دروس الهدنة

29 يوليو 2015
يدفع اليمنيون الدماء في انتظار إنتاج تسوية (الأناضول)
+ الخط -
لم يصمد اختبار الهدنة اليمنية الثالثة سوى دقيقةٍ واحدة، كانت كافية لتأكيد أن الظروف التي قادت إلى إعلان الهدن السابقة، على مدى أشهر الحرب الطويلة، ليست جاهزة بعد، لذا قادت إلى نتائج سياسية وعسكرية معاكسة. الهدنة الأخيرة التي أعلنها التحالف العشري "بطلب من الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي" كان توقيتها مثيراً للاستغراب نتيجة التقدم الميداني لـ"المقاومة الشعبية" والجيش الموالي للشرعية جنوباً، ما جعل تفسيراتها تنحصر في سببين: محاولة تهدئة الغضب الشعبي بعد المجزرة التي ارتكبت في منطقة المخا، ووجهت الاتهامات للتحالف بالتسبب فيها، أو لوجود قنوات تفاوض سرية بين جماعة الحوثيين أو صالح.

اتجهت الأنظار إلى القاهرة بعد أن كان الحديث يدور حول وجود وفد من حزب المؤتمر الشعبي فيها يجري مفاوضات. لكن مجريات المعارك، يوم الاثنين، أوضحت أنه لا أمل في صمود الهدنة، ما يعني لا مفاوضات جدية أنتجت قراراً سياسياً يحميها. وهو ما يقود إلى ما يمكن وصفه بـ"الدرس الأهم": الحديث عن هدن مقبلة بلا أي جدوى، والمعارك لن تتوقف قبل التوصل إلى تسوية سياسية ووقف دائم لإطلاق النار.

الأهم أن هذا الأمر ليس، على الإطلاق، مقتصراً على إرادة الساسة اليمنيين أنفسهم، ولا ينبغي التعويل عليهم فقط، وخصوصاً في ظل رفع كل طرف لسقف أهدافه وتغليب منطق الإقصاء. بل التركيز يجب أن يكون على دفع الأطراف المعنية بالشأن اليمني وتحديداً السعودية وإيران إلى تفاهمات تقود إلى تسوية.

إن كان ضمان ليونة "يمنيي الرياض"، أمراً ممكناً في حال احتمال التفاهم بين الرياض وطهران، وخصوصاً في ظل وجود ذريعة "بناء على طلب هادي" في درج التحالف العشري، فإن القيام بالأمر نفسه مع الحوثيين والرئيس المخلوع أصعب، لكنه ليس مستحيلاً، وخصوصاً بعد ما أثبتته المفاوضات غير المباشرة بين الأميركيين والجماعة في سلطنة عمان. لكن الأهم يبقى حول طبيعة التفاهمات، وخصوصاً أنه من الخطأ الاعتقاد أن التفاهمات ستقتصر على وقف العمليات العسكرية، بل باتت أعقد وتشمل دور الحوثيين في المستقبل، ودور صالح، ومصير القضية الجنوبية، والأقاليم، وحدود دور كل طرف، ما يعني أن اليمنيين سيواصلون دفع المزيد من دماء أبنائهم في انتظار إنتاج تسوية لا تبدو قريبة.