واتساقاً. من بين هذه السياسات، إنشاء خطة مُحكمة، في 1994، لدعم استقرار العملة المحلية، التي عالجت إرثاً طويلاً من ارتفاع معدلات التضخم. ثم أعقبتها سلسلة من التغييرات الرئيسية للسياسات الاقتصادية، بما في ذلك استهداف التضخم وتحديد سعر صرف عائم في عام 1999، ما عززت من مرونة الاقتصاد البرازيلي.
اقرأ أيضاً:الاقتصاد الأسترالي المختلط
في الربع الرابع من عام 1998، أخذت السياسات المالية منحى آخر، أكثر إيجابية، مع قيام الدولة بتحديد أهداف المالية العامة التي تسعى لبلوغها، وذلك بفضل تشريع قانون "المسؤولية المالية"، واتخاذ معايير أكثر صرامة فيما يتعلق بالأموال العامة، ما حقق التوازن المالي والنقدي على صعيد الحكومة الفيدرالية والولايات. وشملت عملية الإصلاح، أيضاً، النظام المصرفي في البرازيل التي نتج عنها إغلاق مصارف متعثرة، وتقوية الإشراف على المصارف الخاصة والتابعة للدولة. كانت هذه السياسات عنصراً حاسماً في تراجع صافي الدين الحكومي بحوالى 22 نقطة مئوية إلى نحو 42% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2002، وتبعه انخفاض ملحوظ، آخر، في الديون الخارجية الصافية من أكثر من 200% كنسبة من صادرات السلع والخدمات، في عام 2002، إلى الصفر، تقريباً، في عام 2009.
إضافة إلى ذلك، نتج عن تحسن السياسات الاقتصادية العامة أساسٌ أكثر ثباتاً للنمو، يقوده طلب محلي ذو قاعدة واسعة، ساعد في تحقيق نمو كبير للحد الأدنى للأجور، وانخفاض معدلات التضخم، وانتقال ما يقرب من 40 مليون برازيلي من الطبقة الفقيرة إلى الطبقة الوسطى، حيث بلغ الفقر واللامساواة أدنى مستوياتهما في 50 عاماً في عام 2011.
(خبير اقتصادي أردني)
اقرأ أيضاً:ماضي جنوب أفريقيا ومستقبلها